زاد الاردن الاخباري -
احتدم الخلاف السياسي بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد من جهة والبرلمان ورئيس الحكومة هشام المشيشي من جهة أخرى وسط أزمة صحية حادة.
اجتماع مع نواب
والاربعاء اجتمع الرئيس التونسي قيس سعيد، ، بقصر قرطاج مع عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب وهم سامية عبو وزهير المغزاوي وهيكل المكي ومحمد عمار ونبيل حجي وحاتم المليكي وهشام العجبوني ومروان فلفال وسمير ديلو ونوفل الجمالي ومصطفى بن أحمد.
وخصص هذا الاجتماع لتباحث الوضع السياسي في البلاد وخاصة أسباب الأزمة الراهنة المتعلقة بأداء اليمين والتحوير الوزاري، والحلول المطروحة للخروج منها والتي تقوم أساسا على احترام علوية الدستور والقوانين واحترام مؤسسات الدولة.
ذكّر رئيس الجمهورية بأن التحوير الوزاري تشوبه العديد من الخروقات، مجدّدا حرصه على تطبيق الدستور.
كما أكّد على أننا في وطن حر، وأن حل الأزمة القائمة يكون باحترام النص الدستوري لا التأويلات أو الفتاوى، التي في ظاهرها حق وفي باطنها تجاوز للدستور، ولا بالبحث عن مخرج قانوني مستحيل.
رفض وزراء في الحكومة التونسية
أعلن رئيس الحكومة الذي كلفه سعيّد بتشكيل حكومة غير متحزبة في 16 كانون الثاني/يناير تعديلًا شمل 11 وزيرا بطلب من أحزاب الحزام السياسي، وهي الأحزاب الداعمة لحكومته.
وجاء التعديل في قلب أزمة صحية والبلاد تسجل عشرات الوفيات يوميا بسبب فيروس كورونا.
- مرسوم رئاسي -
سعى المشيشي عبر التعديل للخروج من عزلته السياسية ودعم غالبيته في البرلمان المؤلفة أساسا من حزب "النهضة" ذي المرجعية الاسلامية وحليفه "قلب تونس" الليبيرالي وكلاهما يخوضان صراعا سياسيا حادا مع سعيّد.
نال وزراء المشيشي في 27 كانون الثاني/يناير ثقة البرلمان بالرغم من تحفظ سعيّد الذي ينتقد المسار "غير الدستوري" في التعديل ويتحدث كذلك عن شبهات بالفساد وتضارب المصالح تحوم حول بعض الوزراء.
منذ مصادقة البرلمان على التعديل، لم يرسل سعيّد دعوة رسمية للوزراء لأداء اليمين في قصر قرطاج ولم يصدر المرسوم الرئاسي لتعيينهم في مناصبهم.
ونشرت منظمة "أنا يقظ" غير الحكومية والمتخصصة في ملفات الفساد، تقريرا استقصائيا بيّنت فيه ان وزير الصحة المقترح الهادي خيري تحوم حوله شبهات بالفساد في ملف قضائي تورط فيه شقيقه في قضية قتل مواطن في 2019، وأنه وظف علاقاته للتأثير في مسار القضية.
أما وزير الطاقة المقترح سفيان بن تونس المقرب من حزب "قلب تونس"، فقد قام، وفق المنظمة، بعملية وساطة في التوقيع على عقد أداء خدمات استشارية وترتيب لقاءات مع سياسيين أميركيين لدعم الحملة الانتخابية الرئاسية لرئيس الحزب نبيل القروي.
بينما هناك شبهات بتضارب في المصالح بحق الوزير المقترح للتشغيل يوسف فنيرة عندما كان يشغل منصبا في تلك الوزارة وقد قامت شركة خاصة تملكها شقيقته وأمه بتقديم خدمات للوزارة ولم يتم الاعلام بذلك، على ما جاء في تقرير "أنا يقظ".
- الوحدة
أمام رفض سعيّد الوزراء وتشبثه بموقفه ازاء حكومة المشيشي، قام رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) بدور الوساطة لحلحلة الخلاف، لكن لم تظهر بوادر انفراج للأزمة.
وليست هذه المرة الأولى التي تتضارب فيها مواقف رأسي السلطة في تونس التي أرست دستورا يقرّ نظاما سياسيا برلمانيا مزدوجا، ما نتج عنه شلل في مؤسسات السلطة.
وسعيّد المستقل أستاذ في القانون الدستوري انتُخب بغالبية كبيرة في عام 2019 في اطار رفض شعبي للسياسيين الذين يحكمون البلاد منذ العام 2011 "يهدف الى افشال النظام السياسي"، وفق المتخصصة في العلوم السياسية نسرين جلايلية التي تتساءل: "هل يملك الوسائل لاسقاط النظام الحالي؟".
وتقول جلايلية إن "النهضة" لا ترغب في تغيير الوزراء المقترحين لأن ذلك سيضعف من تحالفها مع حزب "قلب تونس" الذي يساعدها خلال عمليات التصويت في البرلمان لرفض عرائض سحب الثقة التي تتقدم بها الأحزاب في كل مرة لتغيير رئيس البرلمان رئيس حزب "النهضة" راشد الغنوشي.
وبسبب التجاذبات السياسية، لم تتمكن الأطراف السياسية في تونس منذ ست سنوات من إرساء المحكمة الدستورية المخولة حصرًا النظر في الخلافات التي تنشب بين السلطات.
لجأ المشيشي للخروج من الأزمة، الى القضاء الاداري الذي أعلن ان رأيه سيكون "استشاريا" فقط وغير ملزم.
من شأن هذه التجاذبات السياسية أن تمعن في إضعاف مسار الانتقال الديموقراطي الذي تنتهجه البلاد منذ الثورة.
تونس هي البلد الوحيد الذي تمكن من مواصلة مشواره بسلام مقارنة بالدول الأخرى التي شهدت ما يسمى "بالربيع العربي".
يأتي هذا الصدام السياسي "في وقت تحتاج فيه البلاد الى الوحدة" لمواجهة أزمة اقتصادية حادة وغير مسبوقة، حسب الباحث في مجموعة الأزمات الدولية مايكل العياري.