الرابط العجيب في سوريا
إيمان السيد محمد
أعادتني الأحداث الجارية في العزيزة سوريا (دولة الصمود والتصدي والممانعة!!).. أقول.. أعادتني تلك الأحداث عشرين عاما\" إلى الوراء كنت وقتها ذاهبة لشراء بعض الحاجيات من دكان صغير يحرص صاحبها كل الحرص على عدم إفلات الزبون بأي ثمن، وصدف وقتها أنني اضطررت للانتظار بينما كان أمامي مجموعة من الزبائن يشترون حاجياتهم.. الموقف الذي لفت انتباهي هو طفلة صغيرة أتت تريد شراء زجاجة بيبسي فما كان من البائع إلا أن بادرها قائلا\": لا يوجد بيبسي.. لكن يوجد (هايبكس)!!
يذكرني هذا الموقف بما يحدث في سوريا الحبيبة العزيزة حيث يشعر المتابع لما يجري فيها هذه الأيام أن النظام والإعلام السوريين في واد والعالم كله في واد آخر تماما\" معزول عنهما بأسوأ من جدار إسرائيل العازل.
هناك رابط ما وهناك أمور ومفاجآت سيعرفها الجميع في الوقت المناسب لتبرير قتل أهلنا في درعا وحمص وداريا وجبلة وغيرها.. هذا هو الخبر الممجوج اليتيم الوحيد المعلن في تفسير التعامل السوري الرسمي مع الاحتجاجات في المدن والبلدات السورية ضد القهر والقمع اللذان قبع السوريون في ظليهما ثمان وأربعين عاما\" كاملة غير منقوصة.. فكل متظاهر مندس مارق خارج عن الملة وبالتالي يصبح تنفيذ حكم الإعدام بحقه ميدانيا\" واجبا\" مقدسا\" على كل رجل أمن سوري تتاح له الفرصة لذلك.. وفيما فشل العالم كله في اكتشاف السر في وجود الثغرة الأمنية التي أتاحت دخول الجماعات المسلحة على بانياس وحمص ودرعا وداعل وطفس رغم تبجح النظام السوري مرارا\" بجاهزية أجهزته الأمنية العالية وقدرتها على الدوام في إفشال كل مخططات الأعداء للنيل من أمنها واستقرارها.. يبقى ذلك الرابط العجيب بين هدف تحرير الجولان المعلن منذ ثمان وثلاثين عاما\" وبين دخول الدبابات والمدرعات السورية إلى درعا وحمص وغيرهما.. هل تعطلت البوصلة الروسيه في الدبابات الروسية (الأربعة آلاف وخمسمئة) التي علاها الصدأ فلم تعد تميز بين الغرب سوريا وجنوبها؟؟!!
الجولان غربا\" ودرعا جنوبا\" فما هو السر يا ترى؟! وهنا لا أجد مفرا\" من الرجوع إلى مثال (الهايبكس) القديم، فالرجل ببساطة استنتج بذكائه أن الطفلة سوف تشتري البيبسي من مكان آخر وسوف تتسخ ملابسها بالتأكيد خلال شربها له وبعدها ستضطر والدتها لغسل ملابسها وسترسلها لشراء الهايبكس وعليه فهو يريد أن يوفر عليها رحلة أخرى لدكانه ويعطيها ما سوف تحتاجه مقدما\"!!
هذا هو حال الشعوب العربية.. فهي أقل وعيا\" من أن تترك لاتخاذ قراراتها ينفسها ولهذا لا بد من وصي يأخذ بيدها نحو ما يراه مناسبا\" لها على اعتبار أنها قاصر ولا بد من ولي لها وإن غاب الولي فهناك الوصي الجاهز حتى لو كان زوج الأم.
وبنفس منطق الرابط المذكور أعلاه يتعامل الجيش السوري مع الحدث.. فهو يخاف من ارتداد درعا عليه إن هو اتجه إلى الجولان مباشرة.. ولهذا فهو يريد تأمين طريق الإمدادات الجنوبية قبل أن يتجه إلى الغرب (وبالمرة) يعود إلى حمص وبانياس من أجل القضاء على بعض الخونة هناك والتزود ببعض المؤونة اللازمة من أجل رحلته التحريرية.. والأهم من ذلك التزود ببعض الفستق الحلبي للتسلية بعد تحرير الجولان بدلا\" من كش الذباب حيث أن المهمة الأخيرة في الجولان.. تحصيل حاصل ولن تستنزف منه جهدا\" يذكر.. فقد تعودنا منذ كان الأسد الكبير كبيرا\" والصغير صغيرا\" أن نضرب إسرائيل ولا تحرك ساكنا\" لخوفها من سطوة الجيش السوري قبل أن تتابع المشاهد الأخيرة التي أثبتت جبروته.. فما بالك بعدها!! لقد ضربنا الكنيست الإسرائيلي والمفاعل النووي في النقب ومبنى الرئاسة في تل أبيب دون أن تحرك إسرائيل ساكنا\" أو تسكن متحركا\".. فهل تعتقدون أن تحرير الجولان سيكون أكثر من مجرد نزهة برية ممله نستهلك خلالها الكثير من الفستق الحلبي والفول السوداني والمتـــــــــــــــّة؟؟!! وللحديث بقية....