زاد الاردن الاخباري -
إن مصطلح "كورونا"، قبل أن يشتهر عالميًا كتعريف لجائحة تطور وتحور فيروسها التاجي المُستجد ليحصد أرواح الملايين حول العالم منذ نهاية عام 2019، كان اسما لمشروع عسكري أميركي سري تتألف عناصره من قمر اصطناعي مخصص للتجسس على روسيا إبان الحرب الباردة.
وبحسب ما نشرته "ديلي ميل" البريطانية، يتم حاليًا إعادة توظيف واستخدام لمخرجات المشروع العسكري بعد مرور عشرات السنين على انتهاء الحرب الباردة في الحصول على بيانات بيئية حيوية للغاية.
وفي إطار المهمة العسكرية الأصلية تمكن القمر الاصطناعي مليون صورة للمناظر الطبيعية للأرض خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، فيما يمثل كنزًا معلوماتيًا غير متعمد تمكن فريق من العلماء في استخدامه كـ"آلة زمنية" لمعرفة مدى تغير الذي طرأ على كوكب الأرض.
كما تتضمن مخزون البيانات عدد من اللقطات الفوتوغرافية بالأبيض والأسود من ستينيات القرن الماضي لموقع سد مستقبلي في تركيا، وبعد عقود، تظهر صورة كتلة كبيرة من المياه في وسط المنطقة.
تعد الصور أحد العناصر الرئيسية المهمة في مجال دراسة التحولات في التنوع البيولوجي، وتدهور الأنواع وتغير المناخ منذ أكثر من نصف قرن.
تم تدشين مشروع "كورونا" في الخمسينيات من القرن الماضي، عندما أصبح السوفييت قوة نووية بعد كشفهم النقاب عن مقاتلة عسكرية قاذفة للقنابل بعيدة المدى وصاروخ باليستي عابر للقارات.
وذكر ويليام أو ستودمان، القائم بأعمال مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية أنذاك، أنه في عام 1995، "نشأت (مهمة) كورونا في ... عصر كانت فيه الحقائق نادرة والمخاوف متفشية."
وتم تكليف مشروع "كورونا" بتشغيل قمر اصطناعي لأغراض الاستطلاع، مزود بكاميرا بانورامية، حيث قام بالتحليق فوق جمهوريات الاتحاد السوفييتي لالتقاط صورًا لما يدور على أراضيها.
في حين، قالت كاتالينا مونتينو، عالمة البيئة والجغرافيا في جامعة هومبولدت في برلين بألمانيا، في تصريح لصحيفة "ذا وورلد": تم تصوير اللقطات بواسطة كاميرا بانورامية على القمر الاصطناعي "من الفضاء على لفائف الأفلام، وتم إسقاطها بالمظلات إلى المجال الجوي للكرة الأرضية حيث تولت الطائرات العسكرية تلقفها في الجو قبل أن تهبط على الأرض حيث كان يمكن أن تستولي عليها المخابرات السوفيتية".
وحسبما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، بعد الانتهاء من تنفيذ 145 مهمة واستعادة ما يربو إلى 120 علبة فيلم صور فوتوغرافية، تم إيقاف برنامج "كورونا" في عام 1972 لأن الأقمار الاصطناعية الأحدث كانت قادرة على إرسال الصور مباشرة إلى محطات استقبال على الأرض.
وبعد ما يقرب من عقدين من الزمان، وقع الرئيس الأميركي بيل كلينتون على أمر تنفيذي يقضي برفع السرية عن صور الأقمار الاصطناعية، التي وصل عددها إلى حوالي 850 ألف صورة فوتوغرافية التقطت من عام 1960 حتى عام 1972.
بدوره، قال آل غور، نائب الرئيس الأميركي آنذاك، إن "هذه الأنواع من الصور هي التي تجعل حدث اليوم مثيرًا للغاية لأولئك الذين يدرسون عملية التغيير على كوكبنا".
وعلى الرغم من ظهور بعض صور الأقمار الاصطناعية على الصفحة الأولى من صحيفة "التايمز" بعد إصدار الأمر التنفيذي للرئيس كلينتون في عام 1995، إلا أن البرنامج ظل غير معروف نسبيًا للعامة.
هذا ويستخدم العلماء الآن صورًا عمرها عقودا مثل "آلة الزمن" لتحليل المناطق قبل أن يغير البشر أو تغير المناخ أو الطبيعة المشهد.
تُظهر صورة تم التقاطها بواسطة مشروع كورونا غابة في أرمينيا، ولكن بعد عقود، تظهر نفس المنطقة بقعًا قاحلة بسبب فقدان الغطاء النباتي، في حين تسلط صورة أخرى التقطها القمر الاصطناعي الضوء على قرية بوسليبي في جورجيا، والتي كانت جزءًا من مهمة الاستطلاع، واليوم، وسعت تلك القرية أراضيها الزراعية.
كنز للبيانات غير مُستغل وقال دكتور ليمبول، الذي يعمل حاليًا مع Royal Botanic Gardens في بريطانيا، لصحيفة "نيويورك تايمز": "في [مجال] علوم البيئة، نواجه جميعًا نفس المشكلة [المتعلقة بالمعلومات والبيانات]"، ولكن بدأنا في الحصول على بيانات جيدة وبشكل أفضل تعود إلى حقبة الثمانينيات أو التسعينيات.
كما أوضح أن "الفارق بين اليوم و[المراحل] بعد ذلك ليس كبيرا، إنما تم ملاحظة اختلافات هائلة عند مقارنة مع صور تعود إلى نصف قرن مضى".
وتشير صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنه على الرغم من أن العلماء لديهم إمكانية الوصول إلى الصور الفوتوغرافية، إلا أن كنز البيانات مازال "غير مستغل نسبيًا"، حيث لم يتم جمع سوى حوالي 90000 صورة من أصل 1.8 مليون.