الأردن ومجلس التعاون الخليجي
د.احمد عارف الكفارنة
لم يكن طلب الأردن الانضمام إلى منظومة مجلس التعاون الخليجي وليد الصدفة فلقد سبق الطرح الحالي طلب المغفور له الملك الحسين والذي أيده المغفور له سمو الشيخ زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة والذي يتمتع بالأصالة والمواقف الوطنية الصادقة وقد ابدي كل الاهتمام والترحيب بهذه الفكرة .إن إعادة الطرح والترحيب من قبل الأشقاء في الخليج حاليا جاء بعد إدراك أهمية الدور الأردني ومقدرته على المساندة و تمتين الحالة الأمنية هناك , حيث أن الأردن هو الأقرب إلى الحالة الخليجية من أي دولة أخرى .فعلى سبيل المثال ,ما حدث في البحرين الشقيقة من مظاهرات واعتصام ومطالب إصلاحية وتمرد يختلف عما حصل في أي دولة اختلافا جذريا , فالحركات الإصلاحية التي قادها الشباب في بعض الدول العربية تختلف اختلافا كاملا عما جرى في البحرين ولنكون أكثر صراحة ووضوحا فإن ما حصل في البحرين هو بداية لتحريك العبث ا لطائفي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى من اجل افتعال حرب خارجية وربما احتلال دولة مثل البحرين تحت حجة حماية ألطائفه الشيعية هناك . لقد أدى احتلال العراق إلى تأثير سلبي على امن الخليج فلقد تمددت إيران في العراق مما أعطى دفعه قوية لإثارة النعرة المذهبية ومن هنا أصبح شبح الطائفية يطل ويلقي بظلاله على تماسك ووحدة أقطار الخليج العربي .
ولا بد من الاعتراف أن دول مجلس التعاون الخليجي تصنف بالمعايير الإستراتيجية من الدول الضعيفة التي لا تستطيع أن تعتمد على نفسها في مواجهة التحديات الكبيرة والتي لم تتمكن من اتخاذ أية مواقف مؤثرة تذكر على مستوى الصراع التقليدي فكيف يكون الموقف اتجاه الصراعات الدولية! ولهذا نجد إن معظم الصفقات العسكرية للأسلحة التي تعقد تجري ضمن شروط والتزامات تضعها الدول ا لمصدرة أو المصنعّة , ومن هنا يمكننا الاستنتاج أن دول الخليج هذه تفتقر إلى التطور ا لواضح للمذاهب لعسكرية والقتالية , فهي لم تخوض حربا نظامية أو حرب عصابات كي يتسنى لها تجريب مفرداتها العسكرية وان استثنينا السعودية من هذه المعادلة , بالرغم من وجود ترسانة ضخمة من احدث الأسلحة المكدسة في مخازن هذه الدول إذ بلغت فاتورة عقود التسليح أكثر من63 مليار دولار سنويا والتي تمثل ما نسبته 30 %من إجمالي نفقات التسليح في العالم . إن الأزمات والصراعات التي شهدتها منطقة الخليج العربي منذ الحرب الإيرانية- لعراقية و واعقبها احتلال الكويت واحتلال العراق وأزمة الملف النووي الإيراني والحركات الإرهابية تؤرق دول الخليج وأدت إلى عدم الاستقرار الأمني في المنطقة وهذا بالتالي أدى إلى مغادرة العديد من المؤسسات الاستثمارية والمصرفية والشركات الكبرى المنطقة .
