لقد منّ الله على الأمة العربية وعلى الأردن العظيم السعيد بقيادته المؤمنة الرحيمة المعطاءة ، وبشعبه وجيشه العربي الجواد الفياضين حبا لله ورسولة وقيادته ولشعب فلسطين وقضيته العادلة ، بالقيادة الهاشمية الراشدة التي هي من القليل الشكور لرحمة الله وجزائل نعمه ، ومن القليل الصدوق مع هموم شعبه وقضايا أمته ، وهم من القليل المتفاني حبا للقدس والمقدسات والوفي لفلسطين ، ومن القليل الصادق المتفاعلين مع قضايا شعوب العالم اللذين يلتفتوا إليهم بإحساس الإتقياء الأنقياء ويحزنوا لمعاناتهم بشعور الفضلاء الرحماء ، ويعملون بإخلاص وجدية بمد أكف المساعدة لمحتاجيها دون تمييز لعرق أو جنس أو لون .
كيف لا وهم من سلالة الهاشميين الأطهار اللّذين أنجبوا رسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم ، رسول المحبة والإسلام والسلام ، الذي بكى يوما لتفلت نفس يهودية ماتت قبل أن يوصل إليها رسالة الهدى والإيمان والذي قال( خيركم خيركم لأهله وأنا خيري لأهلي ) ، ولأن القيادة الهاشمية الراشدة تستن بسنة رسول المحبة والإسلام وتهتدي بهدية ، دائما كان خيرها وخير الأردن العظيم لصالح الفلسطينيين وللشعوب العربية الأخرى ولشعوب العالم المنكوب ، اللذين إن عانوا يوما من فاقة أوحاجة وجدوا بالأردن منبت الكرام وأهل المكارم ، وإن عانوا يوما من عدو غاصب أوآخر مارق وجدوا من الأردن القوي بعقيدته ودينه ومن جيشه العربي المصطفوي نعم الأبطال المقدمين الروح والدم وكل الأمكانات بسخاء من غير حدود نجدة ونصرة لهم ، وإن ظلم أحد بوطنه أو عاني من كارثة أو طامة لحقت به وجدَ الأردن نعم الأهل والملجأ والمتكأ ( فهم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا ( .
فمكارم الأردنيين النشامى أهل العزم والنخوة تركت دائما بصماتها الخَيّرة أينما توجهت ، فها هي مستشفيات الأمل الميدانية للجيش العربي الأردني في رام الله وجنين وغزة تقدم خدماتها الطبية المتميزة لشعبنا الصامد دونما موقف من فكر أو معتقد أو فصيل ، مثلما هي قدمت خدماتها لشعب العراق دوت تمييز بين مذهب ومذهب أو بين عرق وآخر أو بين منطقة وأخرى ، فقدمت خدماتها الطبية للشعب في الفلوجة الصامدة بلد العزة والكرامة مثلما في البصرة مدينة الصمود والمقاومة ، كما وها هي قوافل الخير المقدمة من الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية تنقل المساعدات بقوافل شبه يومية إلى جناحي الوطن الفلسطيني دون مّنة أو رغبة بجواب على موقف وطني قومي ، وهي مستمرة بطريقها ولوجهتها دونما انقطاع .
وكما سير الأردن قوافل الخير لفلسطين وفاء لها وحبا لشعبها الصامد الجريح ، ونزولا عند رغبة قيادتها الشرعية التي تربطها بالأردن كما كل الشعب الفلسطيني علاقات جوار وتكاملية وتفاعلية متميزة ، سير الأردن العظيم الطائرات العملاقة التي نقلت الغذاء والدواء للسودان الواسع الكبير الذي واجهت بعض مناطقه في السنوات الأخيرة كمنطقة دارفور سنوات عجاف ، وما ذكر من أفعال مقرونة بالإيمان كان بضع أسطر فقط من كتاب الخير والتضحية والعطاء للأردن العظيم .
وقبل أيام تعرضت هاييتي لزلزال مدمر نتج عنه مئات الآلاف من الضحايا وتدمير آلاف المباني السكانية ، فبات الكثير من سكانها في خيام بعد أن فقدوا مدخراتهم وحتى وثائقهم ، وكان من بين الضحايا كوكبة من شهداء وجرحى الجيش العربي الأردني اللذين نَقلوا بتفاني وإخلاص ووطنية وبنجاح كما كل غيرهم ، ثقافة شعب الأردن العظيم للشعوب الأخرى ، فرفعوا رأس الأردن عاليا وعلا علمه الوطني خفاقا في سماء العروبة والعالم ، وأقنعوا العالم كله كما هو الواقع والحال ، أنّ الأردن المحب للسلام هو دائما واحة للأمن والسلام ، والعامل على تحقيقه ليغرس مكان كل لغم على هذه الأرض الشاسعة شجرة معطاءة أو سنبلة خير مباركة ، فأن رفع الأخوة المتخاصمين بدولة ما في العالم السلاح بوجه بعضهم البعض ، سارعت طلائعه المؤمنة برسالتها الإسلامية الوسطية السمحة ، وهي تحمل الورود ومعاول البناء لتنثرها في البلاد المنهكة بفعل الحروب والخصومة ، ولتشارك مع سواعد أبناءها المخلصين لقضاياهم وشعوبهم بناء ما دمره الحقد والغل والغضب .
وبعد أن فَعل الزلزال المدمر فعلته وترك آثاره الأليمة والحزينة على شعب هاييتي وضيوفه ، والمؤلمة للشعوب الحية من حوله ، كان الأردن من القليل دائما الذي يقرن أقواله بالأفعال ، فالتفت إليهم بمساعدات خير تشارك بتخفيف جوعهم ، وسواعد عمل تساعد بالتخفيف عن معاناتهم ومكارم ولفتات للعرب المقيمين على أرض هاييتي ، بات الشعب دوما ينتظرها ويتوقعها ويشكر قيادته على سخائها ، فكان من بين هذه المكارم وأروعها نقل عوائل أردنية وفلسطينية ولبنانية منكوبة على نفقة جلالة الملك عبد الله الثاني إلى عمان ، عاصمة الحب والجمال والإيمان والثقافة والفداء ، فأفرحت هذه اللفتة الكريمة قلوب الأردنيين والفلسطينيين والعرب أجمعين المؤمنة بربها ، المليئة بحب مليكها المفدى الذي له منا كل الحب والوفاء والولاء ، وحب الأردن الغالي الذي يستحق منا كل العشق والاحترام والانتماء .