قاطعت لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة اللقاء مع وزير التنمية السياسية لأنه سمح لنفسه بالقول في سياق ندوة سياسية في إحدى بلدات الشمال وردا على أحد الأسئلة بأن نتائج استطلاعات الرأي تشير الى ان نسبة مؤيدي الصوت الواحد تراوح بين 50% الى 60%.
لا بأس أن تقرر الهيئة العليا الموقرة مقاطعة اللقاء مع الوزير لكن ياليت لو انها تحججت بموقف سياسي عليه شيء من الهيبة! ولمّا كان اللقاء هو تمهيد للقاء لاحق مفترض مع رئيس الوزراء فان على الرئيس ان يتحسب من كل كلمة تخرج من فيه، فلن يعرف ما الذي سيؤاخذ عليه ما دام وزيره أذنب حتى تلميحا بشيء قد يصب لصالح الصوت الواحد.
النسبة المذكورة ليست غريبة ابدا وسمعناها في كل استطلاع رأي على مدار السنين، وسيحصل على مثلها نظام 89 لو كان ساريا وسيحصل عليها اي نظام جديد بعد ان يعتاد عليه الناس، وهي صحّت أم لم تصح فهناك حاجة موضوعية لتغيير قانون الانتخاب والوزير هو من أكبر انصار التغيير حتّى لو كانت لغته متحفّظة التزاما بمسؤوليته ضمن الفريق الحكومي، فهناك إجماع حول تغيير الاجراءات وضمانات النزاهة والشفافية، لكنّ هناك تباينا واسعا حول النظام الانتخابي. والقول بالصوت الواحد بالمناسبة لا يعني بقاء النظام الحالي، فتقسيم المملكة الى دوائر بعدد المقاعد يقوم ايضا على الصوت الواحد وهو من بين بدائل طرحتها جبهة العمل الاسلامي بالذات، والتصويت لقوائم التمثيل النسبي هو ايضا صوت واحد، وبالمناسبة فإن احزاب المعارضة ليس لديها مشروع قانون متفق عليه للانتخابات وان كانت تصريحات سابقة أيدت نظاما مختلطا وهو ايضا يمكن ان يتمّ بالصوت الواحد أو اكثر من صوت، وبالمحصلة فحجّة المقاطعة تبدو دكتاتورية أو قل كاريكاتيرية اذا أخذنا بالاعتبار المناكفة نفسها مع الوزير.
هناك أمور أخرى يفضّل ان لا نأخذها على محمل الجدّ مثل طرح “كوتا للأحزاب” وهي تذكرني في اجتماعات سابقة طرح فيها بعض الأمناء العامين مطالب مثل بعثات دراسية لأبنائهم أو اعفاءات جمركية لسياراتهم وما الى ذلك من شوق لامتيازات. الأحزاب ليست اقليّة أو فئة اقلّ حظا لضمان تمثيلها فهي يجب ان تكون الاطار التمثيلي لفئات الشعب كله تتقاسم مجلس النواب حسب نسب تمثيلها، والتطوير في النظام الانتخابي يجب ان يستهدف فتح افق للتقدم خطوات بهذا الاتجاه.
ولفتت انتباهنا اشارة الوزير الى اعادة النظر بصيغة الدعم المالي للأحزاب، وهذا ما يجب النظر به فورا لأن الصيغة القائمة هي مهزلة وقدّ سخّفت هدف التمويل الذي يجب ان يكون عملية متطورة مرتبطة بمعايير تنتهي عند آلية نهائية هي التمويل للانتخابات وللأحزاب أو التيارات وفق حجمها البرلماني. وكنّا شرحنا ذلك في حينه ولم نجد آذنا مصغية.