مسؤولية الشعب العربي اتجاه مصر الثورة
حسان الرواد
قطعة ملابس داخلية مستعملة...!! تعود إلى لاعبة تنس روسية يشتريها أحد أثرياء العرب ب30 ألف دولار أمريكي فقط, ليرضي نفسه الشاذة المريضة... فتخرج بعد ذلك نفس اللاعبة الروسية لتتبرأ من هذا السلوك المنحرف غير المسؤول, معبرة عن دهشتها بالمبلغ الكبير الذي دفع فيه...؟؟
قبلها وفي إحدى الدول الخليجية جرى مزاد علني لحذاء اللاعب الذي أدخل الهدف (التاريخي) الوحيد لمنتحب بلاده في المشاركة الأولى والأخيرة لتلك الدولة ببطولة كأس العالم...علما بأن منتخبها الميمون قد تلقى ما يزيد عن عشرة أهداف بكل فخر..على كل هذا الحذاء والذي تجاوز قياسه الخمسين .!! قد بيع بما يزيد عن 170 ألف دولار أمريكي...ليعلقه من اشتراه بعد ذلك في صدر ديوانه العامر...
هذه الحكايات هي عينات صغيرة جدا لما هو أكبر من تلك السخافات بكثير وتدل على البذخ المفرط غير المسؤول لملايين الدولارات التي تنفق عبثا وسخرية, كما ويصرُّ هؤلاء القوم على إبقاء الصورة المشوهة للإنسان العربي المسلم في حين أن دولا عربية وإسلامية أخرى تحتاج إلى هذه الأموال ليس استجداءً ومنّة, بل استثمارا وتجارة فربحا وفيرا...بدلا من ذهابها على الملابس الداخلية المهترئة...
مصر الدولة العربية الكبيرة في كل شيء مصر الثورة التي زينت وغيرت صورة الإنسان العربي السلبية في العالم أجمع بفعل شعبها وشبابها, فعلموا الدنيا كلها درسا في الحضارة والرقي والانتماء والتضحية, مصر اليوم تحتاج لوقفة العرب الشرفاء معها من أجل أن تتخطى العجز المالي الذي يقيدها والمديونية الكبيرة التي خلفها نظام حسني الفاسد البائد لا بارك الله فيه, مصر التي في قوتها قوة لكل العرب والمسلمين بما فيهم دول الخليج العربي ومن تباكى منهم على نظام مبارك البائد متجاهلين مشاعر الشعب المصري بأكمله ...
نعم, مصر الثورة ليست مصر الأمس, ويستغرب المرء اليوم من ردة فعل دول الخليج العربي من زيارة رئيس وزراء مصر عصام شرف والاستقبال الفاتر له, بل ورفض إحدى الدول استقباله بحجة انشغال مسؤوليها... والسؤال الأبرز لماذا.. ولمصلحة من ؟؟ بالتأكيد لا يتعلق الأمر بعلاقة مصر مع إيران..بل هناك من يريد لمصر الثورة أن تنحني مرة أخرى للسيد الأبيض كما كان الحال في زمن مبارك..فجاء الضغط من خلال دول الخليج والاستثمارات العربية التي تطمح لها مصر من أشقائها...
ليس مستغربا على المصريين اليوم بعد أن ذهب جل اللصوص أن يتدافعوا ويتكاتفوا من أجل إخراج بلدهم من الأزمة المالية والعجز الذي نتج عن توقف عجلة الاقتصاد المصري وتأثره أيام الثورة, ويبدو أن المصريين وهم أهل العلم والثقافة يدركون التحديات التي تواجههم, ولن يسمحوا أبدا ومهما كانت الأسباب بعودة مصر للوراء ولن يتركوا الدور القيادي المناط بمصر, ولا أن تعود مصر أسيرة الدول الكبرى الدائنة والداعمة سابقا لها, من هنا فقد تعالت الأصوات من المثقفين وأهل العلم بضرورة دعم اقتصاد بلادهم, وفي هذا السياق دعا الشيخ يوسف القرضاوي المصريين أن يتبرعوا بأموالهم التي خصصوها هذا العام للحج والعمرة وتقدر بملياري دولار وأفتى بجواز ذلك, ثم وفي مشهد آخر دعا الشيخ محمد حسان المصريين للتبرع من أجل جمع 200 مليار دولار لفك أزمة مصر ومديونيتها لقطع الطريق على الدول التي تتبرع فتمنُّ فتحشر أنفها وتتدخل في تفاصيل الحياة المصرية...وعلى ما يبدو أن هذا هو الحل الأمثل للمصريين..بعد ما رأوه من دول الخليج العربي التي ظنوا بها خيرا...
أما نحن العرب من شعوب وأحرار فتقع علينا أيضا مسؤولية دعم الأشقاء في مصر من خلال دعم الصناعات المصرية وإعطائها الأولوية بعد الصناعة المحلية...كما أن من يبحث عن السياحة الخارجية فلا أظنه سيجد جمالا وسحرا كما هو موجود في مصر فمن مصلحة الشرفاء والأحرار العرب أن تكون مصر حرة وقوية, , كما وأهيب هنا بكل من له علم ودراية بالمنتجات المصرية في الأسواق الأردنية أن يقوموا بنشر قائمة بها ليتم الترويج لها والتشجيع على شرائها, فهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لمصر العروبة وعلينا أن لا نبخل عليها أبدا؛ لأننا لا نريد لها أن تنحني إلا لله.
rawwad2010@yahoo.com