... لا ادري ماالذي يفرح بعض أبناء الوطن من خطط انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي إن كانت الأخبار صحيحة ، وهناك من اختار للشعب الأردني من باب المداعبة لون الثوب المنوي ارتدائه لمماثلة أبناء المجلس في زيهم الشعبي ، وهناك من بدأ يدرس حاجة دول المجلس لبعض التخصصات والإعداد لها والاستعداد للسفر ! وهناك من أشاع أن إعادة العمل بخدمة العلم جزء من الإعداد !
انضمام الأردن لدول مجلس التعاون الخليجي سيكون انضمام مكره أخاك لا بطل لدى الجانبين ، أي أنها مرتبطة بمصالح الطرفين وتبادل المنافع فقط لا غير ، فالمسألة سياسية أمنية مجردة قد تفرضها ظروف وتحديات تواجه دول المجلس من مخاطر سطوة أو تدخل إيراني يحتاج إلى ردع عسكري من قوة متدربة معدة لمثل تلك المواجهات وأجهزة أمن استخبارتية رفيعة تتوافر لدى الجانب الأردني وتفتقدها دول المجلس ، وما يشاع أو يقال عن قواسم عديدة مشتركة بين دول المجلس والأردن فهي موجودة أصلا لدى جميع الدول العربية وبعض الإسلامية لم تكن في يوم من الأيام عامل جذب وإغراء لصانعي القرار في دول المجلس للتقرب من الأردن الذي عانى ما عاناه من تلك الدول سنين عدة بسبب الفهم الخاطئ لموقف الأردن من محاولات البعض إضعاف العراق وإسقاط نظامه قبل أن تتحرك أمريكا لتنفيذ الهدف ، حيث أدرك القادة ولكن بعد فوات الأوان أن موقف الأردن الرافض لإسقاط النظام العراقي وإضعافه قرار خاطئ لن يمنح دول المجلس الراحة والاستقرار بل انه سيمنح إيران وغيرها مساحات واسعة للتحرك والاقتراب أكثر والتدخل في شؤون دول المجلس وزعزعة استقرارها وهذا ما عبر عنه " الكتاب الأبيض " الذي صدر في عهد جلالة المغفور له الحسين بن طلال ابان الأزمة ولم تهتم بمخرجاته تلك الدول أبدا ، بل وان ما جرى وسيجري من تدخلات خارجية في شؤون دول المجلس كان معروفا لدينا في الأردن منذ الثورة الإيرانية عام 1979 ، الأمر الذي وضع دول المجلس أمام حاجة ضم الأردن بقدراته العسكرية والأمنية الرفيعة لكونفدرالية جديدة يجري الحديث عنها هذه الأيام تضم دول مجلس التعاون الخليجي أولا والأردن لاحقا .
لا يخفى على احد مدى استفادة الأردن من تلك الخطوة على الجانب الاقتصادي الصعب الذي يعيشه الأردن والذي عاناه طوال سنين عديدة لم تشفع الإخوة والتاريخ والدين وكل من يقول بالقواسم المشتركة بيننا من مساندة الأردن ودعمه من قبل تلك الدول ، بل وتركه وحيدا يعاني أزمات ما بعد حرب الخليج الثانية بسبب السياسات المغامرة لبعض الدول ، وشابت علاقاتنا جمود ونفور وتبادل خطاب إعلامي صعب ، لم تتناساه أو تتجاوزه تلك الدول ، بل أنها بدأت وقبل انضمام الأردن إلى المجلس بفرض الوصاية ووضع شروط تتعلق بتنحية وإسقاط شخصيات وطنية أردنية عن مناصبها الحالية التي يتولاها البعض من أبناء الوطن واستمرار اتهام هذه الشخصيات بأنها كانت على علاقة أدبية وأخلاقية وقومية مع نظام صدام حسين !! وقد يتعلق الأمر كذلك بشروط تعجيزية أخرى تتعلق بتخفيض مستوى نظامنا الديمقراطي والحزبي وحرية التعبير وهذا أمر لا يمكن للأردن وشعبه أن يتنازل عنه قيد أنملة رضي الحلفاء أو لم يرضوا !فالمسافات الديمقراطية إن صح التعبير بيننا واسعة كبيرة إلا ما خلا دولة الكويت وحدها !
الأردن بثرواته الكبيرة الممثلة بمواطنه وما يتمتع به من قدرات علمية وعملية نفاخر به العالم ، وبنظامه الملكي المعتدل والحكيم الناظم لوحدتنا الوطنية التي نعيشها بسلام ووئام رفيعين ، وكذلك في بعض ما تبقى من ثروات قبل أن يخصخص بعضا منها تيار الإصلاح المزعوم ، وفي حالة توفرت الإرادة السياسية لمحاربة الفساد وإغلاق ملفه لن نكون بحاجة لمن يلوح لنا بالرغيف ضمن شروط يفرضها علينا ، فنحن لسنا جائعين ولن نكون ، وحتى إن جعنا فالحفاظ على كرامتنا وحريتنا أسمى من كل ملايين الدراهم والريالات والدنانير !! والأشقاء في مجلس التعاون يعلموا جيدا كم كان تمسكنا شديدا بحريتنا وقرارنا القومي والإنساني المستقل رغم ما دفعناه من ثمن لم ولن يحيدنا عن تلك الثوابت والتوجهات ! فأهلا بأي وحدة تخدم عروبتنا وتحصن أمننا واستقرارنا ولكن بعيدا عن فرض الشروط ! فنحن الأقوى بثوابتنا ونظامنا واستقرارنا وانتمائنا للعروبة والإسلام والإنسانية جمعا !