المصالحة الفلسطينية
في حضن الثورة المصرية
يأبى القادة الفلسطينيون إلاّ أن يحمًلوا خصوماتهم ومشاكلهم للغير من العرب ليعينوهم في حلًها ويأبى ثوار مصر إلاّ أن يكونوا الحاضن لهؤلاء القادة خاصة بعد أن ثبت للعالم والمعتدلون كما يصفهم الأمريكان في مصر السابقة وحتى للمهرولون من الفلسطينيون نحو سلام زائف أن عملية السلام قد وُإدت ودفنت بسبب غطرسة ومماطلة القيادة الإسرائيلية التي لا تريد سلاما بل إستسلاما عربيا كاملا دون شروط وهذا قرار لا يمكن ان يتحمله أي عربي.
وبالرغم من ان التوقيع ولو بالأحرف الأولى على إتفاق المصالحة الفلسطيني كان مفاجئا جدّا للكثيرين لأنه لا يتماشى مع معظم السيناريوهات المتوقعة وخاصة لإسرائيل التي كانت تعتقد انها لم تستنفذ جميع التنازلات من قادة السلطة الفلسطينية وأن بإمكانها الحصول على المزيد بمساعدة أمريكا لتحقيق اهدافها في التهويد وبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى المبارك وقضايا القدس واللاجئين والمياه والحدود بالإضافة الى القضاء على ما تبقى من مشاريع الإستشهاد من أجل الحلم الوطني بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
إن لم يستسلم القادة الفلسطينيون للضغوط الخارجية وهذا ما نتمناه حتى إستكمال تحقيق المصالحة على الارض الفلسطينية ستكون هذه الخطوة على نفس الطريق الذي تسلكه الشعوب العربية حاليا في خلاص العرب من الفساد والدكتاتورية وعفن القادة المستبدًين .
ولكن المخاطر التي سيتحملها الجانب العربي المصري نتيجة مواقف الثوار حيال معبر رفح الحدودي مع غزّة أو ملف بيع الغاز المصري لإسرائيل أو الغموض في تداول الحديث عن إتفاقية كامب ديفد أو العلاقة المصرية الإيرانية إضافة إلى أهمية رجوع مصر إلى قيادة الحضن العربي وكل ذلك يزيد من عزلة إسرائيل في العالم وقد تشعر أن حدودها الجنوبية أصبحت غير آمنة بالمفهوم الأمني الإسرائيلي مما قد يجعل قادة الكيان الصهيوني أخذ موافقة الأمريكان لخلق مشاكل امنية للجانب والجيش المصري في هذه المرحلة الإنتقاليه في تثبيت النظام المدني للحكم الجديد ولو أدى ذلك إلى مغامرة عسكرية في سيناء خاصة في ظل الإضطرابات الحاصلة في سوريا وغيرها من الدول العربية وهدوء الجبهة الأردنية والفلسطينية.
إن التغيرات المتوقعة في الدول العربية والتي يدفع ثمنها الشباب والشعوب العربية من شهداء وجرحى ومقدّرات وطنية ستغير وجه الدول العربية وشعوبها امام العالم الغربي وسترفع جرعة الشعور بالعز والفخار في نفوس العرب وسوف لا يقبلون بعدها الظلم لهم ولأجيالهم القادمة وستكون خطوة هامّة في سبيل إسترداد الحقوق العربية ولنثبت للعالم أنّ الإرادة الحرّة هي أهم عنصر في قوة الشعوب وأنها السبيل إلى الحريّة والديموقراطيّة والقرار المستقل .
}إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}صدق الله العظيم
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 29/4/2011