كلما فتح الله علينا باباً للحلال فتحنا على أنفسنا مائة باب للحرام" قول سمعته على إحدى قنوات التلفزيون، ولا أدري لمن هو، ولكنني حفظته و تذكرته عندما نشرت المواقع صورة لأحد النواب رافعاً يديه على شكل حرف (T) وهو يقول أن هناك شبهة دستورية حول تحويل ملف الكازينو لدائرة مكافحة الفساد. وهنا أسأل سعادته أين كان عندما حُوِل الملف للدائرة، ولماذا لم يتذكره الا عندما هلّت بشائر الحساب بتحويل (المشتبه بفسادهم) للقضاء. فهل هذا هو الدور الذي يتوقعه الوطن وقائده من مجلس النواب الكريم؟ للأسف إنني أرى في مثل هذه الإجراءات تعطيلاً لجهود الدائرة بمكافحة الفساد.
وهنا لا بد من التذكير بأن جلالة الملك قد أعطى إدارة مكافحة الفساد الضوء الأخضر لتبحث في كل شيىء وتحقق مع أي شخص بما فيهم من يعمل بالديوان الملكي نفسه، ولهذا لا حصانة لأحد. ومن هنا أرى أن دور الدائرة يجب أن يتعدى دراسة الملفات و التحقيق الى سلطة إصدار الأحكام على الجميع كبيراً كان او صغيراً بما فيهم من يظنون أن القانون أعطاهم الحصانة وهم فوق المساءلة. أما اذا اقتصر دورها على التحقق والتحقيق لترسل القضايا للمحاكم التي بدورها ستضعها على الدور كباقي القضايا فهنا نقول كما قال الشاعر :
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا أبشر بطول سلامة يا مربع (مع الإعتذار للفرزدق)
فلا يجب تعطيل دور هذه الدائرة ووضع العصي بعجلة الإصلاح المنشود بحجة الشبهة الدستورية، او حماية من يشير لهم أصبع الاتهام بحجة الحصانة. وفي الحقيقة لا أدري كيف يفهم البعض مفهوم الحصانة؛ فهل هي حصانة ضد أي شيىء وضد أي قضية. أشك بأنه قد خطر ببال واضع الدستور أن تتحول الحصانة الى حماية الأشخاص من ملاحقتهم بقضايا أي شكل من أشكال الفساد؛ إنما كان بذهنة حماية المسؤول من الملاحقة بقضية فكرية حتى يشرّع ويُحاسب السلطة التنفيذية بحرية و دون خوف من أحد. ويُقال نفس الكلام للحكومة، فهذه الأيام لا تتطلب التسويف والمراوغة والإختباء وراء الشبهة الدستورية او الحصانة لحماية أحدهم من مجرد السؤال.
وأخيرا أقول كما قال المرحوم أحمد زكي بفلمه الشهير " ضد الحكومة" ليس لي سابق معرفة بالأشخاص ولكنهم ليسوا أكبر من القانون ؛ أليسوا بشراً خطّائين كباقي البشر. نحن لا نطلب أدانتهم ولكننا نطلب سؤالهم ومحاكمتهم أمام القانون،نحن نريد فقط أن نؤسس لقاعدة محاسبة المسؤول، فهل هذا كثير؟
فلنحرص على هيبة إدارة مكافحة الفساد لأننا اذا قوّضنا أركانها فلن يقوم للإصلاح قائمة.
والله من وراء القصد