زاد الاردن الاخباري -
1-الأردن في العصور القديمة
2-الأردن في ظل الدولة العثمانية
3-الأردن في العهد الهاشمي الميمون
كان الأردن ومنذ أقدم العصور مأهولاً بالسكان بشكل متواصل.وتعاقبت عليه عدة حضارات، وقد إستقرت فيه الهجرات السامية التي أسست تجمعات حضارية مزدهرة في شماله وجنوبه وشرقه وغربه،ساعده على ذلك مناخه المتنوع وموقعه الذي يربط قارات العالم القديم،فكان قناة للتجارة والمرور البشري بين شتى بقاع العالم.
وإتخذ الكنعانيون فلسطين بلداً لهم وسمِّيت أرض كنعان،بينما سُمِّيت الأردن تحت عناوين عدة، حسبما نجده في أسفار العهد القديم نفسها: الاسم العام هو بلاد عبر الأردن (Trans Jordan), اما الأسماء الأخرى للأردن فقد كانت تسمى على إسم الممالك التي كانت تسكنها،والاسم الخاص هو المناطق الجغرافية وهي مكونات البلاد التي قامت بها هذه الممالك،وسمِّيت كل مملكة وشعبها باسم تلك المنطقة.
مثل الأدوميون (نسبة إلى أدوم) والمؤابيون (نسبة إلى مؤاب) والحشبونيين (نسبة إلى حشبون حسبان الحالية)،والعمونيون(نسبة إلى ربة عمون ـ عمان الحالية).والباشانيون(نسبة إلى باشان وهي بيسان الحالية).
ومملكة الأنباط نسبة لإسمهم وليس لإسم المكان. فقد جاءت هذه القبائل العربية مهاجرة من جزيرة العرب وحطّت رحالها في أرض الأردن وإستوطنت كل واحدة منها دياراً يفصلها عن الأخرى معالم طبيعية وكانت العلاقة فيما بينهم ودية،وكانت قد ظهرت هذه القبائل بالأردن منذ حوالي ألفي سنة قبل الميلاد،في وقت واحد تقريباً.
وخلال العصر البرونزي الوسيط (حوالي 2000 -1500 ق.م) نمت القرى سريعاً إلى بلدات مساحتها (5 – 10 هكتارات) من مستوطنات قروية صغيرة (أقل من هكتار واحد) كانت قد إنتشرت في أنحاء المنطقة الجنوبية من نهر الأردن حتى ضفاف نهر الزرقاء وعلى طول مرتفعات الأردن الشمالية وجنوباً حتى عمان، حيث إستقر الإنسان في القرى الأولى،ومارس الزراعة،ونشأت تدريجياً علاقات تكامل بين أنماط الحياة المستقرة والرعوية بين أوائل القرويين الذين عرفوا كيف يستفيدون من بناء السدود الصغيرة على سفوح الجبال مع البدو.كما نشأت علاقات بين مجتمعات متباعدة، تبادلت منتوجاتها الحرفية الخاصة بكل منها.فتطورت مواقع القرى تدريجياً لتصبح مدناً تحتوي مبان إدارية ( بلا، دير علا، إربد، السلط، عمّان)، ثم تطورت إلى ثلاث ممالك: (عمّون، مؤاب وأدوم) حوالي 1,100 ق م. جاء نشوء هذه الممالك في العصر الحديدي (1200 – 332 ق.م) في سياق الفترة التالية من العصر البرونزي المتوسط، الذي تميز بظهور نوع جديد من الصناعة الفخارية وبشيوع إستعمال البرونز في صناعة الاسلحة.
وفي العصر الحديدي...عام 1200ق.م – 332 ق.م تأثرت الجماعات القبلية والعشائرية التي كانت تسكن مناطق الأردن قديمًا بالمد الحضاري الكنعاني.فعلى الرغم من أن الكنعانيين كانوا قد سكنوا فلسطين ومناطق جنوبي بلاد الشام،فإنّ تأثيرهم الحضاري خاصة الثقافي واللغوي كان قد إمتد إلى الجماعات التي كانت تقطن مناطق الأردن.
واستطاع الإنسان في هذا العصر أن يصهر الحديد والفولاذ ويستخدمه في صناعة الأسلحة والأدوات المنزلية،وقد تحسن مستوى الصناعات والحرف،حيث ظهر الفخار المتقن الصنع.
وأهم ما يميز العصر الحديدي نشوء ثلاث ممالك صغيرة اقتسمت هضبة شرق الأردن هي:
1-مملكة عمون وعاصمتها ربة عمون
2-ومملكة مؤاب وعاصمتها ذيبان
3-ومملكة أدوم وعاصمتها بصيرا
كانت عاصمة الأدوميين بصيرا..............التي تقع حاليا في محافظة الطفيلة،وقد ظهرت في الجزء الشمالي للمملكة العربية الأردنية مديان التي كانت تمتد جنوباً في شمال جزيرة العرب. ومَلِك الأدوميون الشراة ووادي عربة والبادية الشرقية وخليج بحر القلزم (أيلة/ العقبة الحالية) وساحل البحر الأحمر إلى الجنوب.
وكانت لهم قوة برية وبحرية،ويستفيدون من القوافل التجارية والثروة الزراعية والثروة الرعوية التي سبق وأشرنا أنها ضايقت الفرعون المصري رعمسيس الثالث في فترة متأخرة من عهد المملكة الأدومية.
وكانت هذه المملكة تتألف في تركيبها السكاني من قبائل،ولكل قبيلة شيخ يعتبر هو زعيمها، ولهؤلاء زعيم يعتبر شيخ المشايخ،وتطوّرت الأمور بعد الإستقرار أن صار الشيخ الأعلى ملكاً للبلاد،يقود الجيوش بالمعارك،وله إدارة الدولة والعشائر،وكانت مملكة جيدة التنظيم،ونظام الحكم فيها وراثي في الذكور.
المؤابيون تلك المملكة الشهيرة التي كانت عاصمتها ديبون شمال وادي الموجب...،ثم انتقلت إلى قبر حارسة (الكرك) زمن الملك ميشع. كانت الكرك وذيبان العاصمتين الرئيسيتين لهم وكان الإله لكموش أهم إله عند المؤابيين،وكان ميشع أعظم ملك من ملوكهم الذي دوّنت انتصاراته وإنجازاته على حجر ذريبان.وقد تعاقب على إحتلالها فيما بعد كل من الآشوريين،والبابليين، وصارت مملكة مؤاب ولاية بابلية زمن الملك نبوخذ نصر.
