زاد الاردن الاخباري -
من يتصل بشركة (TV time) حتماً سيسمع موظفا أو موظفة (كول سنتر) تجيبه على أسئلته واستفساراته، ولكن المفاجأة ان جميع الموظفين على هذه الخدمة من الجنسين هم من المعاقين.. ولعل هذه الشركة الحديثة العهد هي الأولى من نوعها على مستوى الاردن والشرق الأوسط في تشغيل المعاقين، إذ تبلغ نسبتهم ( 50 بالمئة).
الشركة التي وظفت فئة المعاقين هذه، لم توظفهم فقط لغايات إنسانية، وإنما لفلسفتها في الاستعانة بقدرات هؤلاء التي تفوق قدرات الأشخاص العاديين أحيانا، لأنهم يسعوا لإثبات وجودهم، من خلال الإصرار على العمل والتعلم السريع، فكثير منهم استطاع ان يتقن أساسيات اللغة الإنجليزية في مجال عمل الشركة خلال شهر واحد فقط.
كانت الابتسامات مرسومة على وجوه العاملين والعاملات في الشركة، وهم يجلسون على كراس متحركة، غير ان انهماكهم في العمل الذي يتطلب جهداً اتصالياً مميزاً، حال دون الاستمرار في محاورتهم حول ظروف وأجواء العمل.
سعاد، مي، جعفر، أنعام، سهير وآلاء.. جميعهم على كراسٍ متحركة، لكنهم يعملون بكل جد واجتهاد، وهم حسب ما ذكروا الى «الرأي» التي زارتهم في موقع الشركة بعمان، مسرورون بهذا العمل، وفرحون بان اتيحت لهم فرصة العمل في هذه الشركة من خلال التعاون والتنسيق مع المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين.
سعاد التي بترت ساقها قبل بضع سنوات فقدت وظيفتها في شركة مقاولات، ورغم أنها تحمل مؤهلات وخبرات متميزة الا ان إعاقتها كانت سببا لرفض توظيفها، لكنها كما قالت ، لم تيأس، وبقيت تقدم نفسها لسوق العمل الى ان جاءتها الفرصة أخيرا في هذه الشركة عن طريق المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين.
سعاد سعيدة بعملها، وان الأجواء الأسرية التي تعيشها في العمل حافز كبير لها لان تقدم أفضل ما لديها، وهي ترى بأنها قادرة على منافسة الأشخاص العاديين، لأنها صاحبة خبرة طويلة من جهة ولديها رغبة أكيدة في الابداع والإنجاز.
أما زميلتها سهير فوزي التي تحمل شهادة الدبلوم، فجاءت للعمل في الشركة عبر المجلس الأعلى أيضا، وهي تواجه بعض الصعوبات في النقل، لكنها تتغلب عليها، وتقول» اصبحت على إطلاع كامل في حيثيات وطبيعة عملي، حيث أخضعت لدورة تدريبية من الشركة زادتني إطلاعا كبيراً على طبيعة العمل».
وتعتقد آلاء العقرباوي وهي طالبة جامعية، أنها تستطيع ان تقوم بعملها على أكمل وجه، وهي لا تحب ان تعامل معاملة خاصة، كونها معاقة حركياً لخطأ طبي الم بها منذ الطفولة، لأنها تعتبر نفسها موظفة لها حقوق وعليها واجبات.
ولعل مي عساكرية التي كانت منهمكة في العمل حين تحدثنا معها، وجدت في عملها فرصة لإثبات نفسها وقدرتها، وهي تعمل اكثر من ثمان ساعات في اليوم بشكل متواصل، ورغم ذلك فأنها لا تشعر بالتعب، كونها وجدت فرصتها التي تبحث عنها بعد ان أوصدت في وجهها أبواب العمل.
وجعفر الموصلي 22 سنة أيضا أحب عمله، وان قبول طلبه من الشركة كان مفاجأة له، إذ ان طلباته في العديد من الشركات كان مصيرها سلة المهملات بسبب إعاقته، ولم يخف مخاوفه برفض طلبه غير ان تلك المخاوف تبددت بعد ان اتصل معه مدير عام الشركة ليبارك له في العمل.
ويقول مدير الشركة حكمت ياسين، ان تشغيل هذه الفئة لديه لم يأت من جانب إنساني فحسب، بل انطلاقاً من رؤية جلالة الملك في ايلاء هذه الشريحة من المجتمع جل الرعاية والعناية والاهتمام، وإعطائهم حقوقهم في العمل، وفق ما نص عليه قانون حقوق الأشخاص المعوقين رقم 31 لسنة 2007 وكذلك الاتفاقيات الدولية.
وأضاف ياسين ان شركته تؤمن بهذه الفئة وبقدرتها على العمل ولذلك جاءت هذه المبادرة ليس فقط بتشغيل 4 بالمئة بل وصلت النسبة لديه 50 بالمئة، وهي الأعلى في نسبة تشغيل المعاقين في المملكة والشرق الأوسط، وهو عازم على تأهيل وتدريب المعاقين والأخذ بيدهم، لأنهم اقدر على العطاء والإنجاز لان العمل لديهم ليس ترفا، وإنما إثبات وجود.
وأشار ياسين الى ان الشركة وفرت لموظفيها سواء من الأشخاص المعوقين أو العاديين دورات تدريبية تضمن طبيعة العمل والقدرة على استخدام تقنيات الاتصال، خصوصاً خدمة الجمهور، مؤكداً ان الموظفين المعاقين يؤدون عملهم على أكمل وجه، وانه عازم على توظيف أعداد كبيرة منهم في مشاريع أخرى سيتم الإعلان عنها.
وكشف ياسين انه بصدد إطلاق مشروع كبير يتضمن توظيف 200 معاق حتى الذين لا تسمح ظروفهم الخروج من المنزل، وان الإجراءات والبرامج وخطة العمل للتنفيذ اصبحت جاهزة وسيبدأ العمل الفعلي مطلع الشهر القادم.
وثمن ياسين الدعم والمساندة التي يوليها سمو الأمير رعد بن زيد رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، بهذه الفئة، وبمباركته لخطوتنا في هذا المجال، مما كان له أطيب الأثر والحافز للاستمرار في العمل، خصوصاً رعاية سموه لحفل افتتاح الشركة.
ويشير ياسين الى ان الشركات التي توظف أعدادا كبيرة من موظفي خدمة الجمهور، يمكنها الاستعانة بالمعوقين، لأنهم برأيه الأقدر على العمل كونهم يعملون ساعات طويلة بلا انقطاع.
يذكر ان الشركة تأسست عام 2009 وهي داعمة لغايات شركات التلفزيون، وجاء إنشاؤها لحاجة السوق لصالات عرض وترويج متخصصة لمنتجات القنوات الفضائية.
الرأي