زاد الاردن الاخباري -
تعاني الموازنة العامة للعام الحالي المشاكل المزمنة ذاتها التي عانتها خزينة الدولة خلال الأعوام السابقة. فالعجز بالموزانة العامة (الموازنة المركزية وموازنة الوحدات المستقلة) يقدر بحوالي 2.64 مليار دينار بعد المنح، هذا العجز المالي سيفاقم من رصيد المديونية في نهاية العام المقبل بما قيمته مليارا دينار على الأقل مع توقعات بوصول نسبة الدين الى الناتج المحلي الى 116 %. أما إجمالي الإنفاق المقدر في الموزانة العامة (مركزية ووحدات مستقلة) فيتوقع أن يصل هذا العام الى 11.4 بزيادة مقدارها 6 % عن العام السابق.
إلا أن النفقات الجارية ستزيد عن الايرادات العامة للدولة بمقدار 955 مليون دينار، وهذا تشوه هيكلي بالموازنة علىى الحكومات معالجته، وذلك بأن تغطي الإيرادات العامة -على الأقل- النفقات الجارية للدولة (تشكل الرواتب ما نسبته (65 %) والنفقات التشغيلية (10 %) وفوائد الدين العام (17 %) من إجمالي هذه النفقات الجارية). إن تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاج يتطلب بالاساس زيادة الإنفاق الرأسمالي، لنتمكن من الانتقال تدريجياً من مفهوم الدولة الريعية الى الدولة الانتاجية، وهذا ما يصعب البدء به بموزانة نسبة النفقات الجارية بها الى مجموع النفقات العامة تقارب 88 %، فيما تبلغ نسبة النفقات الراسمالية الى مجموع النفقات العامة 12 %، أما نسبة المشاريع الجديدة في الموازنة فتبلغ 2 % حيث لم تتجاوز 170 مليون دينار!
لمواجهة الظرف الوبائي فقد جرى تخصيص مبلغ مقدر بسقف (165) مليون دينار لتمويل النفقات الصحية لمواجهة جائحة كورونا. أما على صعيد الحماية الاجتماعية فقد تمت زيادة مخصصات صندوق المعونة الوطنية بنسبة 38 % اضافة الى رصد المخصصات المالية لدعم الجامعات وصندوق الطالب المحتاج ورصد مخصصات المالية لدعم العاملين في القطاعات المتضررة. ولتحفيز القدرة الشرائية للمواطن اكتفت الحكومة بتثبيت كل الزيادات والعلاوات على رواتب العاملين المدنيين والعسكريين. أما على جانب التنمية الاقتصادية فقد تمت زيادة الانفاق الرأسمالي بنسبة (24.5 %) مقارنة بالعام الماضي، لكن هذه الزيادة لا تشكل إلا ما نسبته 12 % كنسبة من مجموع النفقات العامة.
بالنظر الى موازنة التمويل، والتي تتضمن إجمالي الايرادت التي تحصلها الحكومة، والمبالغ التي سيتم إنفاقها والديون التي يجب سدادها، سنرى أنه من المقدر أن تقترض الحكومة داخلياً هذ العام نحو 4.7 مليار دينار أردني، وهذا ما سيشكل مزاحمة للقطاع الخاص على الاموال التي يمكن أن يقترضها بهدف تغطية الاحتياجات التمويلية. أما بالنسبة لفوائد الدين العام التي سيتم تسديدها العام 2021 فزادت بحوالي 200 مليون دينار عن العام الماضي لتبلغ لهذا العام 1.45 مليار دينار أي ما نسبته 18 % من الايرادات العامة و15 % من النفقات العامة.
قد تكون جائحة كورونا وما رتبت من تبعات اقتصادية فرصة هامة لإعادة صياغة السياسة الاقتصادية محلياً، وتحديد مصادر جديدة لتحفيز النمو الاقتصادي، فالواقع الاقتصادي المتراكم خلال السنوات الماضية يصعب تغييره بهذه الظروف الصعبة ومن خلال مشروع موزانة مثقلة بعجز مالي كبير، ومديونية مرتفعة، ومعدلات نمو منخفضة، وتشوهات هيكلية بالموازنة. لكن على الحكومة التعامل بواقعية أكبر وإعادة النظر في النسب والارقام التي بنيت عليها الموزانة، فقد قدرت الحكومة حجم المساعدات بتحفظ شديد لهذا العام ب577 مليون دينار، ولم تكن بالتحفظ ذاته على صعيد نسب النمو!!