م -اكثم الصرايرة
هيئة تشجيع الفساد
كان الجميع يعرف وعلى يقين تام بأن الهدف الأساسي لإنشاء هيئة مكافحة الفساد أنذاك لا يتعدى كونه وسيلة لخلق شواغر وظيفية واستحداث مناصب جديدة برواتب وامتيازات خيالية وعقود لاتخضع لأي منطق ولا يمكن إدراجها إلا تحت بند الاستهتار بالمال العام والالتفاف على ديوان الخدمة بالدرجة الأولى ولذر الرماد في العيون بالدرجة الثانية وكما هو الحال بالطبع لبقية الهيئات الفارغة المضمون والمحتوى والتي أنشئت لذات الغرض باستثناء عدد محدود جداً.
قضت الهيئة الوليدة ردحاً من الزمن تحبو ولا تفعل شيئاً ولم يسمع بها أحد ولم يقرأ أحد عن أي منجز لها حتى ذلك الوقت حين أطلت علينا بطلتها البهية في قضية المصفاة والتي كانت برعاية رسمية رفاعية انتقامية هدفها تسديد فواتير الاختلاف في تقاسم الغنائم وكعكة مقدرات الوطن والتي بيع معظمها وتنتظر البقية على الدور تحت نظر ومسمع الأردنيين الذين ضربوا وقدموا أبشع الصور للشعوب المستكينة المتخاذلة عن حماية بلدها من السارقين والفاسدين.
سنوات عجاف مرت ولم نحصد شيئاً يذكر ولم نرى أو نلمس نتائج مؤثرة لهذة الهيئة اللهم في بعض القضايا التافهة كاكتشاف فساد موظف بريد سرق طوابع وقضايا من هذا القبيل ... فكانت ميزانيتها تذهب في أغلبها رواتب وايجارات وبدل تنقلات وهذا باعتراف رئيسها الحالي والذي أكد بأنه لا يبقى له الكثير لينفقه على التحقيقات وكأن الهيئة انشئت بغرض القضاء على البطالة وليس الفساد، هذا المدير الذي قضى أكثر من أربع أشهر منذ تعيينه ليخرج علينا بعدها قائلاً بأن ليس لديه كوادر ولا أموال كافية لإنجاز العمل ولانعلم ماذا كان يفعل طيلة هذه المدة ؟
وهل حصر الوظائف التي يمكن استحداثها وإحصاء عدد المكاتب والسيارات التي يريد استبدالها بأحدث منها التزاماً منه بالعرف الأردني المتبع من قبل أغلب المسؤولين والذين يرون التغيير والتطوير يمرعبر بوابة هذه الأمور، لماذا لم يصرح بهذا إلا بعد أن قام الحراك ونادى بالإطاحة بالفساد ومحاربته ؟
وهذا يؤكد بصورة واضحة ما ذهبت اليه من أهداف إنشاء هذه الهيئات الصورية.
الآن وبعد إنقضاء فترة أخرى بعد تلك التصريحات والمطالبات والتي من المفروض أن تكون قد تحققت، مازلنا ننتظر من هذا الديك أن يبيض وما زلنا نمني النفس ونصبرها بالأحلام ونقنعها بأن الخير قادم، ولكن واقع الحال البعيد كل البعد عن أحلام اليقظة يطل علينا كل يوم قارعاً الجرس ومخرجاً لسانه لنا ومؤكداً بأن هذه الهيئة عاجزة ومشلولة تماماً وغير قادرة على الإستمرار بأداء دور المنقذ والبطل فيما بات يعرف بمسرحية الإصلاح الهزلية والتي تقوم هذه الحكومة السلحفائية بالإشراف عليها وإخراجها بعد أن أوشكت أيام عرضها على الإنتهاء وأوشك جمهورها على الإختفاء بعدما أكتشف كذب وتفاهة هذه المسرحية وهبوط مستوى هذا الأداء لأبطالها الذين لم يبقى لهم ما يقدموه غير إعادة نفس النكات المملة أو الإختباء.
أخيراً
نرجو من هذه الهيئة عدم فتح أي قضية لأنها بوضعها الحالي الضعيف غير قادرة على تحقيق أي اختراق أو تحقيق أي انجاز وبالتالي فإن القضايا التي تفتح ويتم إقفالها أو طي صفحتها بالإمتناع عن نشر النتائج يتم بذلك منح أصحابها البراءة الضمنية وتزيل عنهم أي شبهة فساد وتحررهم من أي شكوك وأي اتهامات وهذا من شأنه تشجيع الفاسدين للذهاب بأنفسهم وتقديم أوراقهم بما أن النتائج باتت واضحة ومعروفة سلفاً، لذلك يجب عليها التوقف لحين إصلاحها ووضع شخصية فعلية وليست صورية تؤمن بالاصلاح على رأسها قادرة على مكافحة الفساد، وكي لا تصبح هيئة لتشجيع الفساد هدفها اصدار صكوك الغفران وغسيل الفساد