بينما كانت عمون أو ربة عمون.....المعروفة الآن بعمان عاصمة للدولة العمونية، وكان العمونيون يتمركزون في شمال ووسط الأردن وتحتفظ عمان بموقع العاصمة القديمة.
قام العمونيون بإخراج اليهود القدماء من بلادهم إلى بلاد كنعان (فلسطين). وقاد هذه الحرب ملكهم ناحاش العموني،حتى إذا ما صار داوود ملكاً انقلبت الموازين وقام في حوالي عام 1000 ق.م بالهجوم على كل من مؤاب وأدوم،ثم في عام 995 ق.م قاد الملك طالوت حملة على عمون زمن الملك العموني حانون بن ناحاش.ومن ملوك العمونيون أيضاً حنون،شوبي،روحوبي بعثا،شانيب، زاكير.واحتل اليونانيون (عمون) في عام 300 ق.م وكانت من ضمن ما إحتله اليونانيون من الأردن وسوريا.
لقد أولى اليونانيون(عمون)أهمية كبرى،إذ صارت من ممتلكات بطليموس المصري خلال جزء من القرن 3ق.م حيث أعيد بناؤها وأطلقوا اسماً جديداً عليها وهو:( فيلادلفيا)دلاً من ربة عمون.
وأما الاسم الجديد فهو مشتق من اسم بطليموس فيلادلفوس الثاني (383-346 ق.م).
لقد إزدهرت ربة عمون في الفترة اليونانية،وصارت إحدى تحالف المدن العشر وكان تحصينها ضرورة أمنية للإمبراطورية لتكون قادرة على مواجهة الموجات البدوية القادمة من الصحراء .حيث تعلَّم اليونانيون الدرس في أنهم قادرون على حصار المدن والقلاع واحتلالها، لكنهم غير قادرين على القضاء على البدو أو منع هجماتهم.
لقد حدث صراع بين الجناح المصري والجناح السوري للإمبراطورية اليونانية بين أتباع بطليموس في مصر،والسلوقيين في سوريا،الذين رأوا أهمية ربة عمون، وضرورة السيطرة عليها،لحرمان مصر من مخفر متقدم في خاصرة بلاد الشام من جهة،ولتكون مخفراً متقدماً للسلوقيين ضد المصريين والبدو على حدٍّ سواء من جهة أخرى.
فقام الملك أنطيوخس الثالث (الجناح السوري) بقيادة جيش كبير وضرب حصاراً طويلاً على قلعة ربة عمون،أدى إلى سقوطها وإحتلالها في نهاية المطاف.
كان ذلك الاحتلال من اتباع بطليموس في عام 218 ق.م. وبقي اليونانيون في عمان مدة تقارب مائة عام بعد هذا الاحتلال حتى طردهم منها الأنباط.
وقفزاً إلى وضع منطقة شرقي الأردن في عهد الدولة العثمانية........حيث نختصر الحديث على بعض الأحداث الرسمية التي شارك فيها الشعب الأردني قبل حوالي عقدين من الزمان إذ يمكن ذكراً وليس حصراً الإشارة إلى الأبعاد التاريخية للحياة النيابية الأردنية في العهد العثماني والتي تعود إلى النصف الثاني القرن التاسع عشر.حيث شهد أول مشاركة أردنية في الحياة النيابية في عهد الدولة العثمانية التي شملت المجالس الإدارية المنتخبة ومجلس المبعوثان (البرلمان العثماني) وتعتبر تجربة (مجلس إدارة قضاء عجلون) في العهد العثماني خلال الفترة من عام 1669 إلى عام 1913 من أهم التجارب التمثيلية في شرق الأردن.ونحتكم بذلك لوجود المصادر والوثائق الرسمية الصادرة عن الدولة العثمانية.
لكن هذه التجربة لم تكن الأولى،فتحدثت المصادر التاريخية أن نظام المجالس التمثيلية المحلية طبقه الشيخ أحمد ظاهر العمر الزيداني الذي كان حاكماً للواء عجلون خلال الفترة (1770م-1775م).
كذلك فإن الإدارة المصرية لبلاد الشام خلال (1831-1841) طبقت نظام مجالس الشورى (ديوان الشورى) والمأخوذ من النظام الإداري الفرنسي،حيث شكلت في المدن وأمهات القرى مجالس الشورى لسماع جميع الدعاوي وإحالة الشرعية منها إلى القضاء الشرعي.وفصل القضايا الإدارية والسياسية منها بإتفاق الآراء وإحالة القرارات النهائية إلى المتسلم لتنفيذها.
وكانت تجربة المجالس الإدارية المحلية المنتخبة من أول التجارب النيابية في الدولة العثمانية التي جاءت في نصوص قانون الولايات العثمانية لعام (1864م) والذي يعتبر من أهم الإنجازات التي تحققت في مرحلة التنظيمات العثمانية بل يعتبر الحد الفاصل بين الإدارة العثمانية التقليدية والإدارة العثمانية الحديثة وقد تأثر هذا القانون بالنظام الإداري المركزي الفرنسي.
ونص القانون ايضاً على إنشاء مجلس إداري لكل وحدة إدارية في الدولة العثمانية وذلك تقليداً للإدارة المصرية في بلاد الشام.وشملت هذه المجالس مجلس إدارة الولاية،ومجلس إدارة اللواء،ومجلس إدارة القضاء،ومجلس إدارة الناحية،ومجلس إختيارية القرية.وكان لهذه المجالس إختصاصات مختلفة ودورات لعقدها.وبعد ذلك بعدة سنوات جاءت تجربة مجلس المبعوثان (النواب) العثماني في عام (1876م)
من الواضح تماماً أن تركيبة الأعضاء المنتخبين في هذه المجالس والهيئات في القضاء كانت تمثل الزعامات المحلية والعشائرية في نواحي القضاء.
