كعادتها تصور الآلة الإعلامية (الصهيو امريكية) مقتل رجل واحد مختفي منذ عشر سنوات في مخبئه المتواضع في باكستان ولم يتمكن طيلة هذه الفترة من القيام بأي عمل عسكري بأنه نصر عظيم حققته الإدارة الأمريكية ،وهي بحاجة طبعاً لتحيق اي نصر في هذه المرحلة بالذات بسبب تردي الأوضاع المالية والانهيارات الاقتصادية والانتفاضات العربية على عملائها في الشرق الأوسط والفشل المتواصل في العراق وافغانستان.
الانتصارات الأمريكية كلها وهمية ، لانها هي التي تصنع عدوها وتعطيه حجماً كبيرا ليتناسب فيما بعد حجم انتصارها مع الحجم الذي صنعته لخصومها ، مثل انتصارها الموهوم على العراق الذي صورته الادارة الامريكية على انه قوة عظمى تمتلك أسلحة دمار شامل ، وإلقاء القبض على صدام حسين (بطريقة لم يغب عنها مخرجوا افلام هوليوود) بصفته محرك الثورة العراقية ، واحتلال أفغانستان التي تأوي الإرهاب واغتيال ابن لادن (قائد عمليات تنظيم القاعدة المزعوم).
وحقيقة الأمر أن هذه الانتصارات كلها وهمية الهدف منها خداع الشعب الأمريكي الذي يجهل ما يحدث في المنطقة ،والفتّ من عزيمة قوى التحرر من الهيمنة الأمريكية في العالم . ولو دقّقنا في حقيقة الأمر لوجدنا ان انتصار أمريكا في العراق حقق فائدة عظمى لإيران العدو التقليدي للولايات المتحدة ، وأشعل جذوة الجهاد في نفوس العراقيين فنشأت حركات المقاومة التي كبدت الأمريكان خسائر في الأرواح والأموال وهم لا يجرؤون على تجاوز ما يسمى بالمنطقة الخضراء ، أما في أفغانستان فمازالت طالبان تسيطر على أكثر من نصف البلاد وقوتهم في تزايد يوما بعد يوم وتكبد الولايات المتحدة وحلفائها يومياً المزيد من الخسائر.
أما بالنسبة للشهيد أسامة بن لادن فإنه مثل غيره من المجاهدين كان طيلة عمره يبحث عن الشهادة ويطاردها وتطارده حتى التقوا أخيراً، واعتقد جازماً انه لم يكن بمقدوره تقديم أكثر مما قدم ، فاختره الله الى جواره ، وهذا يذكرنا بالشهيد احمد ياسين مؤسس حركة حماس اذ ان استشهاده جاء بعدما قدم الرجل كل إمكانياته لقضيته ولشعبه وكان استشهاده بمثابة انتصار لحركة حماس مازالت تجني ثماره حتى هذه اللحظة ، وهكذا ستكون شهادة ابن لادن لعنة على المجرمين الذين أباحوا لأنفسهم ارتكاب جرائم الاغتيال بحق خصومهم ، وستكون نورا يسترشد به المجاهدون ، وكما قال الشهيد سيد قطب: " ان كلماتنا تبقى عرائس من الشموع حتى اذا متنا من اجلها انتفضت وعاشت بين الأحياء".
سالم الخطيب