أوقفوا محاولة العبث بقانون الأحداث
فايز شبيكات الدعجه
يبدو أن هناك خطاء إحصائي أظهر نتائج مرعبة تفيد أن قضايا الأحداث تشكل 70% من مجموع القضايا الواقعة في المملكة حسب ما صرح به مدير الأمن العام ونشر في جريدة الرأي يوم 2/5/2011على الصفحة الثانية مضيفا أن النية تتجه لاستحداث شرطة الأحداث وتم إعداد قوانين لعرضها على مجلس النواب لهذه الغاية بناء على النتائج المغلوطة تلك .أما النسبة الفعلية فبلغت 18,1حسب تحليل إحصائي أعلن عنه الناطق الإعلامي في مديرية الأمن العام خلال شهر آذار من العام الماضي وهي نسبة حقيقية غير مقلقة قريبة من معدلات الارتفاع السنوي الطبيعي وتتفق مع حجم الظاهرة إقليميا وعالميا .
من الأفضل صرف النظر عن الفكرة طالما أنها لا زالت في طور التكوين وبنيت على أساس خاطئ لسببين :- الأول لأنها ستقابل برفض عنيد من قبل المنظمات الدولية التي ترعى الطفولة والجمعيات المحلية ومن المهتمين والناشطين والمؤسسات الوطنية والنواب ،وهذا نداء لهم جميعا لإحباط المحاولة لان شؤون الأحداث مصانة وتخضع لرقابة حثيثة لا تقبل العبث لفرط حساسيتها ومستقرة على نحو عصري يحقق مصلحة المجتمع والفرد ولا يجري تعديلها إلا بناء على مستجدات عالمية شمولية التأثير والإلحاح , وتخضع لتمحيص ودراسات العلماء والفقهاء وتقررها حقائق يتم الحصول عليها باستخدام أساليب علمية متطورة ومتخصصة و تستغرق أوقات طويلة من البحث والاستقصاء وينفق عليها بسخاء وبكلف وإمكانيات عالية وتمر بنفس مراحل الأبحاث العلمية التكنولوجية التي يجرونها هناك وتفضي إلى كل هذه الاختراعات والاكتشافات الحديثة ،وإذا كان هناك خطاء أو قصور مفترض في تطبيق مواد القانون فيجب الاتجاه لمعالجته وليس الإسراع إلى تغيير القانون وتشويه أصوله الثابتة .
السبب الثاني يرتبط بجمع شتات الأمن فأغلب قوة الأمن أصبحت لا تعمل بالأمن وتم توزيعها على دوائر لا علاقة لها بالجريمة والانحراف كشرطة البيئة والسياحة وحماية الأسرة وتوزين الشاحنات وإصدار شهادة عدم المحكومية ،إضافة للواجبات المكتبية والفنية كالصيانة والأبنية والتخطيط والتجنيد والعمليات والعلاقات العامة وغيرها الكثير فخلت الأحياء من الدوريات وتدنت أساليب منع الجريمة قبل وقوعها .
استحداث إدارة الأحداث يعني إضعاف الجهاز والإمعان بتشتيت امكانياتة وانشغاله بما لا يعنيه وهي المعضلة الأساسية التي تهدد أسس الطمأنينة الاستقرار لان تطبيق قانون الأحداث رقم 24لسنة1968 منوط حصرا بوزارة التنمية الاجتماعية وتشكيل الإدارة المزمع سيكون علامة كبرى لفلتان امني وشيك ،وهناك مشكلة جنائية مؤكدة تواجه المجتمع الأردني ويجري إخفائها مرتبطة باستفحال انتشار المخدرات وتصاعد العنف وتنامي ظاهرة السرقة ،والأرقام المقدمة للمواطنين في الآونة الأخيرة تعتيمية وموضع شك وتشبه من حيث الدقة نسبة قضايا الأحداث التي أعلنها مدير الأمن العام .
اختيار وزارة التنمية لتنفيذ المواد القانونية لم يكن عبثيا وهي صاحبة الاختصاص بالتقدم بمقترحات التعديل أو التغيير إذا اقتضت الحاجة ،والأمور فيما نعلم تسير على خير ما يرام ، ولم نسمع عن طارئ يستوجب تدخل جهات أخرى وينوب عن الوزارة في معالجة ثغرات التنفيذ والتشريعات ،المقترحة الحالية تخالف المألوف ،وهي نسخة شبيهه لمفهوم الأمن الشامل الذي كلف الكثير دون جدوى في ثمانيات القرن الماضي، وفشل لعدم قابليته للتطبيق ،والفكرة الجديدة تعني إعادة إنتاج فشل جديد ،وتوسع في بولسة مؤسسات المجتمع ،وتعاكس التوجهات العالمية الحديثة التي تعمل على انحسار دور الشرطة في التدخل في الشأن العام ،وتخليص أجهزة الدول من التغلغل البوليسي، وتركيز جهودها بتقديم الخدمة الأمنية فقط ،وبالأخص مكافحة الجريمة، وتوفير الأمن الجنائي لإفراد المجتمع .