وقد توزعت عضوية هذه المجالس والهيئات بشكل أساسي بين العشائر التالية:
1-الخصاونة:ناحية بني عبيد
2- العزام:ناحية الوسطية
3- الشريدة:ناحية الكورة
4-الروسان:ناحية السرو
5-الفريحات:الجبل(ناحية جبل عجلون)
6-البطاينة:ناحية بني جهمة
7-العبيدات:ناحية الكفارات
أما عضوية الطوائف المسيحية في القضاء فقد توزعت ما بين:
1-آل غنما:ناحية بني عبيد
2-آل أيوب:ناحية بني عبيد
3-آل الحداد:ناحية الكورة
وفي أواخر العهد العثماني ننقل بعض الأحداث الواقعية والحقيقية عن المشاركة النيابية في الأردن والمساهمة السياسية لسكانه في الفترة من 1920-1921:
بعد وقت قصير من قرار ( المجلس الإداري التشريعي ) بتشكيل حكومة عجلون العربية برئاسة القائم مقام علي خـُلقي الشرايري إتخذت الحكومة قرارا بالعودة إلى أهالي إربد وجوارها لإفراز ( المجلس الإداري التشريعي ) عن طريق الإنتخاب ليتولى مهمة مراقبتها ومحاسبتها نيابة عن الشعب ، وخصـَّـصت الحكومة أربعة جنيهات مصرية لكل عضو مُنتخب كراتب شهري.
وفي شهر كانون الأول من عام 1920 م جرت الإنتخابات التي من الأرجح أنها كانت أول إنتخابات نيابية في شرقي الأردن،وأسفرت عن إفراز مجلس تشريعي فاز بعضويته معظم أعضاء المجلس السابق الذي اختير بالإتفاق وهم:
1 ـ الشيخ ناجي العزّام ( عشيرة العزّام / ناحية الوسطية )
2-الشيخ سعد العلي البطاينة ( عشيرة البطاينة / ناحية بني جُهمه )
3-الشيخ تركي الكايد المفلح العبيدات ( عشيرة العبيدات / ناحية بني كنانه ـ الكفارات )
4-الشيخ سليمان السودي الروسان ( عشيرة الروسان / ناحية السرو )
5-الشيخ فالح السمرين البدارنه / مختار فوعره ( عشيرة البدارنه / ناحية السرو )
6-الشيخ محمود الفنيش النصيرات ( عشيرة النصيرات / ناحية بني عبيد )
7-الشيخ سالم الهنداوي ( عشيرة الهنداوي / ناحية بني عبيد )
8-الشيخ محمد سعيد الشريدة ( عشيرة الشريدة المخزومية / ناحية الكورة ) ولكنه لم يحضر أي جلسة للمجلس التشريعي مع رفيقه ممثل الكورة السيد فارع النمر وذلك بسبب إعلان الكورة انشقاقها عن حكومة عجلون العربية وتشكيل حكومة محلية في الكورة عُرفت باسم حكومة ( دير يوسف ) برئاسة الشيخ كليب الشريدة المخزومي
9 ـ وتمثل الأهالي المسيحيون في المجلس بالسيد نجيب فركوح ( ناحية بني جهمه ) وبالسيد أيوب الإبراهيم الأيوب ( ناحية بني عبيد )
وخلال هذه الفترة الحرجة والخطيرة التي مرت فيها البلاد زاد فيها العمل السياسي وعلت وتيرة العمل السياسي والنضال الشعبي وتداعى رجالاتها إلى عقد العديد من المؤتمرات التي كانت مختلفة الأدوات والأساليب ولكنها كانت تحمل نفس الأهداف والغايات وتصب بمصلحة البلاد والعباد بالحفاظ على هذه المنطقة وفصلها عن فلسطين وإستثنائها من معاهدة سايكس-بيكو ووعد بلفور:
أولاً:موتمر (قَم) بتاريخ 06/04/1920 برئاسة الشيخ ناجي باشا العزام الذي إفتتحه بكلمة قائل فيها:
"بسم الله الرحمن الرحيم الواحد الأحد والمنتصر لأمة قاتلت من أجل استقلالها فكل التهنئة بإعلان استقلال بلادنا الشامية لصاحب الجلالة الملك فيصل بن الحسين والى شعبنا في كل مناطقه السورية، إن الهدف يا مشايخ قضاء عجلون من هذا الاجتماع هو الخروج بقرارات تتضمن الرد السريع على الأعداء الكفار وقد اتفقنا في سما الروسان على أن يكون الرد بمهاجمة المستوطنات اليهودية في سمخ وبيسان وطبريا والهمة في عشائرنا ورجالنا، والله معنا وسيشرح لكم الشيخ كايد المفلح خطة الهجوم التي ستكون في 20 نيسان".
وقد حضر المؤتمركل من شيوخ وزعامات قضاء عجلون وممثلين عن النواحي آنذاك وهم:
1-ناحية الوسطية: ناجي العزام، محمد المقبل،راجي العزام، حسن عبد الوالي القرعان.
2-الأغوار: بشير الغزاوي،مشوح ابو اللبن.
3-ناحية الكورة:كليب الشريدة،فارع النمر،محمد الشريدة،عقاب الطاهر المقدادي.
4-بني جهمة: سعد العلي البطاينة،عبدالرحمن ارشيدات،صبحي أبو غنيمه،مصطفى حجازي، عبد المجيد الدلقموني،محمود خالد الغرايبة،نجيب فركوح
5-ناحية السرو:سليمان السودي الروسان،فالح السمرين.
6--ناحية الكفارات:كايد المفلح العبيدات، تركي الكايد العبيدات،حسين الطوالبة، قويدر سليمان، عزام الجبر.
7-بني عبيد:محمود فنيش النصيرات،محمد الحمود الخصاونة،سالم الهنداوي.
8-ناحية الرمثا:ناصر الفواز البركات الزعبي.
9-عجلون:راشد الخزاعي
10-ومن المناضلين الفلسطينيين وجهاء فلسطين (يوسف الحايك، عبدالله الفاهوم، نايف الزعبي ومحمود شتيوي المغربي)
وكان من أبرز قرارات المؤتمر ونتائجه:
تحديد موعد الهجوم على قوات الإنتداب البريطانية والعصابات الصهيونية في منطقتي سمخ وبيسان في فلسطين بتاريخ 20/04/1920 وقد سميت تلك المعركة بمعركة ( تل الثعالب) التي قادها الشيخ كايد مفلح العبيدات بمشاركة مجاهدين من جميع نواحي قضاء عجلون وفيها سطر الأردنيين أبهى صور الفداء والتضحية والنضال دفاعاً عن فلسطين العربية وروا بدمائهم الطاهرة الزكية ثرى فلسطين وإستشهد فيها عشرة من المجاهدين وهم: (كايد المفلح عبيدات، سلطان عبيدات،قفطان عبيدات، محمد الحجات،سعيد القرعان،زطام العلاونة، وثلاثة من مجاهدي درعا).
