زاد الاردن الاخباري -
كتب: عبدالهادي راجي المجالي - منذ ايام وأنا أتابع (السوشيال ميديا)، أضحك في داخلي.. وأحزن في ذات الوقت, أضحك لأني لم أجد لي مساحة في هذه الفوضى كي أعبر عن رأي... وإن عبرت استباحوني, إن قلت إني مع الدولة والدستور والجيش.. أتعرض لاستباحة تامة، كأنني أقول أنا مع إسرائيل...
حتى الذين ساروا في ركب السلام، وجلسوا مع رابين ونتنياهو سامحتموهم، حتى الذين انقلبوا وعاشوا في المقاهي الثورية في بيروت, ورفعوا شعار الجمهورية الأردنية سامحتموهم.. حتى الذين حجوا إلى حزب الله ورموا الحجارة على بوابة فاطمة، وأعلنوا تأييدهم المطلق للرئيس بشار الأسد... سامحتموهم، والذين أيضا دعوا لإسقاط الديكتاتور في العراق وقاموا بالتشفي لحظة أن استشهد السيد الرئيس.. في محفل كله ظلم وظلمات واعتداء على العروبة.. سامحتموهم، حتى الذين داسوا على جواز السفر الأردني في بيروت سامحتموهم ونصبتموهم وزراء علينا لماذا إذا يصبح الوقوف مع الدولة والجيش والعرش.. تهمة؟.. وتصبح في عرف ثلة من شعبنا سحيج، متنفع، هزيز ذنب ...الخ
أنا أردني هل يجرؤ أحد من أنصار الصف الاخر أن يشكك بأردنيتي؟... لي عين ترى الكرك أجمل من غيرها ...فلماذا سرقتم نظرها واتهمتموها بالحول؟...
لي قلب يعشق البلد ويؤمن بالدستور والعرش ..هل مطلوب مني أن أحكم عاطفتي على عقلي حتى أكون أردنيا في عرف من استشاطوا غضبا على صفحات الفيس بوك؟ واتهمونا زورا وتجنيا بأننا ..الذباب وبأننا زبد البحر وبأننا الملح في الماء الصافي...
لماذا تحتكر الحقائق في وطني؟ لماذا يتغلب فريق صوته عال في الصراخ على فريق صوته خافت في الحب والعقل؟.. لو كنا نؤمن بالحقيقة والوعي قليلا لما حكمنا سائق شاحنة متقاعد يمارس الشتم والسباب فقط على الفيس بوك نجما في السوشيال ميديا .. ويتابعه للأسف مهندسون وأستاذة جامعة.. هل تقاعد الوعي في الأردن إلى الحد الذي صارت الشتيمة فيه معارضة؟...
الولاء لا ينبت من تحت المقاعد الفاخرة والأسرة الوثيرة.. الولاء ينبت فقط من جبين العسكر ...
القصة أن طرفا في شعبنا اغتال طرفا اخر باسم الأمير حمزة, الأمير لم يتأثر بالقصة ربما ولكن نحن من تأثرنا.. نحن من شتمنا لأننا دافعنا عن الدستور.. ونحن من استباحونا وجردونا من أردنيتنا، سخروا منا.. رمونا في الخلاء، حاكمونا في محاكم السخف والإبتذال.. ووصل الحد لأن ينفوا عنا أردنيتنا.. خسئوا وخابوا، وخاب المسار فيهم والطريق... لقد جربنا السجون والمعتقلات كلها، أنا لم أترك سجنا في البلد إلا دخلته باسم الحرف والكلمة.. صمدت فيه، وذقت عذاب السجان والتهميش.. ياترى هؤلاء المستلزمون على الفيس بوك هل سيتحملون ليلة في زنازين المخابرات.. احتملناها حين كانت أنياب البطيخي أحد من نصل السكاكين؟.. هؤلاء المسترجلون الإمعة هل سيحتملون يا ترى.. ليلة من الضرب المبرمح تحطمت فيها ضلوع صدري حين أصدر..ذاك الجنرال أمره بتحطيمي...؟.. لم أكن وحدي في المشهد بل كان العشرات من شبابنا..
أنا سأدافع عن الملك عبدالله الثاني، ليس تسحيجا ولا تزلفا.. بل لأنني أؤمن أنه الضرورة .. وما دونه هو عقاب.. نعم عقاب بالمعنى الحرفي المطلق, وأعرف معنى أن يأتي وزير خارجية دولة ولا يقابل من قبل الملك.. أعرف معنى أن يسترد الأردن حضوره بعدما حاصروه وشوهوه.. وأذاقوه كل أنواع التهميش في عهد ترامب, أعرف أن بعض الأطراف ستدفع ثمنا باهظا لما صاغته أياديهم من مؤامرات على النظام الأردني والشعب.. لكن للأسف قومي يقرأون النص مجردا ولا يقرأون ما خلف السطور.. قومي يقرأون الرواية, ولا يعرفون مرامي الكاتب ...
لا أحد يجرؤ أن يشكك في أردنيتي... أنا منذ أكثر من عشرين عاما أطوي الحرف على الحرف وأكتب على استقامة (القايش).. أنا منذ أكثر من عشرين عاماً، ألظم حروفي في (الفوتيك) حتى غدت كأنها من خيوطه أو كأن الفوتيك حبرها..
الشتامون المسترجلون المستزلمون علينا ..في صفحات الفيس بوك، سيدركون الحقيقة يوما ويعرفون.. أن عاطفتهم غلبت وعيهم, وأن المرحلة كانت تحتاج الوعي..
أنا يوسف يا أبي وإن اغتالني إخوتي، سأبقى يوسف.. الذي حاولوا طمس حقيقة جماله واستبدالها بالبشاعة، يوسف المظلوم المكلوم.. يوسف الذي ألقوه في الجب.. ولكنه ظل يوسف.. والله ينصف عبيده ولا يظلمهم.
أنا يوسف يا أبي..