* عبدالحميد الهمشري - بداية لا بد من التنويه إلى أن حل الجيش العراقي والفوضى التي آلت إليه الأمور بعد ذلك لهيمنة النزعات الطائفية عليه التي تخدم أجندات وأهداف شركاء العملية السياسية الطائفية ، ومصالح المحتلين من فرس وصهاينة وأمريكان دليل قاطع على أهداف الغزو المجرم على عراق العروبة القومي ، حيث لم يعد بإمكانه منذ تشكيلته التي رسمها الأمريكان واليهود الصهاينة والفرس حتى من حماية كوادره وقواعده العسكرية من خطر المليشيات الطائفية والداعشية التي تأتمر بأوامر الأغراب المحتلين بدعم ومساندة من كرزايات المنطقة التي مهمتها ترتيب الأوضاع في المنطقة العربية وخاصة في العراق لصالح بيت الدعارة السياسية في البيت الأبيض في واشنطن و10 داوننغ ستريت في لندن اللتين تكن قيادتيهما السياسية فيهما ، كل عداء للعراق القوي والقومي العراق العروبي بأوامر إيران والعدو الصهيوني بمظلة أمريكية ، والحاقدة على قيادته الوطنية التي جهزت جيشاً منظما مقداماً حال وجوده دون تمكنهما من فرض أجندتهما على المنطقة ،فكان هذا الجيش عامل توازن في الصراعات حال دون تمكين أعداء الأمة من صهاينة وعلوج وأعاجم من فرض إرادتهم على العرب ، حيث أنه كان إلى جانب جيش مصر قبل توقيع معاهدة الصلح والتطبيع الرسمي مع الكيان العبري الغالب للأرض الفلسطينية في العام 1978 م درعي الأمة من الطامعين ، ولما بقي جيش العراق وحكمه الوطني منفردا في الدفاع عن كرامة الأمة وحياضها ودرء الأخطار عنها بعد ذلك ، بدأت تحوم غربان الشؤم في المنطقة من صهاينة وأمريكان وفرس الترتيب لغزوه واحتلاله وتمزيقه وتدمير بناه التحتية ومؤسساته للعودة به إلى عهود الظلام الغابرة ، تماماً كما فعل المغول ، فهؤلاء أصبحوا يمثلون بحق مغول العصر.
حيث نفذ كرازيات المنطقة رغبات مغول العصر بفتح أراضيهم وأجواء بلدانهم لحشد جيوشهم الجرارة الحاقدة من برية وجوية وبحرية لتشديد الحصار الذي فرض عليه منذ عقدين من الزمان قبل الاجتياح ، وكانت الدرب الذي سلكه العلوج والأعاجم من فرس وأمريكان وإنجليز صهاينة في غزو العراق ، هذا إلى جانب تمكنهم من خلال ذيولهم وأتباعهم من خلخلة الجبهة الداخلية لإضعافها لتكون صيداً سهلا للمعتدين ، للنيل من قدرات جيش عملاق تصدى بقوة وثبات لهجمات المعتدين الذين جهزوا قدرات عسكرية هائلة للانقضاض على عراق العروبة ، ورغم ذلك كان بمقدور جيشها العظيم أن يسيطر على الهجمة الشرسة التي شنت عليه لولا غدر الغادرين بقيادة الكرزايات ، الذين قرروا أن يكونوا السند والعون للعلوج في احتلال البلد وفكفكة مؤسساته العسكرية والأمنية والاقتصادية ، وقبل هذا وذاك شرذمته طائفياً ليصبح حيل الشعب العراقي بين فئاته المتناحرة سياسياً وملتقى زعمائها على تحطيمه ، في ظل الصدمة التي حصلت باجتياح البلد عسكريا وتمزيقه سياسياً لصالح أعداء العروبة والإسلام من إيران وأمريكا وبريطانيا الذين لطالموا حلموا بعراق ممزق وضعيف لا يملك قدرة على درء الأخطار عنه والتدخل في شؤونه وإنهاء دوره المحوري في الذود عن حياض أرض العراق والأمة.. ومجريات الأحداث الشاهد الحي على الضعف الذي اعترى المنطقة العربية بعد احتلال العراق وحل جيشه الوطني واستبداله بجيش مهلهل تسيطر عليه عصابات تنتمي لإيران وللقوى المتحالفة معها من أعوان وذيول تخدم مصالحها في الهيمنة على أرض العرب وتتقاسم نفوذها مع الصهاينة تحت مظلة أمريكا هادمة الشعوب الحية وتطلعاتها نحو التحرر ونفض غبار العبودية ولتكون ذات دور قيادي وسيادي في عالم لا احترام فيه للضعيف.