يبدو أن مجموعات \"فيس بوك Facebook Groups\" التي تجمع مئات الآلاف من المصريين على رأي واحد وخصوصاً الآراء المعارضة قد أزعجت السلطة في مصر وأصابتها بالأرق، فقد أصدرت لجنة الفتوى في الأزهر فتوى شرعية بتحريم الدخول إلى موقع \"فيس بوك\" واعتبرت زائريه آثمين شرعاً، بحجة أن حالة من كل 5 حالات طلاق سببها اكتشاف الزوج أو الزوجة وجود علاقة مع طرف آخر عبر موقع فيس بوك.
قد يكون السببُ المُعلَن مُقنعاً للبعض، إلا أنني أجزم بأن الحملات الناجحة التي يقوم بها النشطاء المصريين وغيرهم عبر موقع \"فيس بوك\" لمناهضة الفساد الحكومي والقرارات السياسية التي لا تخدم إلا مصالح خارجية هي السبب وراء إصدار هذه الفتوى خصوصاً في هذا الوقت الذي نشهد فيه انقطاعاً في الإتصال بين الشعوب وبعض الحكومات العربية.
من الجدير ذكره أن العديد من الحكومات الغربية وبعض الرؤساء لجأوا إلى \"فيس بوك\" لزيادة شعبيتهم وخير مثال على ذلك الرئيس الأمريكي \"باراك أوباما\" الذي فتح المجال، عبر \"فيس بوك\" لأي مشترك أن يسأله ما يشاء، ويقوم أوباما بالتشبيك معهم والرد على أسئلتهم بل ومناقشتهم، بالرغم من آلاف الحملات \"الفيس بوكية\" المناهضة للسياسة الأمريكية والتي تصف \"أوباما\" بالضعيف.
هنا يكمن الفرق بين العقل العربي والعقل المتفتّح، إذ تلجأ الحكومات العربية إلى قمع مثل هذه المواقع بدلاً من الإستفادة منها لتبرير قراراتها كما يفعل \"أوباما\" و \"نتنياهو\" على سبيل المثال، والعجيب في الأمر هو تجنيد \"عُلماء السلاطين\" بإسم الإسلام لتحريم هذه المواقع بحجة دينية مما يعني توريط الإسلام في تهمة قمع الحريات، الأمر الذي يصب إيجابيا في المصلحة \"الشخصية\" للحكومات العربية على حساب الإسلام.
نقطة أخرى، إذا قامت الحكومة المصرية بحجب موقع \"فيس بوك\" فإنها ستتعرض إلى مقت شعبي داخلي وتوبيخ عالمي لأن قمع الحملات الإلكترونية المناهضة للنظام ليس سبباً مقنعاً لحجب \"فيس بوك\"، وهنا كان لجوء الحكومة المصرية، كالعادة، إلى فتوى أزهرية بتحريم \"فيس بوك\" تجنباً لأن يكون، ظاهرياً، قراراً حكومياً مباشراً.
من خلال قراءتي لكواليس الأخبار الإقليمية والعالمية، أرى أن فتوى الأزهر هذه أكدت لي وللكثيرين أن صلاحية عقول الأزهريين قد انتهت لحظة وفاة الشيخ الشعراوي، والعاقل لا يأكل طعاماً فاسداً، لذا أدعو شيوخ الأزهر أن يتعقّلوا قليلاً ويغلقوا \"دكاكينهم\" كسباً لآخرتهم التي ستكون مروّعة إن بقوا على هذا المنوال.
أتساءل، لو كان الشيخ الشعراوي رحمه الله على قيد الحياة الآن، هل سيجرؤ أزهريٌّ وخصوصاً شيخ الأزهر على مجرد التفكير بمثل هذه الفتاوى؟
كفاكم تشويهاً للإسلام، فلو كنتُ مسيحياً أو يهودياً وعلمتُ بما تقولون وتفعلون لما فكرتُ أبداً أن أعتنق الإسلام.