برقش ضحية مخالفة القانون موضوعياً وإجرائياً
د. عبدالناصر هياجنه
أستاذ القانون البيئي المشارك/ الجامعة الأردنية
=======
مع كل الاحترام والتقدير للجنة النيابية المشتركة "للصحة والبيئة والزراعة والمياه والريف والبادية" التي وافقت على نقل موقع الكلية العسكرية إلى منطقة غابات "برقش"، إلا أن اللجنة النيابية المشتركة غير مختصة بهذه المسألة من الناحيتين الإجرائية "الشكلية" والموضوعية، بل والأكثر من ذلك، إن مجلس النواب برمته غير مختص بهذه المسألة. أما عن الجهة المختصة بهذه المسألة – على إفتراضٍ قانونيتها من الناحية الموضوعية- فهي وزارة البيئة و تحديداً اللجنة الفنية التي تُشكل وفقاً لأحكام نظام تقييم الأثر البيئي رقم 37/2005 الصادر بموجب قانون حماية البيئة النافذ المفعول.
فمع مراعاة أن المشروع يُخالف قانون الزراعة الأردني وقانون حماية البيئة كما بينّا في مقالات سابقة، وسأكتفي هنا بالإشارة إلى أحكام نظام تقييم الأثر البيئي الذي نص في مادته الخامسة على ما يلي: " أ. تشكل في الوزارة لجنة فنية برئاسة الامين العام وعضوية اشخاص من ذوي الخبرة والاختصاص يمثلون الوزارات والجهات التالية : وزارة البيئة، وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وزارة الشؤون البلدية، وزارة الصحة، وزارة الزراعة، وزارة الصناعة والتجارة، وزارة الطاقة والثروة المعدنية، وزارة المياه والري، وزارة السياحة والاثار، وزارة الاشغال العامة والاسكان، أي جهة اخرى ذات علاقة يحددها الوزير...
وبحسب المادة السادسة من النظام، "تتولى اللجنة الفنية دراسة الاسس المرجعية التي يقدمها صاحب المشروع ومراجعة دراسة تقييم الاثر البيئي ورفع توصياتها الى الوزير لاتخاذ القرار اللازم بشأنها ". وسنداً للمادة 11 من النظام " أ . تقوم اللجنة الفنية عند تسلم الوزارة مسودة وثيقة تقييم الاثر البيئي بمراجعتها وتحليلها للتأكد من مطابقتها لاحكام هذا النظام فاذا تبين لها ان الطلب مستكمل لشروطه ومتطلباته فيمنح مقدمه اشعارا بذلك اما اذا تبين انه غير مكتمل فتقوم بتكليف صاحب المشروع بتقديم أي معلومات اضافية تراها ضرورية لاستكمال دراستها للمسودة . ب. اذا كانت مسودة وثيقة تقييم الاثر البيئي مستوفية لجميع المتطلبات المقررة وفقا لاحكام هذا النظام يصدر الوزير بناء على تنسيب الامين العام المستند الى توصية اللجنة الفنية قراره بشأنها خلال خمسة واربعين يوما من تاريخ تسلم المسودة مستكملة لشروطها ومتطلباتها حسبما يلي :
1. الموافقة على المسودة واعتبارها الوثيقة النهائية لتقييم الاثر البيئي اذا تبين ان التأثيرات البيئية الهامة الناتجة من المشروع قد تمت معالجتها بشكل مناسب من خلال الدراسة بما في ذلك خطة تخفيف الاثار السلبية وتكون الموافقة سارية المفعول لمدة ثلاثة سنوات من تاريخ صدورها قابلة للتجديد .
2. عدم الموافقة البيئية للمشروع اذا تبين ان اقامته ستسبب تأثيرا بيئيا هاما وان خطة تخفيف الاثار السلبية الواردة في الوثيقة غير كافية لمعالجة ذلك .
ج. اذا لم يصدر الوزير قراره بشأن مسودة وثيقة تقييم الاثر البيئي خلال المدة المحددة في الفقرة (ب) من هذه المادة ، فيعتبر المشروع حاصلا على الموافقة البيئية حكما .
د. يتم الاعلان للجمهور عن القرار المتعلق بدراسة تقييم الاثر البيئي للمشروع بالطريقة التي تراها الوزارة مناسبة ".
أما القول بأن الموافقة على إقامة مشروع الكلية في غابات "برقش" مشروطة بتقديم دراسة تقييم أثر بيئي، فهو قول لا يتفق مع صحيح القانون. حيث تنص المادة 13/أ من قانون حماية البيئة النافذ، على أن: " تلتزم كل مؤسسة أو شركة أو منشاة أو أي جهة يتم انشاؤها بعد نفاذ احكام هذا القانون وتمارس نشاطاً قد يؤثر سلبا على البيئة باعداد دراسة تقييم الاثر البيئي لمشاريعها ورفعها الى الوزارة لاتخاذ القرار المناسب بشانها " وبناء على ذلك، فلا يوجد في قانون حماية البيئة أو نظام تقييم الأثر البيئي الصادر بموجبه ما يُسمى موافقة بيئية مشروطة بإجراء دراسة تقييم الأثر البيئي، لأن دراسة تقييم الأثر البيئي متطلب سابق للموافقة البيئية والمباشرة بالمشروع. ورغم عدم وجود نص في نظام تقييم الأثر البيئي على مسمى مشروع "كلية عسكرية" أو ما يماثلها من أوجه النشاط المؤثر أو الذي قد يؤثر سلباً على البيئة، إلاّ أنه وبالنظر إلى خصوصية المناطق الحرجية وحساسيتها البيئية، فإن التطبيق الأمثل للنصوص يقتضي إجراء دراسة تقييم الأثر البيئي كشرطٍ أوليّ لإصدار الموافقة البيئية وليس كما قال مسؤول "رفيع" المستوى في وزارة البيئة بأن الموافقة البيئية صدرت مشروطةً بإجراء دراسة تقييم الأثر البيئي.