أرجو نشر المقالة مع الشكر الجزيل
طوبى لأنقياء القلوب بقلم الدكتور تيسير عماري
القلـوب المليئـة بالحقـد والغيـرة والحسـد هـي قلـوب ميتـة !! والقلـوب الميتـة هـي قلـوب شريـرة لا تحب الخير وهي عدوة أصحابها وتجعل حياتهم مظلمة لا ترى النور ، وقاتمـة لا تعرف الأمـل وتُحــوِّل المجتمـــع إلـى مجتمــع الكراهيــة !! لا مكـان فيـه للخيـــر والإنسانيـــة والعطـــف .
كلنــا نعيـش ونَمُــر أو مررنــا بتجـارب وشواهــد مـن تلـك القلـوب .. فتجـد أقـرب الناس إليـك !! يحسدونـك في كـل شـيء .. حتـى إذا إستنشقـتَ هــواءً نقيـاً !! أو إذا سمعـوا عنـكَ خبـراً سعيـداً !! مهمـا كـان شكـل ونـوع ذلـك الخبـر .
في الـدول المتقدمـة الناجـح تُسهّـًل لـه كل الوسائـل والدعـم المعنـوي من الدولـة والمجتمـع ويُمنـح وسـام " فـارس العمـل " ويُقـــدِّره المجتمـــع والأصدقـــاء والأقـــارب وغيرهــــم ..
في الـدول المتخلفـة فكريـاً !! يقـوم المجتمع بشكـل عـام والأصدقـاء والأقـارب بشكـل خـاص بوضـع العراقيـل أمامه وتشهيـره .. لأنهـــم يملكـــون قلوبــاً مريضــة !! ولأنهـــم عاجــزون عـن القيــام بأعمــال الرجـل الناجـح !! فتدخــل الغيــرة والحســد لتصـل إلى درجـة الحقــد .. وتبــدأ عقولهــم المتخلفــة بمحــاولات إحبــاط المجتهــد بشتــى الطــرق .
والسـؤال: لمـاذا لا نحب المجتهدين والمبدعين والناجحين ؟!! من أيـن تبدأ تربية الفرد على الخير والمساعـدة والإنسانيـة وإحتـرام الآخـر وتقديـره ؟ لقـد إستطعـتُ أن أحصـل على الجـواب مـن حفيدي الإيطالي الذي يبلغ من العمر 4 سنوات ونصف !! عندمـا إطلعـتُ على المنهـاج الدراسـي فـي مدرستـه في إيطاليـا ، وجـدتُ أن معظـم المنهـاج الدراسـي يتعلـق بالمجتمــع !! وكيفيـة التعامـل معـه !! إبتــداءً مـن إحتــرام المشــي على الطـرق ( بحيـث يكــون الإنتقــال إلى الطـرف الآخــر مـن الشـارع على الخطـوط البيضـاء المرسومـة والمخصصـة لعبـور الشـارع ) !!
وفي إحـدى زياراتـه إلى عمّان حاولـتُ أن أقطـع الشـارع فصـرخ في وجهي قائـلاً ومنبهـاً: قــف !! " لا تقطـع الشـارع .. إذهـب إلـى المكـان المخصـص للعبــور " !! فقلــتُ لـه : أنــت مُحِـــق !! ثم ركبنـا السيـارة .. وبدأ يشتم الذين يستعملون الكلاكسون وبإزعاج وهم كثر ( كل السيارات !! ) وقـال لـي : هـذا ممنـوع !! ثـم تعلمـتُ منـه أساليـب ومخاطبـة الآخريـن !! وإحتـرام المتحـدِّث !! ثـم إطلعـتُ على كيفيـة تعامـل الفـرد فـي مجتمعـه .. وكيـف عليـه أن يكـون متسامحـاً إنسانيـاً ، وكيفيـة التعامـــل مـع الفقيــر والمحتــاج والمصــاب أو الجريــح فـي الشــارع والحديقــة ، وتسهيـل عمـل سيـارة الإسعـاف !! والكـرم وتقديــم الدعــم للجمعيات الإنسانية ، وإحترام الناجـح في المجتمع وغيرها من الأمور التي تُعنى بعلاقة الفرد في المجتمع !! فأدركـتُ أن الخطـوة الأولى فـي تربيـة الفـرد تبـدأ مـن الصغـر وفـي المدرسـة أولاً.. ثـم العائلـة والإرشـاد والإعـلام وغيرهـا .
... لكــي نُنشــئ مجتمعـــاً يملــك قلوبــاً نقيـــة علينـــا أن نبــــدأ بـالمشــوار مــن الخطـــوة الأولـــى .
قـــال الله والرســـل : ( طوبــى لأنقيـــاء القلـــوب ) !!! ... لمـــاذا نخالــــف الله ورسلــــه ؟!! .