زاد الاردن الاخباري -
كتب الصحفي المصري اللامع أسامة عجاج تقريراً، في صحيفة الأخبار المصرية القومية، تناول فيه الاعتبارات الداعمة والمعززة لموقف جمهورية مصر العربية تجاه الأردن وقيادته وثوابت أمنه واستقراره.
وعدد الكاتب، المتخصص في الشؤون العربية والدولية، الدوافع الأخوية والسياسية والاستراتيجية التي تجمع البلدين وتجعل من الطبيعي أن تكون مصر من أوائل الدول الداعمه للأردن.
وقال الكاتب عجاج، في تقريره الذي حمل عنوان “مصر والأردن.. 4 اعتبارات وراء موقف القاهرة الداعم لأمن واستقرار المملكة”: كان من الطبيعي ان تكون مصر من أوائل الدول الداعمة لأمن واستقرار الأردن في مواجهة التطورات الداخلية الأخيرة التي شهدت المملكة الهاشمية والذي ظهر في البيان الصادر باسم رئاسة الجمهورية في أعقابها وأكد عن التضامن الكامل والداعم المتواصل للأردن وقيادته الممثلة في الملك عبدالله بن الحسين في الحفاظ علي أمن واستقرار المنطقة ضد آي محاولات للنيل منها معتبرا ان امن واستقرار الأردن الشقيق جزء لايتجزأ من الأمن القومي المصري والعربي وتمني البيان ان يحفظ الله المملكة من كل سوء ويمكن فهم هذا الموقف الحاسم والسريع من جانب مصر في ضوء العديد من الاعتبارات وبعيد عن تفاصيل ماحدث خاصة وان الأردن استطاع من خلال قيادته الحكيمة تجاوز الازمة في فترة قياسية واستعادة الهدوء والاستقرار للبلاد والتعامل القانوني مع تبعاتها وهذه الاعتبارات هي كالتالي :
الاعتبار الأول: ان القاهرة تدرك أكثر من غيرها حقيقة الأهمية الاستراتيجية للأردن في الحفاظ علي استقرار المنطقة خاصة وان الجغرافيا فرضت عليها ان تكون علي تماس مع عدد من الدول المهمة وبعضها يعاني من حالة عدم استقرار منها سوريا ولبنان والعراق ولا تنسي التماس مع الأراضي الفلسطينية وإسرائيل ولهذا فأي توتر في هذا البلد الشقيق يعني حالة من عدم الاستقرار سيدفع الجميع ثمنها ناهيك عن استراتيجية العلاقة بين البلدين وعمقها والمصالح المشتركة والإيمان المطلق من القيادة الأردنية بدور مصر الطليعي والاستراتيجي كدولة أساس ومحورية علي الصعيد العربي ورزانة في الشرق الأوسط مع خصوصية العلاقة التي تجمع قيادة البلدين
الاعتبار الثاني: ان هناك تماس وتنسيق وتفاهم استراتيجي في البلدين علي صعيد أكثر من ملف لعل أهمها القضية الفلسطينية والذي يأخذ أكثر من مسار الثلاثي بإضافة فلسطين حيث عقد وزراء خارجية الدول الثلاثة سامح شكري وأيمن الصفدي رياض المالكي حيث دعت مصر والأردن الي عقد دورة استثنائية لوزراء الخارجية العرب في فبراير الماضي تم تخصيصها فقط للبحث في دعم عربي كامل للتحرك الثلاثي وقد خرج من الاجتماع الوزاري تفويض عربي كامل وداعم لتلك التحركات كما اجتمع الوزراء الثلاثة علي هامش اجتماعات وزراء الخارجية العرب في دورتهم العادية في مارس الماضي وقد شدد الوزراء الثلاثة علي ان القضية الفلسطينية هي القضية المركزية وناقشوا سبل دفع الأطراف المعنية للانخراط في العملية السلمية إسنادًا علي قرارات الشرعيةوآخرها القرار ٢٣٣٤ ومبادرة السلام العربية التي تمثل المرجعيات المعتمدةللتفاوض مع ضرورة حق إسرائيل علي الجلوس والتفاوض من أجل التوصل لتسوية نهائية علي أساس حل الدولتين بما يضمن أقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة المتواصلة جغرافيا علي حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية كما ان هناك شكل من أشكال التنسيق الأمني والاستراتيجي الذي تمثل في الاجتماع الذي تم في رام الله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيسي جهازي المخابرات في مصر والأردن بحضور مدير رئيس الجهاز الفلسطيني للبحث في ملف المصالحة الفلسطينية والاستعداد للانتخابات الفلسطينية البرلمانية والرئاسية في مايو القادم وعلي نفس المستوي من الأهمية يأتي الدور المصري الأردني في توسيع التحرك باتجاه عملية السلام في المنطقة والنجاح الملحوظ بتشكيل تحرك رباعي بين مصر والأردن بإضافة فرنسا وألمانيا كانت بدايته في سبتمبر الماضي والذي شهد اول اجتماع بين وزراء خارجية الدول الأربعة مع الممثل الخاص للاتحاد الأوربي لعملية السلام وخلال شهري ديسمبر الماضي ويناير الماضي والذي استضافته القاهرة حيث جدد الوزراء الأربعة دعم الجهود الرامية الي تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط وفقا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة كما أكد وزراء خارجية الدول الأربعة علي دور الولايات المتحدة في هذا السياق وأعربوا عن استعدادهم للعمل مع الإدارة الجديدة من اجل تيسير المفاوضات التي تؤدي الي سلام شامل وعادل في المنطقة ومن أجل إطلاق أعادة عملية سلام ذات مصداقية بين الفلسطينين والاسرائيلين.
