بسبب الارتفاعات السعرية الكبيرة التي يشهدها قطاع النفط العالمي ، يجب أن تقوم الدول باتخاذ سياسات تكيفية لاستهلاك الطاقة ، هدفها ترشيد الاستهلاك في القطاعين المنزلي والأعمال ، وهذا الترشيد يجب أن يضمن حسن الاستخدام والأمثلية ، ولا يعني بالضرورة تقليل الكميات المستخدمة منه .
هذه الضرورة فرضها الارتفاع المستمر في أسعار البترول رغم أن الكثير من الدراسات تبين بأن ارتفاع أسعار البترول سوف يقلل من أداء النشاط الاقتصادي في الدولة ، وهذا التأثير سوف يكون على تكاليف الإنتاج خاصة تكاليف النقل ، والطاقة ، وأسعار مدخلات الإنتاج ، كما تؤثر سلباً على معدل التضخم ، وميزان المدفوعات ، وتخفيض مستوى الاستقرار الاقتصادي ، وزيادة حالة عدم التأكد .
برزت نظرة حديثة متفائلة تركز الدور الإيجابي الذي يتركه ارتفاع أسعار البترول وذلك بمحاولة تقليل استهلاك البترول ولما لذلك من تأثير على المناخ والبيئة ، ومن الناحية الاقتصادية سوف يكون عامل مساعد لترشيد الاستهلاك وتخصيصه وتحسين استخدامه بشكل أكثر كفاءة ، رغم أن بعض الباحثين يرى أن هذا التوجه يرتبط بتقليل الكميات المستهلكة وهو من شأنه تقليل معدل النمو الاقتصاديين .
لما لا والأردن يعتمد على استيراد البترول الخام بنسبة 100% ، ورغم ذلك فإن الأردن يمثل حالة الكثير من الدول غير المصدرة للبترول ؛ والتي لم تتأثر الكمية المستهلكة فيها بحالة ارتفاع الأسعار الدولية ، ولم تقم بتكييف معدلات استهلاكها البترولي (وهنا الطلب عديم المرونة) ، وذلك على عكس الدول المصدرة له والتي حاولت زيادة مستوى الكفاءة في استخدام البترول ؛ أي تخفيضه عند زيادة أسعار بيعه .
تبرز السياسة الحكومية في ظل التطورات السعرية الدولية الحالية في البترول ، في بعض القرارات الحكومية التي تعكس هذا الارتفاع على المستهلك النهائي للسلعة عبر سياسة تسعير المشتقات السعرية المثيرة للجدل ، رغم أن الحاجة تبرز أكثر في محاولة تخصيص الكميات المطلوبة من البترول ومن مصادر الطاقة عموماً بين الأهداف الاقتصادية وأولويات السياسة الاقتصادية العامة ومصادرها التنموية ، و الأكثر محاولة الاستفادة من أي انخفاض في السعر وعكسه في الطلب على مصادر الطاقة .
هذه الحالة التي يعيشها الاقتصاد الأردني هي امتداد طبيعي للممارسات الحكومية الخاطئة في مجال الطاقة ، وعدم وجود استراتيجية حكومية للطاقة تأخذ بالاعتبار سيناريوهات الارتفاع والانخفاض في الأسعار الدولية ، وتأثيراتها على القطاع الحكومي ، والمنزلي ، والقطاع الخاص ، كما أن الارتفاعات السعرية لم تغير العقلية الأردنية باتجاه اعتبار النفط سلعة نادرة يجب التعامل معها من منطلق الحاجة والأولوية .
الدكتور إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com