استحقاقات المرحلة القادمة
بقلم الدكتور ماجد خليفة
جائت تصريحات دولة رئيس الوزراء معروف البخيت في محاضرته في نادي الملك حسين معبرة تماما عن الحس والشعور الوطني والقومي لكل غيور على الحق الفلسطيني في الاراضي السليبة ، وان قد جاء الخطاب متاخرا .. ولكن افضل من ان لا يجيء ، فالاردن دوما كان لاعبا اساسيا في القضية المركزية للعرب جميعهم مع الخصوصية للاردن بالذات . والذي عبر عن ذلك كل خطابات جلالة الملك في المؤتمرات والمنتديات والمباحثات التي تمت معه ، ان القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الاولى للاردن .. ولكن ما كان مستغربا ان تضيع هذه التصريحات والمطالبات التي نادى بها جلالة الملك دونما تطبيقها على ارض الواقع من قبل الحكومات المتعاقبة التي تولت المسؤولية منذ فترة طويلة ، ولم تقم بواجبها ازاء ذلك وان تقوم بالدور الذي رسمه جلالة سيد البلاد سواء في علاقاتها الدبلوماسية مع دول العالم وكذلك دورها في السياسة الاقليمية سواء مع الدول العربية او مع الكيان الصهيوني وكذلك حتى مع السلطة الفلسطينة وباقي المنظمات الفلسطينة الاخرى .
ولتكن هي الصراحة في هذا الوقت بان تكون الاساس الذي يتبادل فيه الراي وكذلك الرؤى للمستقبل ... الصراحة تقتضي منا ان نقول ان الحكومات اخطات حينما اتجهت باتجاه واحد مع السلطة الفلسطينة دونما ان تاخذ بالاعتبار وجهات نظر الفصائل الفلسطينة المؤثرة على الساحة الفلسطينة .. وكان الخطا الفادح الذي ارتكبته احدى الحكومات حينما اغلقت مكاتب حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وطاردت قياداتها الموجودة في الاردن واخرجتها الى الخارج ( علما ان مكاتب حركة حماس كانت موجودة وفاعلة لفترة طويلة بعد توقيع معاهدة وادي عربة ولم يكن يوثر ذلك على عملية السلام ) ... فكانت سياسة الحكومة تلك نقطة الانحراف عن النهج الذي اراده جلالة الملك في سياسته حيال القضية الفلسطينة .. وكان الخطا فادحا ايضا عندما سكتت التيارات السياسية والفعاليات الحزبية عن هذا التصرف الذي تصرفته تلك الحكومة .
وهذه الصراحة تقودنا الى انتقاد الحكومات السابقة التي وضعت لها شعارات اقتصادية واجتماعية بعيدة عن ان تكون لاعبا رئيسيا امام مجريات الاحداث فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وقد ضيعت كثيرا من الفرص لان تثبت موجودية للاردن امام مفاوضات لايجاد حل او تسوية تقود الفلسطينين الى الحصول على حقوقهم المغتصبة .
ليست السياسة دائما ان تكون رد فعل لسياسات الآخرين وان كان ذلك يحدث ... ولكن السياسة في مفهومها الشامل هو التقدير الصحيح للمصالح العليا للدولة ولاتتناسى تلك المصالح لحظة واحدة تحت ذريعة الاهتمام بشؤون اخرى ... وما اخشاه ان تكون تصريحات رئيس الحكومة الدكتور معروف البخيت هو رد فعل سريع على ما تم في القاهرة ؟؟ حيث خلال الحكومات السابقة ولن نغفل منها ايضا فترة حكومة الدكتور معروف البخيت السابقة ولا حتى عندما كان سفير الاردن في تل ابيب ، حيث لم نسمع اي تدخل من هذه الحكومات حول ما يجري من مباحثات الحل النهائي للقضية الفلسطينية ...وحتى ولا اي اشارة الى حق اللاجئين بالعودة ولا حتى الاعتراض والانذار ان اقتضى الامر لسياسات الاسرئيلين الاستفزازية في اجراءتها التعسفية في القدس والمسجد الاقصى .. واستطرد واقول ولا اي تدخل في مجريات محاولات المصالحة بين الفرقاء الفلسطينين .... وتركت الامر برمته لمحاولات مصر في عهد حسني مبارك .... وبذلك اضعنا فرصا كبيرة واضعفنا موقفنا .
