بعد أن قرر مجلس الوزراء الأردني رفع الضريبة الخاصة بالهواتف الخلوية من 4% إلى 8%، برّر وزير الدولة لشؤون الإعلام والإتصال نبيل الشريف إلى أن الهدف من القرار تخفيف العبء على الناس لأن الضريبة ستدفعهم إلى تقليص مكالماتهم.
ابتسمتُ ثم ضحكتُ ثم تقهقهتُ حتى كدتُ أقع على الأرض من الضحك حين قرأت تبرير رئيس التحرير الأسبق لصحيفة الدستور الأردنية الدكتور نبيل الشريف والذي يملك الخبرة الطويلة في مخاطبة عقول المواطنين كونه شغل مناصباً إعلامية وصحافية كثيرة، وبذلك فإنه يستطيع أن يرى الأمور بعين المواطن إلا أنه وبتبريره السطحيّ أخطأ خطأً فادحاً في حق الجميع، فقد نسيَ معالي الوزير أن نسبة الأطفال في الأردن \"ليست\" 100% ليخاطب عقولنا بهذه الطريقة.
إذن، فالعبرة من رفع الضريبة على المكالمات الخلوية هي دفع الناس لتقليص مكالماتهم وبالتالي تخفيف العبء عليهم مما يشجعهم على التوفير ومن ثم العيش برفاهية أكثر.. أقسم أنني ما زلت أشعر أنها \"نكتة\" من معاليه، وكم أتمنى أن تكون كذلك، فمخاطبة عقول الناس بطريقة مخاطبة الأطفال ما هو إلا استخفاف بمدى قدرة المواطن على استيعاب أبسط الأمور.
يبدو أن معالي الدكتور لم يكن رئيس تحرير جريدة يومية بقلبه وعقله، فهو إلى الآن لا يستطيع أن يدرك معنى التوعية والقمع الرسمي بل شجّع في احدى مقالاته على إيقاف جميع حملات التوعية والإرشاد فيما يتعلق بقواعد السير، مُشيراً إلى أن الحزم في سن وتطبيق القوانين هو الحل الأمثل للحد من قواعد السير، وهذا ما يتناقض مع رسالة الصحافة التي لا تقوم أبداً على قمع التوعية والإرشاد، أما من ناحية فعالية حملات التوعية، فـ \"هل ساعدتَ أمل؟\" خير مثال.
بالرجوع إلى موضوع الضريبة التي أقرتها الحكومة وتبرير معالي الشريف، هل سترفعون أسعار المشتقات النفطية لدفع الناس إلى المشي كَونه رياضة مفيدة للجسم؟ وهل سترفعون ضريبة الكهرباء كي لا يقوم الناس بشراء أجهزة كهربائية كثيرة تحسباً لإنفجار تلفزيون أو \"لمبة\" 150 شمعة في وجه أحد أفراد العائلة وبالتالي حمايتها من الإصابات وتوفير مصاريف العلاج؟
هل ستقوم الحكومة بفرض رسوم على السجناء بدل \"أكل وشرب وسكن\" ضمن \"باكيج\" يتم إقراره حسب حجم الجريمة التي ارتكبها المسجون بهدف سد العجز في الموازنة؟
هل سنثني على جهود هذه الحكومة عندما تنتهي \"مدتها\" كما أثنينا على حكومة الذهبي؟
هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة من مسلسل \"الحكومات الأردنية\".