زاد الاردن الاخباري -
لا يندرج الهجوم الذي تعرض له ديوان الخدمة المدنية ككيان مؤسسي ناظم للحقوق في مجالات التوظيف والعدالة بين الاردنيين في جلسة مجلس النواب التي عقدت اخيرا، ضمن الاطر والنظم المتبعة في الاداء النيابي عموما، وللاسف فقد انطوى على تقولات بدأها نواب ، وجرت آخرين لسيل اتهامات، وان مست نزاهة الديوان كمؤسسة عموما، فعي جرحت كذلك نزاهة العاملين فيه كافراد، كان الواجب التروي حيال مايطلق تجاههم ، فباتت جزئية الجلسة النيابية المتصلة بالتعيينات أقرب للفزعة ، التي جرّت غضبة نيابية قائمة على اتهامات مبهمة طالت الديوان واداؤه بالعموم.
لايخفى ان التعيينات الاخيرة في القطاع الطبي على كثافتها ، كانت مطلبا شعبيا ،متبنى نيابيا، وفرضته جائحة كورونا، وكان الاستعجال سمة الإجراءات، بغية التعامل مع إيقاع واقع فرض نفسه بقوة، واحتاج تدخلات سريعة نقطة الاشتعال فيها ديوان الخدمة ، وقوائم المترقبين ادوراهم في جداوله من المتعطلين عن العمل، وحالة طبيعية ان يلازم العجلة خطأ هنا واخر هناك ، مما هو قابل للتصويب ضمن الامر التشريعية ، لكن لم يكن محبذا ، ان يعمم الخطأ الفردي، او البشري- ان وجد - ليمس سرعة وسلامة ونجاعة الإجراءات التي تمت، ولامستها الدقة قبل كل شيء، عبر اتهامات بجمل شعبوية أطلقت بالعموم دون التعرض لحالات التجاوز او تحديدها وايضاحها، فبدا المشهد صراخا في فضاء المجلس دون نتيجة ، واقرب للتشويش على الديوان كمؤسسة منه الى حقائق موثقة تدين سلامة اجراءات الديوان وتعييناته.
المفارقة في المشاهد الاستعراضية ان لا أحد من النواب، سعى للممارسة المقرة تشريعا عبر السؤال والجواب ، الممكن ان تتحول إلى استجواب، بل ان الطامة الكبرى أن كل من كالوا التهم للديوان بالخرق للنظم والتشريعات في التعيينات، اغفلوا حقيقة
ان رئيس الديوان بادر طوعا وبكتاب وجهه لرئيسي هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وديوان المحاسبة ، وامين عام مجلس النواب يطلب فيه تشكيل لجنة للتحقق بما اورده النواب من معلومات خلال الجلسة، التي كيلت فيها اتهامات بوجود شبهات بالتزوير والتلاعب بالاحقيات التنافسية للمرشحين .
مبادرة الديوان ورئيسه بلجان التحقق، او التحقيق، لاشك تعكس الحرص والالتزام بالاحقيات التنافسية التزاما تاما ومؤسسيا تمشيا مع القيم المؤسسية التي تحكم ثقافة الديوان، المتمثلة بالعدالة والنزاهة وتكافؤ الفرص ، وفيما كنا كمراقبين نعول على تثمين نيابي لها ، ينعكس اجراءات تضع الامور بنصابها الصحيح، الا ان النواب اغفلوا ذلك ، وسط استمرارية اداء الفزعة بالخطب الرنانة، التي تدغدغ مشاعر ربما من هم اعتبروا انفسهم متضررين من التعيينات فرديا، لتكون حجة وذريعة لبعض النواب ، ان ادينا ماعلينا ، وان لم يفض لنتيجة فهو حرك مياها راكدة ، عكورتها شوهت اداء من سعوا لتحقيق قواعد الدقة ما امكن في التعيينات المستعجلة.
اما وقد انفضت الجلسة ، فلا بد أن ما ظهر من تجاوب لديوان الخدمة ورئاسته مع الجلبة النيابية ، فهو عكس انفتاحا على السلطة التشريعية، وكان من الواجب من الاخيرة التعاطي مع هذا الانفتاح، بإيجابية بعيدة عن الطعن بالمؤسسات الوطنية دون دلائل او وثائق مدعمة، سيما وان مجلس النواب الوحيد الذي يمتلك الصلاحيات والقنوات بالاستفسار واحقاق الحق ، وإزالة اي شوائب تعلق بأداء اي من المؤسسات ، لكنه للأسف لم يفعل..