واليوم وبعد ذلك الانجاز الذي قامت به جمهورية مصر العربية في مرحلتها الراهنة وقد تخلصت من هيمنة النفوذ الاسرئلي عليها واصبحت لها سياسات جديدة تنتقد فيها السياسة المصرية السابقة وكما صرح بذلك وزير خارجيتها الحالي بانها سياسات تخجل مصر منها وتعتذر عنها .. فقد قامت القيادة الحالية لمصر وبكل صدق واخلاص في نجاحها باجراء المصالحة بين الفصائل الفلسطينية .... والتي كانت في سابق عهدها الغابر ضالعة مع السياسة الصهيونية التي لا تريد ايجاد حل للانقسام الفلسطيني ؟؟؟؟ وبكل بساطة واظهار للواقع ...هناك تغير كبير يحدث في المنطقة تجاه مستقبل القضية الفلسطينة .
ولقد اشار دولة رئيس الوزراء ( اشارة انتقاد ) ان الاردن ليس محطة ممر فقط ؟؟؟ وانما نحن معنيون فيما يدور من حولنا من اجراءت .... ولنا الحق في ذلك ( وان غاب فترة من الزمن ) ولنا دورنا الحالي والتاريخي والمستقبلي كلاعب اساس في المنطقة بالذات امام القضية الفلسطينة ولعدة اعتبارات نعيها ونعرفها جمعيها .
فنحن اليوم نتطلع الى دور ايجابي تقوم به الحكومات ... وان نترجم تصريحات رئيس الوزراء الى استراتيجية واضحة المعالم يتبعها اجراءات على ارض الواقع ... ومنها على سبيل المثال وليس الحصر ( وهي عديدة ) أن نعي وان نعرف ان هناك تبدل في المراحل ... مرحلة ( شركاء ) السلام امامهم اليوم مراجعة جاده لمسيرة امتدت اكثر من سبعة عشر عاما من المرواحة والمراوغة ...ولم يستفد منها الاردن بقدر ما استفاد الطرف الاخر ... بل دفع الاردن فيها الكثير من التضحيات ولكن بدون مقابل ؟؟؟؟
ان اكثر الفصائل الفلسطينية انسجاما مع سياستنا الصريحة والواضحة حيال حق العودة للاجئين الفلسطينين وكذلك بالنسبة للقدس هي حركة المقاومة الاسلامية ( حماس ) وهي ان شاء الساسة الاردنين ام لا فرضت واقعها ومكانتها على الساحة الفلسطينين والساحة الاقليمية وبل الساحة العالمية ..... فالمصلحة تقتضي اعادة النظر في القطيعة التي تمت سابقا .
ان حق العودة بالنسبة للاجئيي فلسطين هو الحق الاساسي الذي نلتقي فيه مع المعنيين في ذلك الوقت وهم اللاجئون . وان ذلك يتفق مع المصلحة الاردنية العليا في الحفاظ على هذا الحق .. وان افساح المجال امامهم باي صورة من الصور التي نتلاقى فيها معهم بالتعبير عن حقهم والحاحهم ومطالبتهم بهذا الحق امام المجتمع الدولي ... فليعبروا عن ذلك بالصورة التي نتفق معهم عليها ..
القدس والاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين امانة في عنق المسلمين جميعهم ونحن نتحمل العبء الاكبر في المحافظة على القدس والاماكن المقدسة فيها وهي تحت وصاية الاردن والهاشميون منذ اصرار شريف العرب الحسين بن علي طيب الله ثراه عن عدم التنازل عنها واوصى بان يدفن جثمانه الطاهر فيها ، يحتم الان ان تنشط الدبلوماسية الاردنية بكل وضوح وارادة قوية واصرار لا تردد فيه في المحافظة على القدس وان تكون عاصمة فلسطين ... ولنا دورنا بذلك ونحن نعرف يقينا ماذا يعني ذلك الاصرار ان تطور الامر من اجراءات ؟؟؟
امامنا مرحلة جديدة .... وتبدل في بعض الانظمة العربية واخص بها الشقيقة الكبرى جمهورية مصر العربية ... فقد آن للحكومة ان تتخذ مبادرة صداقة بل اخوة مع الاشقاء في مصر في المرحلة الحالية والتعاون والتنسيق المستقبلي للسياسة في المنطقة العربية ، وفي هذا السياق يجب ان يكون تعاملنا مع المملكة العربية السعودية ( بعدنا الاستراتيجي ) بالتنسيق الكامل للعلاقة الاخوية التي تربطنا بها ، وتوافق وجهات النظر في السياسات على المستوى العربي وكذلك الاهم على المستوى الدولي .
هناك تحولات جذرية تحتاج منا الى تصور جديد لتبعاتها وان تتخذ اجراءات تتناسب مع معطيات المرحلة القادمة .