إن إيران التي قدمت نفسها كنموذج جديد للدين الإسلامي باعتمادها نهج ولاية الفقيه لها تأثير واضح في أمن الخليج من خلال تقديم الهوية الطائفية على الهويات الأخرى في منطقة الخليج العربي ومن هن جاء استنادها إلى أرث الماضي من خلال تمجيد امبرطورية فارس القديمة والتي تم إحياءها في عهد شاه إيران السابق وغلفت حاليا فى عهد الأئمة "المعصومين" بطابع ديني , ومن هنا يمكن القول أن هنالك تداخل من قبل الايدولوجيا بكل مخزونها الثقافي والتاريخي , و نتيجة لهذا التداخل سّخرت إيران سلاح الايدولوجيا كأحد الواجهات للتدخل من داخل الكيانات العربية فإيران على سبيل المثال لا زالت تحتل الجزر الإماراتية الثلاث ولا زالت حتى هذه اللحظة تعتبر دولة البحرين المديرية الرابعة عشر في جمهورية إيران الإسلامية وتم تخصيص مقعدين لها في مجلس النواب الايرانى . وتأسيسا على ذلك فإيران قادرة على تحويل المجاميع الشيعية في أقطار الخليج إلى حركات احتجاجية من اجل خلق حالة من التوتر بينها وبين النظام الرسمي لأية دولة عربية ، ناهيك عن عسكرة اقتصادها لمصلحة المجهود الحربي من أجل إيصال رسالة إلى دول الخليج العربي مفادها أنها أصبحت شرطي المنطقة الجديد رغم التواجد الامريكى في الخليج و الذي يخفف من غلواء إيران التوسعية , وإيران هذه لا تنفي عن نفسها ارثها الفارسي لذلك تصّر على تسمية الخليج العربي بالفارسي وتمنع التعامل أو دخول أي طائرة أراضيها لا تحمل عبارة الخليج الفارسي .ولذلك من هنا جاء التدخل الايرانى في الخليج والبحرين على وجه الخصوص بشكل سافر حين تم رفع أعلامها من قبل المتظاهرين والتلويح بصور قادتها , ناهيك عن تهديدات القادة الإيرانيين حين تم إرسال قوة رمزية من قوات درع الجزيرة إلى البحرين مما ينذر بالخطر الجائح الذي يهدد امن الخليج العربي .
ومن هنا يولي الأردن أهمية كبرى لأمن الخليج العربي واستقراره وان أي تأثير أو تهديد له سيكون الأردن في طليعة الدول التي سوف تتأثر فيه بشكل مباشر , فالأردن ملاصق للسعودية وبالتالي هو امتداد للجزيرة العربية ويشكل خط الدفاع الأول عنه كدولة حاجزة من أي عبث امني ( مخدرات ,إرهاب , إسرائيل ) خارجي أو داخلي لهذه الدول كما يمكن القول أن القوام المجتمعي الأردني ما زال أكثر ارتباطا بالعشيرة والقبيلة وهو شبيه بمجتمع الخليج العربي , والأردن بقيادته الهاشمية وبقواته المسلحة المحترفة لم يتوان في أية لحظة عن الوقوف بجانب أقطار الخليج العربي والدفاع عن أمنهم ومصالحهم فهم أهلنا وقبائلنا العربية الأبية , ولهذا من الممكن أن يحل الأردنيون بدلا من المهددات المتواجدة حاليا فى المجتمع الخليجي وهي العمالة الأجنبية المصحوبة بغياب قوة العمل الخليجية , قد يكون وضع الأردن شبيه بايرلندا حين أرادت إن تنظم إلى الاتحاد الاوروبى ,فالأردن يعاني من عجز في الموازنة والمديونية , والمديونية هذه لا تذكر بالنسبة لأية موازنة في اى دوله من دول المجلس وهنالك أيضا البطالة واغلبها مهنيه وحرفيه أما بالنسبة للتعليم فالأردن ركز جهوده كما فعلت ايرلندا على قطاع التعليم وبالتالي يمكن أن يّصدر الكفاءات البشرية المحترفة المهنية والتعليمية لبناء اقتصاد وطني مزدهر وديناميكي لدول الخليج , لما عرف عن الأردنيين من الجّدية في العمل والإنتاج والإخلاص للوطن والنظام ولاسيما أن أقطار الخليج مقبله على تغيرات إقليميه ودوليه , ومما يسهل إمكانية انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي عدم توحيد الجمارك أو العملة أو الجوازات حتى الاّن وقد تكون ً التجربة الديموقراطيه الاردنيه أيضاً والتي نعد من انجح تجارب المران الديمقراطي في المنطقة ذات تأثير إذا أرادت هذه الدول الدخول في برامج الإصلاح الديمقراطي للوصول إلى الدولة المدنية الدستورية التي تعزز مسألة التسامح الديني من اجل تحّيد البعد الطائفي والذي تجد بعض الدول مناخا له في بعض جيوب دول الخليج العربي , لذلك على دول مجلس التعاون أن تفكر جديا في ضم الأردن والإصرار عليه كمرحلة جديدة من التعاطي الوطني مع قضايا هامه باتت تمس الأمن الوطني الخليجي على وجه الخصوص وهى بحاجه إلى الإشارة إليها بكل وضوح وتوصيف مكامن الخلل فيها واستشراف التداعيات المستقبلية من اجل خليج عربي اّمن ومزدهر .