زاد الاردن الاخباري -
قالت دراسة حديثة أصدرها البنك الدولي، إن النظام المالي الحالي في الأردن يتسم بالتصاعدية بشكل متواضع، بالرغم من إمكانية تحقيق المزيد.
وأضافت، الدراسة الذي صدرت بعنوان "السياسة المالية والفقر والتفاوت في الأردن" واطلعت عليها "المملكة"، أن فريق عمله "أجرى مقارنة بين التفاوت بين الأسر على أساس دخولها السوقية فقط مع الدخول المالية اللاحقة (عقب دفع ضرائب الدخل والاستهلاك، إضافة إلى تلقي التحويلات الحكومية والخدمات المدعومة)".
وأوضح "على هذا الأساس، ينخفض التفاوت بمقدار 5.8 نقطة بحسب مؤشر جيني، من 35.1 إلى 29.5 نقطة. وعند أخذ الضرائب والمنافع النقدية فحسب (بمعنى، استثناء الخدمات التعليمية والصحية غير النقدية)، ينخفض التفاوت بمقدار 2.6 نقطة فقط. علاوةً على ذلك، سيكون معدل الفقر هو ذاته بحسب معدل الفقر الرسمي في حال أخذ ضرائب الاستهلاك والدعم غير المباشر بعين الاعتبار".
وتعد السياسة المالية إحدى أقوى الأدوات التي تملكها الحكومات للحد من الفقر والتفاوت، إلا أن تأثير تلك السياسة على جميع الأسر لا يعد متشابها، حيث يمكن أن تترك السياسة المالية- أي كيفية تحقيق الإيرادات العامة من خلال مختلف الضرائب وكيفية إنفاقها- آثارا كبيرةً على الفقر والتفاوت.
البنك الدولي، أجرى معاينة لقاعدة بيانات تضم 47 دولة من حيث درجة انخفاض التفاوت بفعل السياسة المالية، موضحا أن "الأردن يقع ضمن النصف الأدنى من تلك الدول، حيث احتل المرتبة 25 عند أخذ الضرائب والمنافع النقدية فقط بعين الاعتبار، كما أنه يبقى في المرتبة ذاتها إذا قمنا بشمول التعليم والصحة". واستدرك قائلا إن "التوسع مؤخراً في برامج المساعدات الاجتماعية في جعل السياسات المالية في الأردن أكثر توازنا، ففي العام 2019، أدخل الأردن برنامج تكميلي (تكافل) إلى برنامج المساعدات الاجتماعية الرئيسي (صندوق المعونة الوطنية). وتوسع في البرنامج في عام 2020 لتصل مساعداته إلى 85,000 أسرة بحلول العام 2021".
"من المتوقع أن يؤدي البرنامج الجديد إلى خفض التفاوت بمقدار 0.7 نقطة والفقر بمقدار 1.4 نقطة مئوية، ويمكن أن يسهم الانتقال المقرر إجراؤه لاحقاً في النهج الحالي لصندوق المعونة الوطنية إلى نهج أكثر استهدافاً للفقر في تقليل التفاوت والفقر بشكل إضافي يبلغ 0.4 و0.4 نقطة، على التوالي"، بحسب التقرير.
وتتتبع هذه الدراسة كيفية تأثير النظام المالي في الأردن على مختلف الأسر، من خلال قيام تلك الأسر بدفع ضريبة الدخل والضريبة العامة على المبيعات والاستفادة من المساعدات الاجتماعية والخدمات مثل التحويلات النقدية، ودعم أسعار الكهرباء والمياه، والتعليم والصحة. وقال البنك إن "إجراء إصلاحات مالية يعتبر أمرا ضروريا في الأردن، حيث بلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي في الأردن في عام 2019 نحو 99%، بما في ذلك المتأخرات، وبرزت الحاجة لضبط أوضاع المالية العامة حتى ما قبل الجائحة بفعل محدودية الحيز المالي".
وأوضح "سيجعل الإنفاق الطارئ بسبب فيروس كوفيد-19 لدعم الأسر والشركات المتعثرة في ظل تراجع الإيرادات بسبب الصدمة الاقتصادية إلى جعل إجراء الإصلاحات المالية أكثر أهميةً في مرحلة ما بعد فيروس كوفيد-19". "رغم ذلك، يوجد نطاق للإصلاح مما سيسهم في سد الفجوة المالية مع العمل على الحد من الفقر والتفاوت"، بحسب الدراسة.
ورقة التقرير تبحث في ثلاثة مجالات للإصلاح؛ هي الضريبة العامة على المبيعات، تعرفة الكهرباء، وإصلاحات نظام الحماية الاجتماعية، ومعاً، ستؤدي هذه الإصلاحات إلى خفض الفقر بمقدار 1.7 نقطة مئوية والتفاوت بمقدار 1.3 نقطة، مع العمل على سد الفجوة المالية بمقدار 115 مليون دينار أردني، بحسب البنك.
وبين البنك أن "إصلاح الضريبة العامة على المبيعات سيعمل على إلغاء النسب المخفضة والإعفاءات على العديد من السلع والخدمات؛ حيث يذهب 60% من هذه الإيرادات الضائعة إلى أثرى 30% من الأسر، يتم تحديد تعرفة الكهرباء عند تكلفة الإنتاج بالنسبة لأثرى 40% من الأسر (زيادة بعض التعرفات وتقليل تعرفات أخرى) مع بقاء التعرفة ثابتة أو تخفيضها لمعظم الأردنيين، مما سيسهم في تقليل الفقر والتفاوت".
وأضاف "سيكون للتوسع المستمر في برنامج "تكافل" وإعادة الاعتماد لصندوق المعونة الوطنية تكلفة مالية، إلا أن ذلك سيعمل على الحد من الفقر بصورة أكبر. كما توجد فرص أخرى لسد الفجوة المالية أو الحد من الفقر والتفاوت دون الحاجة لزيادة الإنفاق".
ودعا البنك الدولي إلى إعادة توجيه هذا الإنفاق لزيادة الشمول في التأمين الصحي للمستفيدين الحاليين من صندوق المعونة الوطنية وبرنامج "تكافل"، أو تخفيض نطاق الشمول فيه لتحقيق وفورات مالية مناسبة.
ويعتمد مقدار ضريبة الدخل التي يدفعها العامل على مقدار الدخل الذي يتأتى له، ومقدار الاقتطاعات التي يمكنه المطالب بها، وتركيبة الأسرة في الغالب. كما يعتمد مقدار الضريبة العامة على المبيعات التي يدفعها الأشخاص على الأشياء التي ينفقون المال عليها. كما يعتمد سعر ما يشترونه على مقدار الضرائب على مدخلات الإنتاج. وفي الوقت ذاته، قد تستفيد الأسر الأشد فقراً وحرماناً من برامج الحماية الاجتماعية لكن بصورة أقل من الاستثمارات في مجال التعليم العالي والذي قد لا يتمكن أطفال تلك الأسر من الالتحاق به.
ويعتبر إجراء تحليل للفئات المستفيدة من مختلف أنواع الضرائب والإنفاق أمراً مهما من أجل فهم كيفية تأثير السياسة المالية على الفقر والتفاوت في الأردن، بحسب الدراسة.