زاد الاردن الاخباري -
كتب أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنية الدكتور ليث نصراوين:
ينشغل مجلس النواب هذه الأيام بمناقشة البيان الوزاري لحكومة الدكتور بشر الخصاونة، الذي جرى تقديمه قبل انتهاء المدة الزمنية المحددة في الدستور، والتي هي شهر من تاريخ اجتماع المجلس الجديد. وبعد انتهاء مناقشات السادة النواب سيتم التصويت على البيان الوزاري، حيث تشترط المادة (53/6) من الدستور أن يصوت لصالح البيان الوزاري اﻷغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب، وذلك لكي تحصل الوزارة على الثقة على هذا البيان، وبعكس ذلك يعتبر بيانها الوزاري مرفوضاً.
إن آلية التصويت على البيان الوزاري قد خضعت لتعديل جوهري في عام 2011، حيث كان النص الدستوري السابق قبل التعديل يشترط أن يحجب الثقة عن البيان الوزاري الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب، وبخلاف ذلك كانت الحكومة تعتبر كأنها قد حصلت على ثقة المجلس النيابي. فالتصويت على البيان الوزاري بموجب النص الدستوري قبل التعديل كان يتم على عدم حجب الثقة عن البيان الوزاري، في حين أن التصويت بموجب النص الدستوري المعدل قد أصبح على منح الثقة للبيان الوزاري.
إن هذا التعديل الذي جرى إدخاله على نصوص الدستور الأردني يعتبر تعديلاً إيجابياً. فقبل عام 2011 كان يشترط أن يحجب الثقة عن البيان الوزاري الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب، بالتالي كان الغياب عن الجلسة أو الامتناع عن التصويت يعتبر لصالح الحكومة، وكان يفسر ضمناً على أنه دعم للحكومة لغايات الفوز بثقة مجلس النواب على بيانها الوزاري. فقبل عام 2011، كان الدستور الأردني يتبنى التصويت السلبي على البيان الوزاري، حيث كان من الممكن أن تحصل الحكومة على الثقة على بيانها الوزاري بصوت نائب واحد فقط وامتناع أو غياب عدد ك?ير من النواب، إذا لم يقم مجلس النواب بحجب الثقة عن البيان الوزاري بالأغلبية المطلقة لأعضائه.
وقد تنبه المشرع الدستوري لهذه المشكلة الإجرائية في عام 2011، فأصبح التصويت على البيان الوزاري إيجابياً، بمعنى أنه يجب أن يصوت (66) نائبا على الثقة بالبيان الوزاري، وإلا اعتبر هذا البيان مرفوضاً. هذا يعني أن النواب الذين سيغيبون عن جلسة التصويت في المجلس أو سيمتنعون عن التصويت سيكون موقفهم رافضاً للبيان الوزاري الذي قدمته الحكومة.
ومن التعديلات الدستورية الأخرى على البيان الوزاري في عام 2011، أن الحكومة التي كانت تشكل في ظل غياب مجلس النواب لم تكن ملزمة دستورياً بتقديم بيان وزاري لها، بل كان الدستور يجيز لها أن تعتبر خطبة العرش التي يلقيها جلالة الملك في افتتاح الدورة البرلمانية بياناً وزارياً لها. فكان مجلس النواب يقوم بالتصويت الفعلي على خطبة العرش، وهذا ما يفسر أن الحكومات السابقة كانت دائماً ما تحصل على ثقة مجلس النواب على اعتبار أن بيانها الوزاري هو خطبة العرش نفسها.
إن التعديلات الدستورية التي أدخلها المشرع الدستوري على البيان الوزاري تعتبر تقدمية، حيث أنها قد أزالت تشوهات إجرائية تتعلق بآلية التصويت ابتداء، وبإمكانية أن تتستر الحكومة خلف خطبة العرش لغايات الحصول على ثقة أعضاء مجلس النواب.
laith@lawyer.com