تمر بنا سطور التاريخ بالإمبراطورية البريطانية كأعظم إمبراطورية مرت على شعوب الأرض، حيث بسطت سلطتها في العام 1913 على ما يزيد عن 400 مليون إنسان أي23% من سكان العالم في ذلك الوقت، وكانت القوة الأكبر في العالم لأكثر من قرن من الزمان، وقد غطت مساحة تجاوزت 35 مليون كم مربع أي ما يقارب 24% من مساحة الكرة الأرضية لتكون الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، ذلك أن امتدادها حول العالم جعل الشمس لا تغيب عن أراضيها الممتدة حول العالم.
ثم ماذا بعد، استمرت هذه الإمبراطورية بكل قوتها وعظمتها حتى بدأ الانحدار بها نحو الزوال الحتمي والتخلي عن جميع مستعمراتها الواحدة تلو الأخرى، والتي كانت آخرها عند توقيع اتفاقيتها مع الصين في العام 1997 باعتبار هونغ كونغ منطقة إدارية خاصة في جمهورية الصين الشعبية لها الحق بأسلوب حياة خاص لمدة 50 عاماً على الأقل بحسب الاتفاقية التي اعتبرها الأمير تشارلز "نهاية الإمبراطورية"!
ثم نمر بإمبراطورية الرعب العظمى إمبراطورية المغول، أكبر إمبراطورية بكتلة قارية واحدة مرت في التاريخ، وثاني أضخم إمبراطورية مساحة في التاريخ بعد البريطانية، والتي بدأت بإعلان جنكيز خان نفسه حاكماً لها عام1206 لتنطلق لاحتلال العالم ونشر الرعب فيه حتى وصلت أقوى أيامها عندما امتدت من حوض الدانوب في أوروبا حتى بحر اليابان، ومن الحدود الروسية الفنلندية حتى كمبوديا في جنوب شرق آسيا لتحكم شعوب زاد تعدادها عن 100 مليون إنسان، ومساحة قاربت 33 مليون كم مربع أي22% من مساحة الكرة الأرضية، ولتستمر هذه الإمبراطورية بعظمتها ورعبها مجتاحة العالم حوالي 50 عاماً قبل أن تذهب للنتيجة الحتمية وتنتشر فيها الانقسامات التي مزقتها ورمت بها إلى الزوال بعد ذلك.
منذ أيام ونحن نسمع عن شباب القدس وتصديهم لقوى الاحتلال من مستوطنين يفاخرون بشعار الموت للعرب وجنود مدججين بالسلاح وظيفتهم توفير الدعم والمساعدة لهؤلاء المستوطنين لتحقيق أهدافهم الدنيئة، وهو ما يكشف العنصرية البغيضة لدى الاحتلال ومن معه والذي يواصل إجرامه الذي عرفه به العالم منذ عشرات السنين بلا تورع ولا حياء، وفي المقابل تجده يتبجح باعتبار القدس عاصمة له وأهلها جزء من كيانه المحتل وفي الوقت ذاته يظهر عنصريته وعدوانيته تجاه أبناء المدينة العرب الرافضين له ولاحتلاله والصامدين في وجهه مهما طال بهم الزمن، ليؤكد حقيقة انه لم ولن يكون يوماً صاحب أرض اغتصبها بالقوة وأنه ومن معه كما أعظم الامبراطوريات الاستعمارية من قبله مهما احتلت وطغت وتجبرت وطال بها الزمان حتماً ستكون نهايتها إلى الزوال، وبأن كل أسلحة وقوى العالم لن تنجح في إقناع أصغر فلسطيني بأنه ليس معجوناً بحب كل ذرة تراب من أرض وطنه فلسطين، ستبقى أرض فلسطين ولادة للأبطال كل ما رحل منها بطل ولد ألف غيره، وسيبقى شباب القدس وفلسطين الأبطال بكرامتهم وعزتهم التي اختلطت بشرايينهم ومعهم القدس وكل شبر من أرض فلسطين الطاهرة مثالاً للعزة والكرامة والبطولة محفوراً بأحرف من ذهب على جبين الشمس في عين كل حر في هذا العالم، سلاماً لك يا أرض الأحرار وسلاماً لأهلك الصامدين الأبطال ما تعاقب الليل والنهار وما غرد طير بحريته وطار.