تربية الإبنة اقسى من تربية النفس
إن أصعب الجهاد على الإنسان هو جهاد النفس لما في هذه الحياة من مغريات ولما للشيطان من وسوسات وأساليب ولما في النفس من غرائز وإحتياجات ولما في العمل والبيت من نكد ومنغصات .وحيث انه في هذه الازمان رابطة الروح مع العقيدة بها إختلالات سببها النفس البشرية بينما رابطة الجسد مع ما حوله تملؤها حلو الإنفعالات والمغريات فإنه من السهولة أن يستولي الشيطان على عقول البشر وأفئدتهم ويحرًك فيهم الغرائز نحو الشر والفساد بأشكال جميلة خاصة في ظل غياب الوازع الديني والأخلاقي عند الفرد لذلك جهاد النفس هو الأصعب والأقسى على النفس والقلب معا لتقويم النفس ووضعها على السكّة الصحيحة .
ومن يهبه الله إبنة تكن له جنّة وسعادة أو تكن له جهنم وعذابا في الدنيا إلا من رحم ربًي .
وتبدأ تباشيرذلك من ولادتها فقد تكون يسرة لها ولوالدتها وفرحة لوالدها واهلها أو قد يكون حملها متعبا وولادتها عسرة ومكلفة وفي مرحلة الرضاعة والطفولة تكون هادئة ومبتسمة ومرحة ويحلوا ملاعبتها ومداعبتها وسريعة التجاوب خالقة السرور والحبور لمن حولها يشتهي الأهل رؤيتها وحملها تتقبل التوجيه والإرشاد بكل حب ورغبة وتتعلم النظافة والمشي والكلام بكل سهولة خجلها جميل وجرأتها اجمل قبولها روعة وعنادها اروع .
وإما ان تكون طفولتها مملّة وملاعبتها عقابا وتنظيفها ومشيها وكلامها هم وغم نكدية الطبع بكائة على الدوام وتهوى ان تحمل لا تعرف النوم إلا عند صحيان الاهل وتبقى صاحية منكدة عند وقت نوم الاهل فيها من السلوك والصفات ما ينفًر .
وفي مرحلة ما قبل المراهقة تبدأ في تعلم وتقلد بعض الإجتماعيات من الوالدين والبيئة المحيطة فإما ان تكون مجتهدة في دروسها طيبة في طباعها أنيقة في مظهرها بسيطة غير متكلفة ولا متصنعة المظهر والجوهر مطيعة لوالديها ومحترمة لهم وتحب لهم الهدوء
وإما ان تكون كسولة إتكالية منزوية غير اجتماعية متكلفة ومتصنعة في كلامها ولبسها ومظهرها لا تسمع من والدتها وتنصت الى صاحباتها لا تمانع ان تاخذ ما تشاء دون إستأذان ولا ان تتغيب دون إعلام أو إخطار غرورها سبب في مرضها وسوء تصرفاتها وعدم انصياعها لأهلها سبب تعبها مستقبلا .
وبعد ففي مرحلة المراهقة يحصد الانسان ما زرع وحرث فتظهر بذور التربية الصحيحة
فإما ان تحافظ الأبنة على جمال روحها وعفة نفسها وتفوق تحصيلها ودماثة خلقها وركازة تصرفها وحسن إختيارها لصديقاتها واناقة وبساطة لبسها وحبها لأهلها وحب اهلها وصديقاتها لها وتكون قد سلكت طريق السعادة بإذن الله .
وإما ان تكون جمرة توتر في البيت جالبة المشاكل لأهلها مسببة المرض والتوتر والحرج لوالديها منصاعة لصاحبات السوء مهملة في واجباتها البيتية والدراسية غير بارة بوالديها ولا محترمة لإخوتها وغير ابهة بسمعة والدها واهلها وتكون قد فقدت السيطرة على نفسها وتحركاتها وعجزت عن تحديد أهدافها وابتعدت عن رحمة ربها وغفرانه وقد يستفحل مرض الشيطان بها فتكون قد جنت على نفسها وسببت الالم لوالديها.
وهكذا قد تكون تربية الإبنة أصعب كثيرا من تربية النفس وذلك القصور ليس فقط من الإبنة وحدها فيتحمل الوالد نسبة غير قليلة من المسؤولية وعليه أن لا يميز في الحقوق بين الذكر والانثى وكما تتحمل الأم نسبة كبيرة من ذلك الضياع للبنت إن لم ترشدها وتصادقها وتكون هي المرجع لها في شؤون حياتها .
أما بعد إجتياز الإبنة سن النضوج وإكمال تعليمها الجامعي يصبح لا حجة لها لأن تخطوا طريقها بنفسها وتضع قدميها على ارض صلبة وخطوط صالحة متسلحة بشهادتها وعقلها تتوخّى رضى الله ورضى والديها وتحقق ما كانت تحلم به في كل سنين عمرها حلالا زلالا لها حتى يرزقها الله بشريك حياتها لتصنع أسرة صالحة في مجتمع واعد بدلا من أن يسحقها الزمن الغادر ويضيعها الشيطان الخاسر وتفقد رضى الله والوالدين .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15)﴾صدق الله العظيم
﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾. صدق الله العظيم
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها، فسألتني فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها، فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئا، ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته حديثها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار.
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 1/5/2011