لقد كانت منطقة شرق الأردن تخضع لإدارة الحكومة العربية خلال الحكم الفيصلي في دمشق (1918-1920).وبعد أن أجهضت الجيوش الفرنسية حلم إقامة مملكة سورية الكبرى تحت قيادة فيصل الأول العام 1920،وعلى إثر خروج الملك الفيصل من دمشق،وجد الشرق أردنيون أنفسهم أمام فراغ سياسي وإداري وأمني،فلجأ الأهالي في مواجهة هذه الظروف إلى تشكيل حكومات محلية في مناطقهم المختلفة.مما أدى إلى بروز زعامات محلّية شكلت حكومات في ثلاث مناطق هي (السلط،وعجلون،والكرك). لكن هذه الحكومات التي خضعت لإدارة الانتداب البريطاني،وكانت تعاني من الإنقسام والضعف.
وفي ظل هذه الأوضاع إستثمر الأهالي زيارة المفوض السامي البريطاني لفلسطين وشرق الأردن،هربرت صموئيل .
ثانياً: مؤتمر السلط:
بتاريخ 21 آب 1920عقد هربرت صموئيل لقاء مع أهالي مدينة السلط،وأعلن فيه أن الحكومة البريطانية قد قررت جعل إدارة شرق الأردن منفصلة عن إدارة فلسطين وأن المستشارين البريطانيين سيساعدون في إنشاء الحكومات المحلية في جميع أنحاء البلاد.ووعدت المفوضية السامية بأن تزود بريطانيا شرق الأردن بالسلع التي يحتاجها السكان والمحافظة على تجارتهم الحرة مع فلسطين مما سيساعد في تحفيز النمو الاقتصادي للأهالي.
ثالثاً:مؤتمر أم قيس:
بتاريخ 2 أيلول 1920عُقد الاجتماع الثاني بين شخصيات شرق الأردن والمسؤولين البريطانيين في أم قيس،عرف لاحقاً بمؤتمر أم قيس.وطالب الأهالي بوقف بيع الأراضي في شرق الأردن لليهود ومنع الهجرة اليهودية إليها.وحماية التجارة الحرة بين شرق الأردن والأقاليم المحيطة به.
وكنتيجة لهذين المؤتمرين،أرسل البريطانيون ستة ضباط للمساعدة بتشكيل الحكومات المحلية في شرق الأردن في الفترة بين أغسطس 1920 ومارس 1921
حيث شكلت في مرحلة ما قبل التأسيس بين العامين 1920 -1921 تسع حكومات محلية هي:
1-حكومة قضاء عجلون ومركزها إربد برئاسة القائم مقام علي خلقي الشرايري ولد في مدينة إربد عام 1878 وتوفي رحمه الله عام 1960.لقد أصرَّ أهالي إربد وجوارها على تسميتها بحكومة عجلون العربية تجسيداً وترجمةً لمشاعرهم العروبية الوحدوية.
2-حكومة قضاء الكرك ومركزها الكرك برئاسة الشيخ رفيفان المجالي مواليد مدينة الكرك عام 1862 وتوفي رحمه الله عام 1945.وأيضاً أصرَّ أهالي الكرك وجوارها على غرار ما فعله إخوانهم في إربد وجوارها على تسمية حكومتهم المحلية باسم حكومة مؤاب العربية تجسيداً وترجمة لمشاعرهم العروبية الوحدوية.
3- حكومة قضاء البلقاء (السلط، مادبا، عمان)، ومركزها السلط برئاسة مظهر رسلان الذي ولد في حلب عام 1886 وتوفي رحمه الله عام 1948.كان متصرفاً للسلط في العهد العثماني والفيصلي.
4-حكومة ناحية عجلون ومركزها عجلون وترأسها لأول أربعة أشهر الشيخ علي نيازي المصطفى اليوسف التل، ثم ترأسها الشيخ راشد الخزاعي الفريحات الذي ولد في عجلون عام 1850 وتوفي رحمه الله ودفن فيها عام 1957
5-حكومة الوسطية في عجلون/ناحية الوسطية برئاسة الشيخ ناجي بن مزيد بن كليب العزام الذي ولد في بلدة قم عام 1873 وتوفي ودفن فيها رحمه الله عام 1937...وإتخذ من بلدة كفرأسد أكبر قرى الناحية مركزاً لها
6- حكومة الطفيلة برئاسة الشيخ صالح باشا ذياب العوران من مواليد الطفيلة عام 1888 وتوفي رحمه الله عام 1955
7- حكومة دير يوسف في عجلون ناحية الكورة برئاسة الشيخ كليب الشريدة ولد عام 1865 وتوفي رحمه الله عام 1941
8- حكومة قضاء جرش برئاسة قائم مقام القضاء في العهد الفيصلي محمد علي المغربي
9-حكومة الرمثا برئاسة الشيخ ناصر الفواز البركات الزعبي.
وعودةً إلى مؤتمر أم قيس هذا المؤتمر الذي تم فيه وضع أسس الدولة الأردنية المستقبلية من خلال بنوده التي تضمن تحقيق هدف إنشاء الدولة الكاملة المستقلة.
حيث قدم فيه المجتمعون مطالبهم نيابةً عن أهل الأردن للمندوب السامي البريطاني الميجر سمرست تلخصت ب (16) بندا هي فعلا لائحة دولة وخارطة طريق تؤدي الى الاستقلال،ولعل من النقاط الخطيرة هي الدعوة الى ان تتولى بريطانيا الإنتداب على كامل سوريا الطبيعية لان الاردنيين تنبهوا إلى خطورة الانتداب الفرنسي وما يهدف إليه خاصة ان المؤتمر يأتي بعد اقل من شهرين من كارثة ميسلون،وادركوا اهمية ترسيم الحدود خاصة مع فلسطين وضرورة انشاء جيش وطني قادر على حماية البلاد.
