زاد الاردن الاخباري -
على الرغم من الترويج للمليشيات الشيعية المتطرفة في العراق على انها الند والمقاتل لتنظيم داعش الارهابي، الا انه الشواهد تؤكد حقيقة واحدة هي تبعيتها لايران واليد الضاربة لتطبيع سياسة ورسالة الولي الفقيه، في وقت نقلت تقارير صحفية عن شهادات لاهالي قتلى المليشيات سيما تلك التي ارسلها النظام الايراني الى سورية يبدون ندمهم للتغاضي عن تجاوزات تلك المليشيات في وقت سابق.
ذراع لايران وليس لضرب داعش
في تقرير نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، اكدت ان المليشيات الموالية لإيران في العراق، ليست مهمتها محاربة داعش كما يتم الترويج لها، بل مجموعات تقاتل بالوكالة من أجل تعزيز نفوذ إيران، واكدت الصحيفة ان هذه المجموعات متجذرة بعمق في نسيج المجتمع العراقي، ومرتبطة بتاريخه المضطرب.
كان الأمر يتعلق بالعراق
بدأت "شرعية" هذه المليشيات، كما يوضح التقرير، من خلال الحرب على "داعش". فبمجرد أن بدأت الدعوات لمحاربة التنظيم، كان الشبان العراقيون يتدافعون إلى قوائم المتطوعين، لينطلقوا في حافلات متجهة إلى الخطوط الأمامية. ومع تراجع قوة وتنظيم الجيش العراقي، غالبا ما كان يقع على عاتق هذه المليشيات مواجهة هجمات التنظيم.
شرعية مزورة
ينقل التقرير عن أحد الأعضاء السابقين في هذه المليشيات، ثامر الصافي، قوله إنه "في ذلك الوقت، كان الأمر يتعلق بشيء واحد فقط (..) مستقبلنا. كان الأمر يتعلق بالعراق"، مستذكراً معارك 2014 التي قتل فيها اثنان من أشقائه.
لاحقاً، سيكون لهذه "الشرعية الجماهيرية عواقب بعيدة المدى"، وفق الصحيفة، حيث ستتدرج المليشيات المنتصرة على التنظيم في المستويات العليا من السلطة في العراق، وستضع البلاد، التي خرجت للتو من حرب مع التنظيم، على مسار من التصعيد مع الولايات المتحدة. وبدعم من إيران في كثير من الحالات، صعدت هذه المجموعات ضرباتها الصاروخية على المواقع العسكرية الأميركية في السنوات الأخيرة، مهددة بإشعال حرب واسعة النطاق بين واشنطن وطهران.
مع ذلك، وفي حين أن السردية الرائجة حول المليشيات الطائفية تميل إلى اختصارها كمجموعات تقاتل بالوكالة عن إيران، فإن الواقع كما يشير تقرير الصحيفة الأميركية يبدو أكثر تعقيداً.
الحشد الشعبي
ولدت الشبكة الرسمية لهذه المجموعات، المعروفة باسم قوات "الحشد الشعبي"، في عام 2014، بدعم شعبي واسع النطاق في جميع أنحاء الجنوب، بعد استجابة عشرات الآلاف لنداءات المرجع الديني علي السيستاني، من أجل محاربة "داعش". مع ذلك، فإن جذور بعض هذه المليشيات تعود إلى عقود من الزمن.
والآن، وفق "واشنطن بوست"، يطرح الوجود المعقد لهذه المجموعات أسئلة أبعد من مجرد نفوذ طهران، كما هي المقاربة الرائجة لها، لتشمل مخاوف بشأن ما أصبحت عليه هذه الجماعات، وعلاقتها بالدولة، ودورها في قمع التغيير؛ حيث أصبحت قوى اقتصادية، ومجموعات عسكرية تنفذ أجندات النظام السياسي. إنها متجذرة بعمق، كما يشرح التقرير، في كل المؤسسات الحاكمة في البلاد، كما كان لها الدور الأساسي في قمع الاحتجاجات الشعبية التي بدأت ضد الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019، عطفاً على أنها أصبحت اليوم على واجهة ملفات الانتهاكات الحقوقية في البلاد.
