لقد شكل التفجير الدموي الذي نفذه تنظيم داعش الإرهابي مؤخراً في العاصمة العراقية بغداد وبالذات في سوق شعبية تخلو من المقرات السياسية وتكتظ بالفقراء صدمة قاسية للضمير الإنساني ، من خلال ما شاهده العالم من بشاعة الجريمة والضحايا الناتجة عنها بالعشرات من قتلى وجرحى ، حيث شاهدنا بالصور مشاهد يتبرأ منها ديننا الإسلامي الحنيف وكافة الديانات السماوية على وجه الأرض ، حتى وصل الناس الى نتيجة حتمية بأن هذا التنظيم ليس له دين ولا مبدأ ، بعد أن أعلن صراحة ومن خلال بيان صادر عنه مسئوليته عن التفجير .
إننا حقيقة كمسلمين نخجل أمام العالم من هكذا أفعال بربرية تصدر عن فئة محسوبة على أمتنا وعقيدتنا وخاصة في بلد كالعراق غارق في الأزمات ولم يستعد بعد عافيته من الحرب على الإرهاب ، فهل بقيتْ أدنى رحمة في التعامل مع أعضاء هذا التنظيم من الوحوش المجرمين ، وهل بقي لدولنا العربية مبرر للسكوت على جرائمه بعد أن كشف عن هويته الحقيقية ونواياه الخبيثة ، ألم يحنْ الوقت لإعلان الحرب ضده وملاحقة كل الجهات التي تؤازره وتدعمه ، إننا نطالب جماهيرنا العربية بإعلان الحرب على هؤلاء الخوارج المرتدين الذين لا يدّخرون جهداً في قتل الأبرياء من البشر .
كما اننا ندعو الجميع سواء عراقيين أو عربا للوقوف جنباً الى جنب مع حكوماتهم في محاربة هذا التنظيم الشيطاني اللئيم ، وتوحيد صفوفهم ومتابعة كافة العناصر الخبيثة والمشبوهة داخل الوطن العربي التي تؤيد وتدعم هذه الجماعات التكفيرية المتطرفة ، لأن الأمة العربية والاسلامية قاطبة في غنىً عنهم ، ولا بأس كذلك من تخليص البشر منهم بإعلان الحرب عليهم ، لأنهم سببٌ في جلب الأذى والويلات لوطننا وأمتنا العربية والإسلامية ، من خلال تسترهم برداء الدين وعباءة الاسلام ، والإسلام منهم براء .
لقد بدأنا نلحظ مؤخرا تزايد عداء الناس لداعش ولكل الجماعات المتطرفة ، مما جعل هذا التنظيم في وضعٍ خسر فيه معظم مناصريه في كافة دول العالم وشعوبها ، وخاصة بعد تفجيره الأخير ببغداد ، حيث تشكلت منذ تلك العملية الإرهابية حالة هيجان عربي واسلامي مصحوبة بدعوات لضرب هذا التنظيم عسكرياً والقضاء عليه ، وملاحقة كافة الجماعات المتشدّدة المناصرة له في كل مكان ، كما لاحظنا مؤخراً تراجع الشباب المخدوعين بشعارات الجهاد عن فكرة السفر الى العراق وسوريا للالتحاق بداعش وبقية التنظيمات المتسترة بمسمّيات دينية وجهادية مختلفة .
ولعلّ الفتوى التي صدرت عن الأزهر الشريف قبل عدة أعوام عقب جريمة إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة ، دفعت أيضاً بكثير من الشباب المتحمسين لدعوات الجهاد الى التراجع عن الالتحاق بعصابات الشر من الدواعش ، حيث أكد الأزهر أنّ قتال تلك الجماعات واجب ومباح ، ويتوجب استخدام القوة المتاحة لمحاربة هذه الفئات المرتدة عن الاسلام ، حيث أكد الأزهر أن كل متعاطف أو ميّال لذلك الفكر الضّال يجب أن يُعامل معاملتهم ويُعاقب ويحارب ، كما دعا الأزهر أتباع داعش وبقية المتطرفين بالعودة الى الله تعالى والاستغفار عن ذنبهم بدلاً من العيش في غياهب الجهل والإجرام ، حيث لم تبق لداعش وزمرها الإرهابية بعد تلك الجرائم عزة وكرامة واحترام بين الناس ، ولن يجدوا بعد الآن مَن يؤيدهم ويشدُّ على أياديهم .