زاد الاردن الاخباري -
كتب سميح المعايطة
تجارب السياسه في علاقة الدول بالتنظيمات السياسية أو المسلحه تقول ان اي تنظيم مهما كان قويا ومؤثرا بالنسبة للدولة التي تحتضنه بعد خروجه من بلاده لايتعدى كونه ورقة سياسية لتلك الدولة، فالدول ترى هذه التنظيمات أسلحة لها في معارك النفوذ أو المناكفة مع دول أخرى، وفي محطات المقارنة بين مصالحها وبين اي تنظيم تحتضنه فإن الانحياز واضح لمصالحها وعلى التنظيم اي يجد حلولا لمشكلاته.
الأمر لايخص جماعه الاخوان المسلمين بل هو قاعدة انطبقت على كل التنظيمات التي تعمل خارج أرضها.
اليوم يعيش الإخوان لحظة صعبه بعد سنوات من فتح أرض تركيا ومجالها السياسي والإعلامي والأمني والاجتماعي للإخوان الذين خرجوا من مصر بعد انهيار حكمهم هناك عام 2013، وكانت الساحة التركية مصدر قلق لمصر فمنها تبث فضائيات الإخوان المصريين تجاه الدولة المصريه، وعلى أرضها عمل الجماعه من مصر وكل اخوان العالم، وحتى مايجري في ليبيا من قلق لمصر فقد كانت تركيا لاعبا هو الأهم فيه بدعمها لحكومة الإخوان وقوى أخرى.
اليوم هنالك تطور نوعي في معادلات الإقليم في الملف الإيراني والسوري و تحالفات الخليج، وأيضا في المصالح تركيا، واختارت تركيا أن تذهب تجاه مصر لتستعيد علاقاتها معها، فمصر دولة مهمة سياسيا، وأسواق مصر كبيرة جدا، ومصلحة تركيا أن تعيد الدفء إلى علاقاتها مع مصر وربما دولا خليجية أخرى تعادي الإخوان وترى فيهم مصدرا للإرهاب.
وكان طبيعيا أن تحاول تركيا أن لاتدفع كامل الثمن لمصر وبخاصة فيما يتعلق بملف الإخوان، لكن مصر تتعامل مع ملف الإخوان باعتباره الأهم سياسيا وأمنيا، ولهذا قدمت كل مطالبها التي تعني في النهاية أن يفقد الإخوان الساحة الأهم في عملهم ضد مصر، بمافي ذلك الإعلام وتسليم مطلوبين من الاخوان لمصر، وهذا يعني في النهاية أن يفقد الإخوان مركزا استراتيجيا ويتم تشتيت أفرادهم وقيادتهم في أماكن أخرى.
وحتى قطر التي تحتضن الإخوان المصريين وغير المصريين فإنها اليوم في سياق إعادة بناء علاقاتها مع مصر، لكن قطر لن تقوم بإخراج الإخوان من أرضها لكن علاقتها مع مصر ستعني أمورا أخرى.
الإخوان اليوم في مرحلة صعبة إقليميا، فقد خسروا السودان بعد ذهاب حكم البشير، وتونس يعيش حزب النهضة الإخواني صراعات سياسيه صعبه مع خصومه، والخليج باسثناء قطر على عداء مع الجماعه، وسوريا استقر الأمور فيها سياسيا لبشار الأسد وضاع حلم الإخوان، وفي الأردن فقدوا ثقة مؤسسة الحكم بهم.
وحتى إدارة بايدن التي تفاؤلت بها الجماعه فإن الإخوان خارج قائمة أدواتها على عكس الأمر في فترة أوباما، وإيران عيونها على حماس لأنها تحكم غزة حيث الورقة الرابحة في مناكفة إسرائيل لكنها ليست معنية كثيرا بالإخوان.
مرحلة صعبة حتى مع توقعات بأن تبقى الساحة التركية اجتماعيا أمنه للجماعه على عكس الجانب السياسي والإعلامي، لكن الخيارات صعبة.
اما ليبيا حيث يملك الإخوان وضعا أفضل فقد اختاروا التحول إلى حزب استباقا لمرحلة الانتخابات لأنهم يريدون أن يدخلوا السلطة من بوابة صناديق الاقتراع، لكن الملف الليبي يحتاج إلى سنوات لحسم معادلاته.
المشكلة في الجماعه انها لاتملك منظرين وأصحاب تفكير بعيد المدى لاتخاذ خطوات جريئة لمواجهة الواقع، فالتشرد السياسي والاجتماعي للجماعه بانتظار معجزة مثل الربيع العربي ليست خيارا في مواجهة دول حسمت عداءها للجماعه، ويبقى السؤال هل لدى الجماعه بقيادتها الدولية القدرة على الخيارات الكبرى ام الذهاب إلى السكون بانتظار معجزة؟!!