شعور بالتخلي
"لقد شعرت بالندم لأنني سمحت لأخي بالقتال". يقول عبد الله، 58 عاماً، لمعدي التقرير. ويضيف، وهو متطوع سابق في المليشيات أيضاً وقتل قناص من تنظيم "داعش" شقيقه حيدر في كمين في خريف 2014: "أدعو الله كل يوم لأعيش بما يكفي للاعتناء بأطفاله".
في الناصرية، إحدى المدن التي كانت جبهة لقتال التنظيم، يبدو المشهد كما تصفه "واشنطن بوست" مشابهاً، حيث تصطف وجوه القتلى، تماماً مثل حيدر، على لافتات باهتة في الشوارع. في مشهد آخر مقابِل، يتم استخدام هؤلاء الضحايا بشكل مستمر في الحملات الدعائية للتجنيد في المليشيات.
وعود الحشد الواهية لاهالي الضحايا
"وعدونا بالأرض وبتعويضات"، كما يقول للصحيفة عبد الستار، أحد الضحايا، مشيراً إلى أنه في المرة الأخيرة التي ذهبت فيها إلى مكاتبهم، أخبرتهم أنني "أتمنى لو لم أرسل ابني، مشتاق، ليموت". وفي حين كانت العائلة تتلقى مبلغ 900 ألف دينار عراقي شهرياً، أي ما يعادل أكثر من 600 دولار بقليل، فإن هذه التعويضات توقفت السنة الماضية، من دون أن تتلقى العائلة أي تفسير. "يقولون إنها ستعود، لكنها لم تعد".
مليشيات طائفية حقودة وليست وطنية
وعلى الرغم من أن شبكة المليشيات العراقية تضم مجموعات من معظم الطوائف الدينية في البلاد، إلا أن المليشيات الطائفية الموالية لإيران تهيمن على المشهد، كما أن العديد منها مدعوم من إيران. وشكلت المليشيات البارزة، مثل "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" و"حركة حزب الله" و"النجباء" و"بدر"، مصدر قلق كبير للمسؤولين الأميركيين، الذين اتهموا العديد منها في الأشهر الأخيرة بشن هجمات صاروخية استهدفت مرافق أميركية. وتسببت هذه الهجمات في مقتل أميركيين وأجانب آخرين، فضلاً عن مواطنين عراقيين، فيما ردت واشنطن في عدة مناسبات وقتلت عناصر من المليشيات، كما حدث أيضاً عندما اغتالت إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، في مطار بغداد في بدايات العام الماضي، ما جعل العراق ساحة للتوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
ومع إعلان بعض المليشيات المستمر عزمها على طرد الجيش الأميركي من العراق، لا تزال هناك مخاوف من حدوث المزيد من التصعيد، كما تورد "واشنطن بوست".
طرق مختلفة لـ"إنقاد العراق"
كانت مجموعات مثل "بدر"، التي تأسست عام 1982 في المنفى في إيران، حسب الصحيفة، فاعلة في السياسة العراقية حتى قبل فترة طويلة من الصراع الأخير. وكانت في وضع يؤهلها لتجنيد المقاتلين ضد تنظيم "داعش" في المدن العراقية الكبرى، مثل الموصل وتكريت في الشمال. وكان لدى "بدر" شبكة واسعة من المكاتب، كما كان لدى العديد من المجندين روابط أيديولوجية مع المجموعة. لكن آخرين، تماماً، مثل مشتاق، انضموا لأنهم كانوا قلقين بشأن "داعش". وفي هذا الصدد، جاء في تقرير الصحيفة "كانت مقاطع الفيديو الدعائية من أجل التجنيد تحث الشيعة على القتال من أجل أضرحتهم المقدسة وبلدهم، وكان مكتب بدر هو الأقرب".