وأدرك الأردنيون فضل آل هاشم في قيادة نهضة الأمة فجاء في مقدمة مطالبهم بأن يكون لهذه البلاد حكومة عربية برئاسة أمير عربي هاشمي.فرفعت الدولة راية سوريا التي هي امتداد لراية الثورة العربية الكبرى ولتستمر هذه راية لمملكتنا الأردنية الهاشمية مع بعض التعديلات.
واليوم فاننا نستذكر بإكبار واجلال أهلنا في الشمال الذين صاغوا بنود هذه الإتفاقية،ونحيي هؤلاء العشرين شخصية الذين دونوا أسماءهم موقعين عليها مع حفظ الألقاب وهم :
(سليمان السودي الروسان،سعد العلي البطاينة،ناجي العزام،حمد الحمود،تركي الكايد،برهم سماوي،عبدالرحمن الرشيدات،عبدالرحمن الشرايري،علي خلقي الشرايري،فالح السمرين، محمود الفنيش النصيرات،مصطفى حجازي،بشير المفلح الروسان،خلف التل،طلال المحمد، رشيد العلي،صالح القاسم الملكاوي،عبدالله اللافي،عقلة المحمد،ونجيب فركوح.)
وقد تمكن المؤتمرون من وضع عدد من البنود التي تعكس الرؤيا الثاقبة لأهل شرقي الاردن ووعيهم السياسي،وحسِّهم الوطني وغيرتهم على الارض العربية جميعها،وتاليا بنود هذه الإتفاقية:
1-إنشاء حكومة عربية واضحة الحدود
2- ان يكون لهذه الحكومة امير عربي هاشمي
3- ان يكون لها مجلس عام للإدارة وسن القوانين
4-أن لا يكون لها أدنى علاقة بفلسطين
5-الدعوة لمنع الهجرة اليهودية منعاً باتاً ومنع بيع الأراضي لليهود ايضاً
6-أن يكون للحكومة جيش وطني
7- للحكومة وحدها الحق في إبقاء السلاح مع الأهالي أو تجريدهم منها
(نلاحظ في هذه البنود أعلاه التصميم على استقلالية شرقي الأردن في وحدة ارض لها جيش يدافع عنها،في جوار ارض عربية اخرى (فلسطين) لها استقلالها التام) وأما بقية البنود فهي:
8- العفو عن المجرمين السياسيين داخل المنطقة.
9- حرية التجارة مع المناطق المجاورة،واعطاء البلاد حقها من واردات الجمارك في سوريا.
10- الطلب بأن تتولى الحكومة الوطنية ادارة سكة حديد الحجاز كونها وقفا اسلاميا.
11-يكون شعار هذه الحكومة العلم السوري (الذي أصبح فيما بعد علم المملكة الأردنية الهاشمية).
13-تقدم بريطانيا لنا السلاح والعتاد والأدوات الفنية
14-:تكون بريطانيا منتدبة على عموم سوريا تأميناً للوحدة...
الأردن في العهد الهاشمي الميمون:
من المعروف بأن الدولة تتكون من ثلاثة عناصر رئيسية لا تستقيم الأمور بغياب أي منها.وكما أسلفنا سابقاً فإن منطقة شرقي الأردن كانت تمتلك عنصران هما (الأرض والإنسان) وكانت في تلك الفترة وتحديداً بعد إنهيار الدولة العثمانية تفتقر للعنصر الثالث وهو النظام السياسي.
لقد حبانا الله عز وجل بكريم عطاءه وفضله بأن مَنَ علينا ووهبنا نظام سياسي عربي هاشمي صاحب شرعية تاريخية ودينية.إكتملت بوجوده كافة أركان ومقومات بناء الدولة التي حماها الله من كل الشرور والمؤمرات والدسائس التي كانت تُحاك ضدها منذ بدايات التأسيس،لأن الأردن كان وسيبقى الدرع الحصين لأمته المدافع عن قضاياها العادلة الحافظ لكرامتها.كما أن ملوكه الحامين لهذا الوطن المحبين لأبناء شعبهم الوفي.
ومنذ تأسيس إمارة شرقي الأردن وعلى مر عمر مملكتنا المديد كانت الأردن تتعرض للإستهداف المباشر وغير المباشر وبشتى الطرق والوسائل من الحروب مع قوات الإحتلال الصهيوني وإلى التضييق عليه وخنقه إقتصادياً.
أولاً:تأسيس الإمارة في عهد المغفور له صاحب سمو الأمير عبد الله إبن الحسين طيب الله ثراه من تاريخ 21/4/ 1921 إلى 25/05/ 1946
بعد كل تلك الأحداث التي مرت فيها البلاد والأوضاع التي شهدتها من عدم الإستقرار التي عانى من المواطنين.والأخطار التي تتهدد البلاد أدرك رجالات الأردن (الآباء المؤسسون) بأن الأمور لن تستقيم ولن يكون لهم ما يسعوا إليه بالحفاظ على البلاد ودرء الأخطار المحدقة فيها إلا من خلال ما إتفقوا عليه بمؤتمر أم قيس الذي وضعوا فيه أسس الدولة المستقبلية للشعب الأردني على أرضه وبكامل حريته وإستقلاله التام. لذلك كان أول ما اتفق عليه (الآباء المؤسسون) لتحقيق هذه الغاية الأهم هو إنشاء حكومة عربية واضحة الحدود وأن يكون لهذه الحكومة أمير عربي هاشمي،وعليه ولتنفيذ هذه الغاية فقد بادر المؤتمرون الوطنيين (الآباء المؤسسون) من شيوخ العشائر بإرسال برقية إلى الشريف الحسين بن علي ملك الحجاز،يطلبون فيها إرسال أحد أبنائه ليتولى قيادة الحركة الوطنية العربية في المنطقة.
لقد آمن أحرار الأمة العربية بأن راية الثورة العربية الكبرى ستبقى خفاقة،وستستمر معها حركة النهضة العربية مع وصول الأمير عبد الله بن الحسين إلى معان في 21 تشرين الثاني 1920،بعدما شد رحاله بالقطار إليها تلبية لنداء الآباء المؤسسون رجالات شرقي الأردن والقوميين العرب بعد تداعيات معركة ميسلون.
