زاد الاردن الاخباري -
كتب أ.د نوفان العجارمة - نقول ابتداءً بان مسؤولية الوزير عن أعمال وزارته هي مسؤولية مباشرة وليست مجرد مسوولية سياسية او أدبية او أخلاقية، وذلك سندا لأحكام وفقا لأحكام المادة (47/1) من الدستور والتي تنص على (مسؤول عن إدارة جميع الشؤون المتعلقة بوزارته وعليه ان يعرض على رئيس الوزراء اية مسالة خارجة عن اختصاصه) فهذا اختصاص أصيل ومباشر للوزير.
ويعود السبب الى قيام الوظيفية العامة على فكرة التدرج أو فكرة السلم الإداري أو التبعية الإدارية، إذ يخضع أو تتبع كل فئة من الموظفين لرئيس مباشر لها، وهذا الأخير، يتبع لرئيس أعلى منه... وهكذا حتى نصل إلى الرئيس الإداري الأعلى الذي تنعقد له الرقابة على كافة موظفي الجهاز الإداري. لذلك يخضع الرؤساء في مباشرتهم لأعمالهم للمسؤولية الإدارية أمام رؤسائهم الاعلى أو للمسؤولية القضائية، وذلك حتى نصل إلى الوزير أو رئيس الوزراء في النظام البرلماني والذي سيكون مسؤولاً سياسياً أمام البرلمان بل وقضائياً عن أعمال وزارته بكاملها. فمسؤولية الوزير اما تكون مسؤولية مباشرة عندما يتخذ القرار بنفسه، أو مسؤولية غير مباشرة عن أعمال مرؤوسيه كونهم تابعين له، ويتمثل وجهة المسؤولية هنا بضعف الرقابة والإشراف فهذا تقصير يوجب المسؤولية.
فالوزير هو المسؤول الأول عن سير العمل وانتظامه في مرفقه ووزارته، وهذه المسؤولية هي المبررة لتلك السلطة الممنوحة لهم من قبل المشرع، فحيث توجد المسؤولية يجب أن تكون هناك سلطة، وإلا استحال عليه القيام بأعباء ومهام وظيفته وفقا للمبدأ المتعارف عليه بين فقهاء القانون العام وعلم الإدارة العامة، والمتمثل بتلازم السلطة والمسؤولية.
والسلطة الرئاسية في مظاهرها المختلفة يمارسها الرؤساء الأقدم في الخدمة، كونهم أكثر إدراكاً للعمل وحاجاته. وبالتالي أكثر دراية وقدرة على مواجهة أعباء العمل وحل مشاكله، لذلك تعتبر هذه السلطة من أهم الأدوات التي تمكن الإدارة من إلزام الموظفين بالقيام بأعبائهم الوظيفية، ولا قيمة لهذه السلطة إن لم تقترن بالجزاء، فلا يمكننا إلقاء عبء المسؤولية على شخص دون أن تكون له السلطة الكافية التي تمكنه من أداء واجباته والوفاء بمسؤولياته، فتكافؤ السلطة والمسؤولية أمر يتفق والمنطق ويقضيانه العدل والمنطق.
واخيراً، تمثل الأخطاء الإدارية خروجاً على الواجب الوظيفي، ولهذا السبب فإن المخالفات الوظيفية والمهنية لا تقوم على مجرد الاعتبارات القانونية، بل إنها توزن على أساس تقاليد إدارية مستقرة تحيط بها اعتبارات لا تكشف عنها النصوص، مثل ظروف العمل، ودرجة ثقافة الموظف، ومدى الأعباء الملقاة على عاتقه. لذلك لا وجود للمبدأ القاضي بأن "لا جريمة إلا بنص" والمقرر في قانون العقوبات أو القوانين الجنائية الأخرى في مجال التأديب أو المسؤولية الإدارية، ومن ثم فالجرائم التأديبية أو الأفعال المكونة للذنب الإداري ليست محددة حصرا ونوعا وإنما يترك أمر ذلك للسلطة الرئاسية بحسب تقديرها لدرجة جسامة الفعل، وتحت رقابة القضاء.