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا جرى استهداف الجيش العراقي وحكمه الوطني وفي هذا التوقيت بالذات ؟
الجواب يمكن تلخيصه بالآتي :
إولاً : مآثر الجيش العراقي الكبيرة والكثيرة في حسم الصراعات ، فقد كان وجوده رادعاً قوياً للانفلات الصهيوني نحو الأرض العربية في آسيا العربية ، حيث كان على قاب قوسين أو أدنى من إنهاء الحلم الصهيو غربي بإقامة دولة الصهاينة حين كانت حيفا على وشك تحريرها من العصابات الصهيونية عام 1948 لولا قيادته السياسية آنذاك التي حالت بينه وبين هذا الهدف ، وفي منع احتلال دمشق في حرب عام 1973 بعد أن ألحق خسائر جسيمة بقوات العدو الصهيوني وهذا باعتراف قادة جيش العدو ذاته وكان يعد العدة لطرد الصهاينة من الجولان السوري المحتل لولا إعلان وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه دون سابق إنذار ..
وخوضه حرباً ضروساً أنهت الخطر الفارسي في حينه استمرت لثمان سنوات ، وهذا ما أرهب قادة البيت الأبيض الأمريكي فبدأوا بنصب الشراك للعراق لإضعافه اقتصادياً تفقده القدرة على إدارة شؤونه والدفع نحو انهيار إمكانياته العلمية والتكنولوجية والعسكرية والأمنية ، ما يتهدد مواصلة مشاريعه التنموية والوفاء بالتزاماته نحو شعب العراق وبنية العراق .. فصيغت المنطقة أمريكيا وبتعاون كرزياتها لتدمير العراق واحتلاله تمهيداً لصياغتها لصالح العدو الفارسي الصهيوني .. فسادت بعد حله الدولة العبرية وتمكنت إيران من تنفيذ هلالها الشيعي في الأرض العربية من العراق و اليمن إلى سوريا ولبنان التي ستخرج منهما مرغمة ومنصاعة لرغبة الكيان الصهيوني .
ثانياً : وقف الدعم المطلق عن الشعب الفلسطيني حيث كان العراق في ظل حكمه الوطني وجيشه المقدام سنداً لهذا الشعب العربي مادياً ولوجستياً وقد أسهم احتلاله وحل جيشه بضعف الموقف الفلسطيني وتشرذمه إلى شطرين على الطريقة الباكستانية التي تحولت مع الزمن لدولتين كل شطر دولة حيث لم تنجح كل الجهود لإعادة لحمتهما حتى اللحظة وتمكن العدو الصهيوني بعون بيت الدعارة الأمريكي من قضم معظم أراضي الفلسطينيين في القدس والضفة الحزينة حيث سلب منها كما يقال الشحم واللحم ولم يبق لهم فيها سوى العظم مما سيشكل خطراً على وجودهم بها بعد أن سلب منهم موارد الحياة فيها .
ثالثاً : قبل كل ذلك حافظ حتى حله من قبل برايمر بأوامر من البيت الأبيض والآيباك الصهيوني الذي لم يغمض له جفن منذ إطلاق 39 صاروخاً نحو تل أبيب والمراكز العلمية الصهيونية في فغلسطين المحتلة حتى حل هذا الجيش الذي حافظ على وحدة العراق وحفظ حدوده من أي نسلل للمعادين من خلالها حيث وأد كل نزعة انفصالية في جنبات الوطن العراقي الواحد وأسهم في ذلك تكوينته الوحدوية التي أسس بها منذ البداية ، حيث شملت مختلف مكوناته دون النظر لنسب كل مكون .
abuzaher_2006@yahoo.com