وأعلن الأمير عبد الله بن الحسين أنه قادم إلى معان لإحياء الثورة التي خمدت في حوران،ووكيلاً ونائباً للأمير فيصل،إذ أوفده والده الشريف الحسين بن علي ملك العرب ليتزعم الحركة الوطنية المناوئة للفرنسيين تلبية وإستجابة لنداء الوطنيين الأردنيين والعرب في شرقي الأردن،ما حدا بالفرنسيين إلى الإستنفار،وإعلان وصوله مهدداً لوجودهم في سورية.
إن وصول الأمير عبد الله بن الحسين إلى مدينة معان،يُعد خطوة أولى لوضع حجر أساس الدولة الأردنية،وإنقاذها من حالة الفراغ الاداري والإستهداف الفرنسي،واتخذ الأمير عبد الله بن الحسين عند وصوله إلى معان،أحد أبنية السكة الحديدية الحجازية التي بنيت عام 1904م مقراً للدفاع الوطني،وقصراً للقيادة والإدارة،وكان القصر مصدر إشعاع فكري وتنويري لأحرار الأمة العربية،وإنبثقت منه القرارات السياسية، وصدرت أول جريدة في شرق الأردن حملت إسم "الحق يعلو"،وأمضى الأمير عبد الله في معان قرابة 3 أشهر،غادرها إلى عمان في 28 شباط 1921م.
لقد إستبق الآباء المؤسسون رجالات شرقي الأردن- رؤساء الحكومات المحلية- الذين شاركوا بإستقبال الأمير عبد الله في معان من تلقاء أنفسهم إلى حل حكوماتهم التي شكلوها سابقا في مناطقهم،إيذاناً منهم بتوحيد المنطقة وتأسيس إمارة شرقي الأردن بقيادة الهاشميين.
لقد وصل الأمير عبد الله بن الحسين عمان يوم الأربعاء في 02/03/1921 وفي عمان،بدأ الأمير عبد الله بن الحسين بتأسيس الدولة الأردنية،ولم يلبث أن أعلن عن تشكيل أول حكومة في إمارة الشرق العربي بتاريخ 21/04/1921 برئاسة الزعيم الوطني العربي رشيد طليع
ثانياً:المملكة الأولى في عهد المغفور له جلالة الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين المعظم طيب الله ثراه من عام 25/05/1946 – 20/07/1951
استمر النضال الوطني على المستويين الرسمي والشعبي من أجل الحصول على الاستقلال،وبقيت بريطانيا تماطل في تحقيق المطالب الوطنية إلى أن توجت هذه الجهود بإعلان إستقلال الأردن
وعقد المجلس التشريعي الأردني جلسة خاصة قدم خلالها قرار مجلس الوزراء، وقرارات المجالس البلدية المتضمنة رغبة البلاد في الاستقلال.كما أعلن قرار بالإجماع يقضي بما يلي:
*إعلان إستقلال البلاد الأردنية بإسم: المملكة الأردنية الهاشمية.
*البيعة لسيد البلاد ومؤسسها عبد الله الأول بن الحسين ملكًا دستوريًّا.
*تعديل القانون الأساسي
في يوم 25 مايو 1946 وافقت الأمم المتحدة بعد إنتهاء الإنتداب البريطاني على الإعتراف بالأردن مملكةً مستقلة ذات سيادة.وأعلن البرلمان الأردني الملك عبد الله الأول ملكًا عليها،
وفي عهد صاحب الجلالة الملك المؤسس واجه الأردن العديد من الصِعاب والمشاكل داخلياً وخارجياً ودخل مع العرب الحرب ضد القوات الصهيونية في عام 1948 وقد إستطاع الجيش العربي الأردني من الحفاظ على القدس ومنع سقوطها بأيدي قوات الإحتلال الصهيوني.وفي عهد المغفور له الملك عبد الله المؤسس إستقبل الأردن موجات النزوح واللجوء للأشقاء الفلسطيينين بعد حرب عام 1948 ومجازر الإحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني صاحب الحق والشرعية.
وإنتهت هذه المرحلة بتاريخ 20-07-1951 على أثر إستشهاد جلالة الملك المؤسس طيب الله ثراه بينما كان يغادر المسجد الأقصى في القدس بعد أداء صلاة ظهر الجمعة إغتيالاً على أيدي القتلة الآثمين.
ثالثاً:المملكة الثانية في عهد المغفور له جلالة الملك طلال بن الحسين المعظم طيب الله ثراه من تاريخ: 20-07-1951 إلى 11-08-1952
أصبح سموّ الأمير طلال ولياً للعهد في 17 آذار 1947، حيث أصدر صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله بن الحسين إرادته السامية بتعيين سموّه ولياً للعهد في ذلك التاريخ بمقتضى المادة (22) من الدستور.
بدأت صحة سموّ الأمير طلال تتراجع خلال عام 1948،وعندما كان في جنيف يتلقّى العلاج،استُشهد والده المغفور له الملك عبدالله بن الحسين يوم 20 تموز 1951، في رحاب أولى القبلتين بالقدس الشريف،فنودي بالأمير نايف بن عبدالله وصياً على العرش بقرارٍ من مجلس الوزراء برئاسة دولة السيد توفيق أبو الهدى.
واصل جلالة الملك طلال بن عبدالله، الذي نودي به ملكاً دستورياً على المملكة الأردنية الهاشمية في 6 أيلول عام 1951،مسيرة البناء والحكم برؤية استشرافية،استنادا ًإلى ما أرساه الملك المؤسس عبدالله بن الحسين من أُسس بُنيت على قواعد الوسطية والاعتدال والعدالة والمساواة والحرية وحقوق الإنسان.
بعد تعذُّر استمرار جلالته في الحكم بسبب اشتداد المرض عليه،اتُّخذ قرار دستوري بتشكيل مجلس الوصاية في 11 آب 1952 ريثما يبلغ نجله الحسين السنّ القانونية بموجب الدستور،وهو اليوم نفسه الذي تمت فيه مبايعة الحسين ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية.
وتوفي جلالة الملك طلال بن عبدالله في تموز عام 1972، وَوُوري الثري في الأضرحة الملكيّة في عمّان.
