بالرغم من بعض مظاهر الرفض أو التشكيك فقد تداول الأردنيون بكل ألوان الفرح والسرور على صفحات المواقع الالكترونية خبر موافقة دول مجلس التعاون الخليجي على انضمام الأردن لهذا الصرح التعاوني الذي ما زال متماسكاً ولم يتفكك رغم كل الظروف بعكس مجالس التعاون الأخرى، وقد عبّرو ا عن ذلك بتعليقاتهم على الخبر.
ورغم أن الأمر لا يعدُ كونه خبراً فقط لغاية هذه اللحظة ويجب أن تتبع ذلك خطوات وترتيبات بين السادة وزراء الخارجية، إلا أن الأمر كما يراه الأردنيون سينتهي بالموافقة وذلك بسبب التفاؤل الأردني الكبير تجاه دول الخليج وخصوصية العلاقة بينهما، وربما يرجع هذا إلى عدة أسباب أوجزها بما يلي:
أولا: لقد كان الأردنيون وعلى مر السنين يرون أنفسهم امتداداً لدول الخليج عموماً شعباً وعشائراً وتقاليداً ، ولهذا تراهم في كل مناسبة يفتخرون بأنهم من جذور خليجية وهم فروع لهذه القبيلة أو تلك في الجزيرة العربية. وهم ما زالوا يمثلون اللون الخليجي بعاداتهم (وهم يرون ذلك طبيعياً وليس تكلفاً) فهم الوحيدون الذي ما زالوا يتداولون القهوة بالطريقة العربية وبمفاهيمها العشائرية، ويحرصون على لبس الدشداشة والشماغ بالمناسبات. فالأردنيون يختلفون عن باقي الشعوب العربية خارج المنظومة الخليجية. هذا طبعا الى التقارب الكبير الذي يصل درجة التطابق في بعض الأحيان بالعادات والتقاليد.
ثانيا : شكلت دول الخليج السند الدائم للأردن بكل أزماته المالية والسياسة من أيام جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين رحمه الله. وحتى عندما تكدرت العلاقات الأردنية مع دول الخليج وجدنا من دول الخليج نفسها من يتفهم موقف الأردن، ولهذا كانت تلك الأزمة سحابة صيف وانقشعت. أما بالجانب الاقتصادي فالكل منا يذكر أننا نلجأ لدول الخليج للدعم المالي للموازنة وهذا ليس خافيا على أحد، وهم لا يبخلون بالوقوف إلى جانبنا سواء أعلن عن ذلك أم لم يُعلن، فهناك من هذه الدول من لا يحب الأضواء والحديث بالعلن عن دوره، ويفضل المساعدة بالسر.
ثالثا: ربما تكون الأيدي الأردنية العاملة بدول الخليج هي الأعلى نسبة إلى عدد سكان الأردن مقارنة مع العمالة من الدول الأخرى. هناك الكثير من الجنسيات الأخرى طبعاً ولكن نسبة لعدد السكان بدولهم يُشكل الأردنيون النسبة الأعلى.
هنا يبرز السؤال المهم وهو لماذا استجابت دول الخليج لطلب الأردن بهذا الوقت؟ والسبب كما أراه إضافة للبعد الأخوي له بعد سياسي، فنتيجة لرياح التغيير التي هبت على عالمنا العربي ظهر النموذج الأردني متطابقاً جداً مع النموذج الخليجي بالاستجابة لرغبات الشعوب دون عنف. من هنا يجب التنسيق بين هذه البلدان جميعا للإسهام بنشر مثل هذه النماذج الرحيمة بمواطنيها والتي لم تتلطخ بدماء شعوبها. وربما كان هذا احد الأسباب لدى دول الخليج لاحتواء هذا البلد الآمن وتقويته في وجه تيارات التطرف التي قد تظهر اذا ما ضعف الأردن لا سمح الله.
لكن يجب علينا أن لا نفرط كثيراً بالفرح ، لأن الإفراط بالشيء قد ينقلب إلى ضده. فيجب علينا أن لا ننسى أن دول الخليج هي دول ذات سيادة ولها أولوياتها الوطنية طبعا، فهي وان كانت (ستفزع) لنا أخويّاً ولكننا طبعا لن نتقدم على مواطني تلك الدول وستبقى بلادهم ومواطنوهم أولوية وطنية لهم كما هو الحال بين دول مجلس التعاون نفسها.
وفي الختام كنا في الأردن نأمل ومنذ بزوغ فجر الثورة العربية الكبرى أن نرى الجزيرة العربية كلها موحدة تحت مظلة واحدة، فهل جاء الوقت لنشهد مثل هذه الوحدة بدخول الأردن كأول الغيث.