الاعتبار الثالث: يتعلق بإنشاء آلية ثلاثية للتنسيق بين البلدين بإضافة العراق باعتبارها محاولة جادة لاستعادة العراق لدوره العربي وكان اقتراحا اردنيا وكان من المقرر ان تشهد الأسابيع الماضية قمة ثلاثية تستضيفها بغداد وتم تأجيلها لظروف حادث القطار وأزمة السفينة الجانحة في قناة السويس وانشغال القيادة المصرية بمعالجة تلك التطورات وفي المرة الثانية نتيجة الظروف الآخيرة في الأردن حيث كانت البداية في مارس من عام ٢٠١٩ والثانية في سبتمبر من نفس العام علي هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والثالثة في اغسطس من العام الماضي وقد شهدت القاهرة مباحثات وزارية في مجالات عديدة للتمهيد للقمة الرابعة التي تستضيفها العاصمة بغداد كما تم الإعلان عنها خلال الأشهر القليلة القادمة كما تم عقد اجتماعات وزارية للدول الثلاثة علي هامش أعمال اللجنة المصرية الأردنية التي شهدتها عمان في الأسابيع الماضية ويأخذ التنسيق الثلاثي أكثر من بعد تنسيق استراتيجي وتوحيد المواقف تجاه الملفات السياسة في المنطقة خاصة الملف الليبي والتدخلات الإقليمية في الشأن العربي بالإضافة الي تعزيز التشاور السياسي والأمني بينهم حول سبل التصدي للتحديات الإقليمية غير المسبوقة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي وكذلك التعاون الاقتصادي بين الدول الثلاثة حيث هناك توافق علي تعزيز التعاون واعتماد أفضل السبل لترجمة العلاقات الاستراتيجية علي ارض الواقع وكذلك الاقتصادية والحيوية ومنها الربط الكهربائي ومشاريع الطاقة والمنطقة الاقتصادية المشتركة والاستفادة من الإمكانيات الوطنية والسعي لتكامل الموارد بين الدول الثلاثة و مأسسة آلية التنسيق الثلاثي بإنشاء سكرتارية تنفيذية يكون مقرها بالتناوب سنويا في احد الدول الثلاثة علي ان تكون مقرها في الأردن العام الماضي مع عقد ملتقي أعمال علي هامش اجتماعات وزراء تجارة وصناعة الدول الثلاثة.
الاعتبار الرابع: العلاقات الثنائية بين البلدين وخلال الأشهر القليلة الماضية يمكن ان نتوقف عند القمة الثنائية الناجحة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والملك عبدالله الثاني في يناير الماضي والتي استمرت يومين وشملت إجتماعيا نوعية علي مستوي القمة ولقاء مهم مع رئيس الوزراء التدني الدكتور بشر الخصاونة يضاف الي ذلك انعقاد أعمال الدورة ال ٢٩ للجنة العليا المصرية الأردنية برئاسة رئيس البلدين بمشاركة أعداد كبيرة من الوزراء المعنيين في كافة المجالات ولعل اللجنة العليا بينهما هي الأكثر انتظما من حيث مواعيد انعقادها وتحقيقًا للنتائج حيث نجحت في ضمان انسياب الحركة التجارية بين البلدين والوصول بها الي آفاق أرحب يتناسب مع العلاقات السياسية بين البلدين والإمكانيات الإنتاجية والتصديرية بين البلدين خاصة وان هناك مجالات للتعاون المشتركة في قطاعات مثل صناعة الأدوية وزيادة حجم الصادرات المصرية للأردن اضافة لمجالات البناء والتشييد والقوي العاملة والتدريب المهني والفني والنقل البري والجوي والمجالات العلمية والثقافية ولعل الملاحظة الجديرة بالاهتمام هو الارتفاع المستمر في الإحصائيات والأرقام الخاصة بالتبادل التجاري بين البلدين حيث وصل خلال الفترة من يناير الي نوفمبر ٢٠١٩ الي ٨٥٨ مليار دولار بنسبة زيادة بلغت اكثر من النص عما كانت في نفس الفترة خلال عام ٢٠١٨ فالصادرات المصرية بلغت اكثر من ٧٤٢ مليون دولار بنسبة زيادة ٦١ بالمائة أما واردات مصر من الأردن زادت بنسبة ١٤ بالمائة لتصل الي ١١٨ مليون دولار في نفس الفترة السابقة.
لعل ماسبق يمثل جزء بسيط من الأسباب الكامنة وراء الموقف المصري الداعم لأردن في الأزمة الأخيرة .