ما بعد رحيل ابن لادن
د.بلال السكارنه العبادي
أن يقتل ابن لادن فهذا امر متوقع ، لان نهايه اسامه بن لادن كانت بعد سقوط دولة طالبان المكان الآمن الذي كان يلوذ اليه ، وبالرغم من ان كل القناعات بأن الإدارة الأمريكية ما كانت لتتأخر عن تصفية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لو أتيح لها المجال قبل أمس، إلا أن قتلها الرجل الآن قد يعدّ وفق المنطق الأمريكي أقلّ كلفة مما لو حدث في وقت سابق، وخصوصاً على صعيد ردود الفعل المتوقعة شعبياً وعسكريا.
بغض النظر عن الشكوك التي يحاول البعض أن يثيرها بشأن حقيقة مقتل بن لادن في عملية على يد قوة أمريكية خاصة، فإن الواقع يقرر أن تنظيم القاعدة بهذا التطور دخل مرحلة فاصلة تثير العديد من التساؤلات حول مستقبله في ظل غياب زعيمه؟ وخاصة ان مقتل اسامه بن لادن قد جاء فجأة وعلى غير ميعاد أمام مواجهة يصعب عليه تحديد سياسة واضحة وصارمة للتعامل معها، وهي المتمثلة بالثورات العربية التي أسقطت عروشاً ، وما زالت تهدد أخرى، وهي ثورات شعبية وسلمية خالصة لدرجة أن من شارك فيها من الجماعات التي تتبنى آليات التغيير المسلحة اضطر للالتزام بالقواعد التلقائية السلمية لتلك الثورات، وهو ما صعّب الأمر على أجهزة المخابرات الغربية، وأربك ردود فعل أنظمتها تجاهها.
فالشعوب العربية والإسلامية اليوم تؤمن بإرادتها وقدرتها على تغيير واقعها دون أن تضطر للمغامرة بخوض حروب داخلية طويلة وخاسرة، والتهديد الأكبر الذي يواجه منظومة الاستعمار العالمية بات ما يصنعه حراك الشعوب، وما تجمع عليه بأطيافها كافّة من مطالب وحقوق لم تعد تأتي من بوابة الديمقراطية الأمريكية ومشاريعها (الإصلاحية )!
وما يثير الانتباه ان مقتل اسامه بن لادن وانعكاساته من التخوف ان هذا الحادث لا يعني نهاية الصراع مع القاعدة باعتبار أن مقتله يثير مخاوف من امكانية ان يقوم مؤيدوه واتباعه بالانتقام من الولايات المتحدة والغرب بشكل عام، فإن دولا كثيرة أبدت ارتياحها لمقتل بن لادن واعتبرت ذلك انتصارا للديمقراطية وبداية نهاية ما يسمى بالإرهاب.
ولذا فان مرحلة ابن لادن طويت ومرحلة التغيير في الوطن العربي بدات بالتزامن مع ان المنطقة مقبلة على تحولات تتطلب يقظة وفهماً لما يدور حولنا حتى لا نتفاجىء بمنتج اخر جديد ليوجه المنطقة باتجاه ليس لمصلحتها ، وبالتالي الرجوع الى مربع الصفر .
bsakarneh@yahoo.com