فتح وحماس مصالحة أم تحالف ضد الثورة؟
شيء من الخشونة الأخلاقية أن ينظر الإنسان إلى المصالحة( المرجوّة دائما)على أنّها (وبهذا التوقيت) خطوة سلبية ولا أخلاقية بامتياز ولكن ما يُسهّل الموضوع ويُرضي الضمير أن المصالحة المقصودة جاءت بهدف الدفاع عن السلطة والنظام الحاكم في فلسطين في ظل ظروف اقليمية ثورية تغييرية أجبرت الطرفين على تقديم التنازلات الذاتية والموضوعية ولا غرابة في ذلك لأنّ الهدف منها ليس مصلحة الشعب الفلسطيني وإنما مصلحة حلقة النظام الممسك بزمام السلطة.
بداية أودّ الإشارة إلى أنني أُجلّ وانحني أمام شهداء كلتا الحركتين الذين آمنوا بقضيتهم فقدموا أرواحهم في سبيلها،أمّا الطبقة السياسية التي انصهرت برأس المال فهي المعنية هنا.
منذ منتصف حزيران 2007 ونحن نرقب وننتظر وبشغف حدوث المصالحة بين ركني النظام متأملين تغليب المصلحة الوطنية الفلسطينية وخاصة أنّ طرفي المعادلة اقتربا من النهج اللامقاوم من ناحية والاغتراب عن قضايا الشعب الفلسطيني من ناحية أخرى،ولكن فشل اللقاءات والوساطات بدءا من اتفاق مكة في شباط 2007 والذي لم يصمد لأكثر من ثلاثة شهور، مرورا بالمبادرة اليمنية والتوقيع عليها في آذار 2008 وصولا إلى المبادرة المصرية بعد الحرب الاسرائيلية على غزّة وفشل هذه المبادرة،كلّ ذلك يضعنا أمام تصور آخر.
بعد هبوب رياح التغيير وحرارة براكين الثورات العربية تساوى الطرفين مرّة أخرى وفي مسألتين:الأولى حين فقد كلّ منهما الحليف الاستراتيجي الأوّل،فتح: النظام المصري وحماس: النظام السوري، والمسالة الأخرى خطورة الثورة الفلسطينية التي قد تنطلق لتسحق النظام في فلسطين ولتستشرف مشروعا وطنيا فلسطينيا. من هنا وجد طرفي المعادلة أنّ بقاءهما يقتضي اتحادهما لدرء مخاطر ثورة شعبية تلوح بالأفق، إن قامت ستكون لخلق المشروع الوطني المقاوم، ولإنهاء حالة الاستسلام التي وشّحت القضية الفلسطينية منذ سنوات.
كلّ ذلك دفع بطرفي الصراع الداخلي إلى الالتفاف على تململ الشباب الفلسطيني وبوادر الثورة وذلك من خلال الإعلان المفاجئ عن توصل الطرفين إلى لقاء في ظاهره مصالحة وطنية وفي باطنه تحالف ضد الشعب الفلسطيني وإرادته ومشروعه الوطني المقاوم.
رائـد العـزام