من أهم الإنجازات في عهد الملك طلال:
1-الدستور الأردني عام 1952: رأى الملك طلال بعد توليه سلطاته الدستورية ضرورة تعديل الدستور بصيغة جيدة تمنح مجلس الأمة والحكومة المزيد من الصلاحيات وتلقي عليها المزيد من الواجبات وترسخ الحياة الديمقراطية على أسس عصرية فأمر الملك مجلس الوزراء بتقديم مشروع يقضي بتعديل المواد الدستورية القديمة ووضع مواد دستورية جديدة.
2-ديوان المحاسبة: نص الدستور الأردني على إنشاء مؤسسات دستورية مهمتها الرقابة الإدارية والمالية للدولة فقد صدر قانون المحاسبة في 31/03/1952.
3-التعليم: حرص الملك طلال على الاهتمام بالتعليم فأصبح التعليم الأساسي في عهده إلزامياً للأردنيين وهو مجاني في المدارس الحكومية حسب الدستور الأردني.
رابعاً:المملكة الثالثة في عهد المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه من 11-08-1952 إلى 07 -02-1999
الحسين بن طلال هو الحفيد الأربعون للنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، من ذرية الحسن بن علي، سليل أسرة عربية هاشمية.
وُلِدَ في عمّان يوم 14 تشرين الثاني 1935، وتربّى في كنف والدَيه جلالة الملك طلال بن عبدالله وجلالة الملكة زين الشرف بنت جميل،وجدِّه جلالة الملك عبدالله بن الحسين.
وعندما استُشهد الملك عبدالله في المسجد الأقصى المبارك يوم 20 تموز 1951،كان حفيدُه الحسين برفقته لتأدية صلاة الجمعة،وبقي إلى جانبه حتى اللحظات الأخيرة من حياته،فاحتَضنَ جسدَه الطاهر ودماءه الزكية على مقربةٍ من ضريح الشريف الحسين بن علي.
وبعدما تولّى الملك طلال سلطاته الدستورية،أصدر إرادته الملكية بتعيين أكبر أبنائه؛الأمير الحسين ولياً للعهد في 9 أيلول 1951. ثم توجّه الحسين إلى بريطانيا لإكمال تعليمه في مدرسة هارو.
وعلى إثر مرض الملك طلال الذي حالَ دون استمراره في الحكم، نودي بالأمير الحسين بن طلال، ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية في 11 آب 1952. ولمّا كان الحسين في السابعة عشرة من عمره حينذاك، فقد شُكّل مجلس وصاية على العرش، بينما واصل الحسين تعليمه ملتحقاً منذ 19 أيلول 1952 بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة، حيث تلقى تعليمه العسكري وتخرج فيها مطلع عام 1953.
أتمَّ الحسين بن طلال ثماني عشرة سنة قمرية من عمره في 2 أيار 1953، فتولّى سلطاته الدستورية مدشّناً مرحلة جديدة في تاريخ الأردن الحديث، استمرت سبعة وأربعين عاماً (1952-1999) تحت الشعار الذي جسّد فلسفته ونهجه في الحكم والمتمثّل في مقولته"فلنَبْنِ هذا البلد ولنخدم هذه الأمة".
وواجه الحسين قدر مملكته بكل إيمان وثقة وتمكن بتوفيق من الله العلي القدير وحكمته من الإستمرار ببناء المملكة متجاوزاً كافة المشاكل والمعضلات الخطيرة التي واجهها في المملكة الثالثة.حيث خاص الأردن عدة حروب مع الكيان الصهيوني مجتمعاً مع الدول العربية في حرب حزيران عام 1967 وبعدها بعام خاض حرب أخرى لوحدة ضد القوات الصهيونية الغازية ودحرها وهزمها شر هزيمة في معركة الكرامة الخالدة.وما تلى ذلك من تداعيات حرب عام 1973.وكان عهد الحسين طيب الله ثراه مليئاً بالمؤامرات والدسائس والتحديات محلياً وإقليمياً ودولياً.فواجهها بكل عزيمة وثقة من حرب الخليج الأولى إلى حرب الخليج الثانية التي أثرت بشكل كبير على الأردن من كافة النواحي وخصوصاً الإقتصادية منها.وواجه الأردن تحديات كبيرة بعودة الالاف من الأردنيين والفلسطينيين من دول الخليج العربي.
لقد خاض الحسين طيب الله ثراه رحلة المرض بعزمٍ وصبر،منذ عَرف بإصابته به مطلع التسعينات.وفي يوم الأحد 7 شباط 1999،عند الساعة الحادية عشرة وثلاث وأربعين دقيقة صباحاً بتوقيت عمّان، صعدتْ روحُ الحسين إلى بارئها،وشُيّع جثمانه الطاهر في اليوم التالي، من قصر رغدان العامر إلى مثواه الأخير بالأضرحة الملَكية،وسُمّيت جنازته "جنازة العصر"لأنها شهدت مشاركة عدد كبير من زعماء العالم،وقرابة 75 وفداً رسمياً تمثّل دولاً عربية وأجنبية،وجمعت الأصدقاءَ والخصومَ من الأطياف كافة في مكان واحد.
خامساً:المملكة الرابعة في عهد صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني إبن الحسين المعظم-حفظه الله وأدام ملكه- من 08-02-1999
ولد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في عمان، في الثلاثين من كانون الثاني/يناير 1962م، وهو الابن الأكبر للملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه والأميرة منى الحسين ولجلالته أربعة إخوة وست أخوات،وهو الحفيد الحادي والأربعون للنبي محمد عليه الصلاة والسلام
حينما تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية،ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية، في السابع من شهر شباط/فبراير عام 1999م، كان يعلن بقَسَمه أمام مجلس الأمة، العهد الرابع للمملكة، التي كان تأسيسها على يد الملك عبدالله الأول ابن الحسين بن علي، ثم صاغ دستورها جده الملك طلال، ووطد أركانها والده الملك الحسين، طيب الله ثراهم.
تولى جلالته في هذا التاريخ مسؤولياته تجاه شعبه،الذي اعتبره عائلته، موائما بين حماسة وحيوية الشباب المتكئ على العلم والثقافة،وبين الحكمة التي صقلتها الخبرات العلمية والعملية.
اقترن جلالته بالملكة رانيا في العاشر من حزيران/يونيو 1993م، ورزق جلالتاهما بنجلين:هما سمو الأمير الحسين، ولي العهد، الذي ولد في 28 حزيران/يونيو 1994م، وسمو الأمير هاشم الذي ولد في 30 كانون الثاني/يناير 2005م،وبابنتين هُن سمو الأميرة إيمان التي ولدت في 27 أيلول/سبتمبر 1996م، وسمو الأميرة سلمى التي ولدت في 26 أيلول/سبتمبر 2000م.
