زاد الاردن الاخباري -
التراث ثروة كبيرة يحرص الكثيرون على التمسك بها؛ حفاظا على الآداب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية.
والمأكولات جزء ثري من هذا التراث، تعيد للأبناء ذكريات الآباء والأجداد، وتضفي طابع البساطة على مجريات حياتهم، التي يستعيدون بها الماضي.
و”الرشوف” طبق أردني يشتهر به أهل البادية، ويختص بالشتاء، وتنم فكرة تحضيره في هذا الفصل عن خبرة ودراية لأهل الزمن الماضي؛ لما يحتويه من عناصر غذائية تبعث على الدفء وتمنح الطاقة.
يتكون “الرشوف” من لبن الجميد والعدس والجريش (القمح) والحمص والخبز البلدي (الشراك/ مصنوع على الصاج) مع السمن العربي.
وهذا هو طبق بدو الأردن الرسمي خلافا لـ”المنسف” المشهور، المتعارف عليه في باقي مناطق المملكة، وهو يقدم ساخنا.
وفي السابق كان يُطبخ في العزائم والدعوات للأصدقاء والأقارب، ولا يرتبط إعداده بوقت محدد، ولكنه يكثر في فصل الشتاء.
** مكونات منزلية غنية
أريج تليلان، مديرة مركز تعليم الشباب والكبار في محافظة المفرق (خاص- شمال شرق)، قالت إن “من المسارات التعلمية التي نهتم بها كثيرا هو توثيق التراث الأردني”.
وتابعت أن “ذلك يتضمن بيت الشعر (خيمة مصنوعة من شعر الماعز وصوف الأغنام) وخزانة خاصة للأزياء الشعبية، ومطبخ إنتاجي متخصص بالأكلات الشعبية ذات الامتداد التاريخي في عمر الدولة الأردنية، والتي من ضمنها الرشوف”.
وقال ضيف الله القلاب، أحد وجهاء عشائر البدو في الأردن، إن “الرشوف ما يميزه أن كل مكوناته إنتاج محلي، ولا تحتاج لشيء من خارج المنزل”.
وأردف: “فيه كل ما يحتاجه الجسم من عناصر، وقد كانت وما زالت وجبة رئيسية عند البدو”.
واستطرد: “الرشوف كان يسميها والدي التريد، وفي كل أسبوع أقول أريد وجبة أبي، وهو حال معظم أهل البادية الأردنية”.
وزاد بأنه “عندما يأتينا ضيف من خارج الأردن، فإنه يطلب هذه الوجبة وليس غيرها، وإعدادها للضيف دليل محبة ومعزة، وتزكية النفس الطيبة”.
ودعا “القلاب” إلى التمسك بتراث الآباء والأجداد، واصفا إياهم بأنهم “هم الأصل وهم من رسموا لنا أسلوبا ومنهجا في التعامل مع كل الجوانب، خاصة الأكل السليم والحرص على إكرام الضيف”.
** “القرع” تكريما للضيف
فيما زاد سالم الدهام، مدير الهيئات الثقافية في وزارة الثقافة، قائلا “كان من المكملات لطبق الرشوف في الماضي نبات القرع”.
وأردف : “إضافة القرع على طبق الرشوف نوع من المكملات التي تضاف إليه تكريما للمدعو، وكأن الداعي ذبح له شاة”.
ومضى قائلا: “كان البدو يأخذون هذا النبات معهم في حلهم وترحالهم باعتباره جزءا من طبق الرشوف، فضلا عن أنه يفي بواجب تكريم الضيف إذا ما كان المعزب (المضيف) ليس ممن يملكون الماشية، أو كان فقيرا معسرا، فضلا عن أنه طعام سريع في حال كان الضيف على عجلة من أمره”.
وأوضح أن “من يقدم الرشوف مع القرع، فقد أدى ما عليه من واجب الضيافة، ولا يجب أن يعتذر عن التقصير”.
أما زميلته ديالا كساب من قسم النشاطات التراثية في وزارة الثقافة، فنوهت في حديثها بأنه “ما زال الناس يحافظون على هذا الطبق، ويتناقلونه من جيل إلى جيل، ونتيجة لذلك قمنا بنشر طرق تحضيره، مع توضيح اختلافاته من محافظة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر”.
وتابعت: “حفاظا على استمرار تلك الأطباق التراثية، فإن الوزارة تقوم بتنظيم العديد من المهرجانات والأيام الثقافية وتفرد جانبا للأطعمة التراثية، والتي يكون الطلب الأكبر فيها على الرشوف، بل تعدى الطلب عليه إلى السياح الأجانب في أحد الفعاليات بمحافظة مأدبا (وسط)”.
في الأردن أربع ثقافات فرعية: البادية والريف والمدينة والمخيم، ويشتهر كل منها بعادات وتقاليد خاصة تميزه عن غيره، والأطباق هي جزء من هذا التباين، ولا يوجد طبق بعينه يمكن تسميته الطبق التقليدي الوحيد لجميع الأردنيين.
الأناضول