يشرح عبد الستار ذلك بالقول: "كان أصدقاؤه يجمعون المال، وكان مكتب بدر هو الأقرب، لذلك وافق على التسجيل هناك"، مضيفاً أنهم "أخذوهم إلى الحرب من دون تدريب، وأرسلوهم مباشرة إلى الخطوط الأمامية".
الحشد يسيطر على اموال الميزانية العراقية
وفي حين تستخدم مليشيا "الحشد الشعبي" أموالاً من الميزانية الفدرالية العراقية لدفع أموال لعائلات ضحايا الحرب، فإن هناك ضعفاً في المساءلة بشأن أين تذهب تلك الأموال، كما أن القرارات حول المجموعات التي يتم تمويلها ومقدار هذا التمويل، غالباً ما يتم اتخاذها من قبل لجنة من كبار قادة المليشيات خارج إشراف الحكومة، وفقاً لورقة بحثية أعدتها مؤسسة "تشاتام هاوس" للأبحاث.
وتخصص الميزانية الوطنية حوالي 68 مليون دولار لشراء الأراضي لأسر الضحايا. لكن تم تخصيص 3500 قطعة أرض حصرياً للضحايا من أقارب النافذين في المليشيات منذ عام 2014، وفقاً لـ"مؤسسة الشهداء العراقية"، فيما تم تفسير هذا الأمر بأنه جزء من الصعوبات البيروقراطية.
استغلال الفقر في الناصرية
تعتقد بعض العائلات العراقية أن تعويضاتها قطعت لأنها لم تعد مفيدة للميليشيات، فيما يؤكد آخرون إنهم لم يتلقوا أي تفسير، وفقا للصحيفة.
يقول عبد الله (58 عاما)، وهو متطوع سابق في الميليشيات تحدث بشرط حجب اسمه الأخير خوفا من الانتقام، إنه شعر بالندم لأنه سمح لأخيه بالقتال.
وكان حيدر، شقيق عبد الله، قد قتل في 2016 أثناء المعارك ضد تنظيم داعش في سامراء، ويتمنى عبد الله أن يبقى هو على قيد الحياة لفترة أطول كي يتمكن من الاعتناء بأطفال شقيقه.
كتعويض عن وفاتهم، تلقت بعض عائلات القتلى قطعة أرض سكنية ورواتب شهرية من هيئة الحشد الشعبي.
وتؤكد الصحيفة أن الهيئة تستخدم أموال الميزانية الفيدرالية العراقية لدفع رواتب عائلات قتلى الحرب.
لكن مع ذلك فإن الرقابة على مصير تلك الأموال قليلة جدا، لأن القرار النهائي بشأن ذلك يخضع لكبار قادة الميليشيات خارج إشراف الحكومة، وفقا لورقة بحثية أعدتها مؤسسة تشاتام هاوس.
يقول ستار، وهو والد شاب يدعى مشتاق قتل في 2015 خلال المعارك، بعد أن تطوع في صفوف منظمة بدر، "لقد وعدوا بمنحنا تعويضا وقطعة أرض.. وفي المرة الأخيرة التي ذهبت فيها إلى مقراتهم، رميت جميع الأوراق على مكاتبهم وأخبرتهم أنني أتمنى لو لم أرسل ابني أبدا ليموت كشهيد".
يقول عماد، وهو والد علي الشاب الذي قرر إغلاق شركته المزدهرة في مجال الإلكترونيات للانضمام إلى حركة حزب الله النجباء للقتال ضد داعش، إنه تشاجر مع ولده بشأن هذا القرار.
ويضيف "قلت له في حينه إن العراق لا يستحق أن تموت من أجله.. هذا البلد يطلب منك الواجبات لكنه لن يمنحك حقوقك".
لكن علي رد على والده بالقول "أريد الدفاع عن بلدي"، ليقتل بعدها وهو في أوائل العشرينات من عمره، في عام 2016 أثناء محاولته نزع فتيل عبوة ناسفة في مدينة سامراء.