وها نحن اليوم وفي عهد جلالته الميمون الملك الرابع للمملكة الأردنية الهاشمية ندخل المئوية الثانية للدولة الأردنية بكل عزيمة وإصرار بنظامها السياسي الذي يُعد أقدم نظام سياسي في منطقة الشرق الأوسط على الإطلاق.وملكها ليس الأقدم والأسبق في الحكم في المنطقة فحسب وإنما من الأقدم على مستوى العالم أجمع.
لقد واجه الملك عبد الله حفظه الله ورعاه في عهد المملكة الرابعة الكثير من الصعاب المتمثلة بالحروب والقضايا السياسية والأمنية والأزمات محلياً وإقليمياً ودولياً.
فبعهده الميمون واجه الأردن سقوط النظام العراقي وإنعكاساته الخطيرة على الأردن بفقدانه أكبر شريك تجاري وداعم رئيسي له إقتصادياً.والتحدي الأكبر كان بحركة النزوح واللجوء للشعب العراقي الذي أثقل كاهل الدولة ومؤسساته كافة.
وكذلك شهدت المملكة الرابعة بقيادة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني إبن الحسين المعظم الحرب على الإرهاب ومشاركة الأردن فيها بشكل مباشر وكان له دوراً رئيسياً ومحورياً هاماً.وتم إستهدف الأردن داخلياً وخارجياً من قبل الحركات الإرهابية وقدم الأردن العديد من أبناءه ثمناً لذلك الموقف الوطني والقومي المشرف.
ولا ننسى الموجة العاتية التي ضربت المنطقة وأدت إلى سقوط العديد من الأنظمة العربية الذي عرف بما يسمى (الربيع العربي) وقد تهاوت أنظمة عربية كان لها قرون في الحكم وبقي الأردن صامداً وواقفاً بوجه ذلك الإعصار بسبب حكمة جلالته وقدرته على التعامل الإيجابي مع كافة القضايا بكل مهنية وإقتداروتجاوزها بحنكته السياسية وإدارته الوازنة لتلك الملفات التي مكنت جلالته من الخروج بالأردن إلى بر الأمان.
وعانت المملكة الرابعة كثيراً بسبب الأزمة السورية وواجه الأردن موجة النزوح واللجوء الثالثة للشعب السوري الذي أثقل كاهل كافة مؤسساته العامة وزاد ذلك اللجوء من الأعباء التي كان يعاني منها الأردن وخصوصاً في قطاعات التعليم والصحة والمياة والخدمات وغيرها وإنعكاسات ذلك على المجتمع الأردني ككل.
وقد إستعاد الأردن بفضل الموقف الجريء والقوي لجلالة الملك عبد الله الثاني منطقتي الباقورة والغمر من أيدي المحتل الصهيوني وأعادها من جديد إلى حضن الوطن.
وكان من أكبر التحديات التي واجهها جلالة الملك عبد الله وبقي صامداً أمامها بكل قوة وحزم تلك الضغوطات التي مارسها الرئيس الأمريكي السابق (ترامب) وحكومته على الأردن من أجل تمرير بنود صفقة القرن وتنفيذها،إلا أنه إصطدم بالموقف الصلب والقوي والشجاع لجلالة الملك عبد الثاني الذي أعلن موقفه الثابت بشكل قاطع من تلك الصفقة بالرغم من تعاظم الضغوطات وكبر الإغراءات ورفض جلالته المطلق لأي تغيير على مدينة القدس ومعارضته بشدة أي أمر يمس بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.وعدم تخليه عن حل الدولتين ودعمه الكامل للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة كاملة غير منقوصة وحقه بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشرقية.
وها نحن كالعالم أجمع نعاني من سلبيات وآثار جائحة كورونا ونقف صامدين وأملنا بالله ومن ثم بقيادتنا الهاشمية الحكيمة من قدرتنا على تجاوز هذه المحنة وعودة الحياة إلى سابق عهدها.
بعد كل هذه التحديات والنجاحات لقادة آل هاشم ملوك الأردن العِظام.وحفاظهم على دولتهم،حتى هذا اليوم الذي نشهد فيه دخولها مئويتها الثانية بكل ثبات على الحق.
فمن حقنا أن نفخر بقادتنا آل هاشم الغر الميامين وأن نُباهي العالم أجمع بهذه القيادة التي لا مثيل لها على الإطلاق.
فهذا هو النظام السياسي العربي الأردني الهاشمي الجامع المانع بشرعيته التاريخية والدينية وأقدميته وعدالته وحنكته وحكمته.
الجامع لكلمة العرب ووحدتهم،المانع لتفرقتهم والمدافع والمتمسك بكل شبر من الأراضي العربية.
وتستمر مسيرة البناء والتطور والنجاح وجميعنا نقف صفاً واحداً خلف قائد مسيرتنا المباركة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني إبن الحسين حفظه الله وأدام ملكه وأيده بنصر من عنده
مزيداً من التضحية والبذل والعطاء خدمة لوطننا الغالي وقيادتنا الهاشمية الحكيمة والعشب الأردني العظيم
بقلم:أسعد إبراهيم ناجي العزام
رئيس هيئة إدارة جمعية عون الثقافية الوطنية
الأحد:11-نيسان-2021
المراجع
1-الدكتور يوسف غوانمة– دراسات في تاريخ الأردن وفلسطين - 1983 – دار الفكر- عمان
2-كتاب تاريخ الأردن وعشائره،الباب الثاني،الممالك الأردنية القديمة تاليف الدكتور أحمد عويدي العبادي
3-المؤرخ المرحوم سليمان الموسى،كتاب صور من البطولة
4-صفحة من تاريخ الأردن -الحلقة السابعة". د. محمد المناصير
5-عمر الديراوي، الحرب العالمية الأولى عرض مصور (دار العلم للملايين، بيروت ط14, 1994 م)
6-أحمد صدقي شقيرات
7- المؤلف المرحوم زياد ابو غنيمة كتاب‘اربديّ يتذكّر
8- المكتبة الوطنية الأردنية