زاد الاردن الاخباري -
كتب الدكتور رعد محمود التل من قسم الاقتصاد في الجامعة الأردنية:
سجلت أسعارُ العديد من السلع الغذائية ارتفاعاً حاداً خلال الأيام الأخيرة، محدثة إرباكاً وضغطاً متزايدا على مستهلك مثقل من تبعات تآكل الدخل وضعف القوة الشرائية وجائحة ترخي بظلالها بصورة سلبية على الوضع الاقتصادي، ويتزامن كل ذلك مع حلول شهر رمضان المبارك! حيث شهدت أسعار سلع غذائية أساسية، منها الزيوت النباتية والسكر والأرز والدجاج وبعض أصناف الخضراوات والفواكه، ارتفاعاً بنسب راوحت بين 40 % و70 %.
في علم الاقتصاد، يشكل الرقم القياسي لأسعار المستهلك (Consumer Price Index) أداة اقتصادية مهمة لقياس متوسط التغير في أسعار مجموعة معينة من السلع بين فترتين زمنيتين، تدعى الفترة الأولى فترة الأساس والثانية فترة المقارنة. وقد أصدرت دائرة الاحصاءات العامة تقريرها الشهري حول الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك لشهر آذار من العام 2021، حيث سجل الرقم القياسي العام لهذا الشهر ارتفاعاً نسبته 0.29 %، وكانت تمثلت المجموعات السلعية الغذائية التي ساهمت في هذا الارتفاع: بالفواكه والمكسرات، اللحوم والدواجن، الزيوت والدهون! وقد سجل الرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر آذار ارتفاعاً يقدر بحوالي 16 % بالمقارنة بنفس الشهر من العام 2020.
عزت الحكومة ونقابة تجار المواد الغذائية ارتفاع أسعار المواد الغذائية محلياً إلى ارتفاع أسعارها عالمياً، وحتى يكون هذا التبرير أكثر إقناعاً على الحكومة أن تبين أسعار هذه السلع في البورصات العالمية ومقدار الضرائب والرسوم التي تفرض عليها! وذلك بهدف تحديد الأسعار العادلة والمنصفة التي يمكن أن تباع بها هذه السلع محلياً! كما على الحكومة التحرك فوراً لاتخاذ إجراءات داخلية للتخفيف على المستهلك، من خلال دعم هذه السلع بطرق مختلفة، كوقف الرسوم الجمركية أو تقديم إعفاءات ضريبية مثلاً على بعض السلع الغذائية الأساسية خلال هذه الفترة تحديداً!
الحكومة قامت بتحديد سقوف سعرية لعدد من المواد الغذائية لحماية المستهلكين (آخرها أسعار الدواجن) لكن هل تكفي هذه الخطوه لحماية المستهلك خاصة مع عدم الالتزام الذي قد يظهر بتلك السقوف السعرية؟ إن دور الحكومة ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة يتجلى اليوم بتشديد الرقابة على الاسواق والتحرك الفوري ضد كل من تسول له نفسه التحكم بقوت المواطن أو رفع الأسعار، وذلك من خلال منع أي حالة احتكار أو تكديس للمواد الأساسية التموينية (إن وجدت) في جانب العرض والطلب، ولا ضير من تخصيص دعم مباشر لصغار التجار للاستفادة من أي حزم اقتصادية تقدمها الحكومة مستقبلاً!