لنتفق قبل كل شي على ان هناك مشكلة متعاظمة تدعي سحب الجنسيات وفق المسمى الدارج لدى العامة،وتصويب الاوضاع وفق أقوال الحكومة،كلمة تصويب تعني علاج خلل معين في شي ما،هذا العلاج يتضمن اعطاء بديل لحين الاتفاق على ماهيته هذا العلاج،الحاصل هنا ان أخذنا أقوال الحكومة على محمل الجد من حيث تصويب الاوضاع لا سحب الجنسيات،عكس ذلك تماما حيث تم تصويب الاوضاع لكن مع انتفاء البديل إي الحل،فبات هؤلاء غير معترف بهم، فاصبحو لا يحملون صفة شرعية فلا هم اردنييون ولا هم فلسطينيون،مشكلة لا يمكن انكارها،الانكار هنا يدخل من باب التكذيب،فلا لا يستطيع الشعب الذي تسحب جنسياته وأرقامه الوطنية إنكار ذلك لما له من صلة مباشرة بضرر مباشر يقع عليهم،كما لا يمكن للحكومة إخفاء خطواتها،فالشمس لا تغطى بغربال.
قبل أيام عقد مؤتمر للباحث\"كريستوفر ويكلي\"التابع لمنظمة هيومان رايتس لحقوق الانسان،اتهم الأردن من خلال تقرير المنظمة بالعمل على سحب جنسيات مواطنين أردنيين من أصول فلسطينية،الحكومة رفضت التقرير جملة وتفصيلا واستبدلت كلمة سحب الجنسيات بمصطلح تصويب الاوضاع.
هذه القضية ليست وليدة اللحظة الراهنة بل هي تمتد بجسدها منذ قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية،المشكل تكمن في تسارع هذه القضية بشكل كبير حتى انشغل الأردن بشقية الرسمي والشعبي خلال الاشهر الماضية بالقضية،بخاصة وان البعض يراها توافقا مع الطروحات الإسرائيلية مدروسة قاضية باعادة أفكار الوطن البديل الى الوجود،
هنا انقسم الجمهور للأسف الذي كنا نتمنى ان يكون كما البنيان المرصوص لا يطاله الضعف او الوهن،انقسم مع وضد،بين مؤكد و منكر،النتيجة التي وصل اليها الجمهور للأسف لم تشمله،لم يستفد منها،الكيان الصهيوني من قطف ثمرها،بعدما الحكومات صدقت الكذبة وعملت على تطبيق النتائج الصهيونية بعلم او بغير علم،طبعاً قولنا دولة الجيش الصهيوني أطلقت كذبة فصدقنها هذا لا ينفي وجود مشاريع مضمره في نفس شمعون وديفيد ويهوذا والنتن ياهو ،يستوجب اخذ الحذر منها وافشالها.
الغريب ان الرد الحكومي جاء بواسطة معسكر المستشارين الإعلاميين وكتاب الأعمدة المحسوبين على الحكومة،يعني من خلال أعضاء الصف الثاني في الحكومة هذا ان تم استثناء تصريحات الناطق الرسمي نبيل الشريف التي تقوم على التسرع والبعيدة كل البعد عن التفكير الاستراتيجي المدروس،أعضاء هذا المعسكر رفضوا ما وصفوة باتهامات غير ذات صلة بالمواقع،مع ان الواقع موثق بتصريحات وكتابات الكثير من الصحفيين والكتاب تقول بعكس الصورة وتؤكد ما ذهبت اليه المنظمة الحقوقية.
اقول لما ننكر القضية من جذورها مع أنها موجودة،ولما نثور كما البركان عندما يقوم احد ما،منظمة ما بالسؤال عن طبيعة هذه الاعمال، لما لا نلعب على المكشوف.
الحكومة ترفض تدخل المنظمات الحقوقية السافر في شؤون الدولة الأردنية من خلال تسييس القضية،وكأن القضية بالأساس ليست بسياسية،شي يدعو للضحك،لو أخذنا تصريح الشريف على محمل الجد واعتبرنا التقرير تدخل بالشؤون الدولة الأردنية،فهل اقتصر هذا التدخل يا ترى على هيومان رايس دون غيرها،لكن ما رد معاليه على تدخلات السفير الكويتي والعراقي والايراني،ما هو رد معاليه على تدخل السفير الأمريكي الأخير في عدم فرض ضرائب على سيارات الهايبرد،إلا يدخل كل هذا من باب ونافذة التدخل السافر.هل كانت الحكومة ان تتلقى خطاب شكر من اصحاب القضايا ومن الدول والمنظمات الدولية والشعوب على افعالها التي تفوح منها رائحة تزكم الانوف.
أخ يا وطني الذي يراد قتلك بحجة التنظيم بواسطة سحب دماء أبناءك من كافة الاصول والمنابت أخ(...)اليوم الاشقاء الفلسطينيين،غدا الشيشانين،ومن ثم الشركس وبعد هذا الشوام،وبعد ذلك الاكراد،بل قدر تتطور الاساليب الحكومية بإعلان الأردن دولة ذات ديانة واحده بحيث يتم توزيع إخواننا المسيحيين على الدول الأوروبية،فهذه كما تلك اليوم هنا،وغدا هناك.
لا ننكر ان الاوضاع في هذا الملف تسير بنا الى الهاوية،ولا ننكر ما جاءت به المنظمة الحقوقية،كونه لا جديد في طرحها،الذي جاءت به موجود في صحافتنا التي كتبت عنه كثيرا،موجود في المقالات ،موجود على ارض الواقع حتى في ملاعبنا،لكن الجديد الذي جاءت به هو اعاده انتشال الملف من جديد من خلال أعاده فتحه خاصة بعد انشغال الرأي العام بالحكومة الجديدة ورئيسها الجديد ومشروعها الجديد.
الناطق الرسمي باسم الحكومة نبيل الشريف،يقع على عاتقة القدر الأكبر من هذه الفضيحة،بسبب تسرع الردود،ردود أسهمت في بناء نظرة سوداوية عن الأردن،أساءت له،واتهمته بشكل غير معلن بالديكتاتورية،والعمل وفق المشاريع الصهيونية حتى وان لم يتم الإعلان عن هذا،خاصه وان هنالك الكثير من يربط بين توقيت تصويب الاوضاع وبين المشاريع والتصريحات الصهيونية القائلة بحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن.
هل تريد الحكومة منا ان نكون ضد أنفسنا،أمطلوب منا التخلي عن إخواننا في الشمال والجنوب والشرق والغرب،لا اعلم كيف تريد منا الحكومة ان نطرد ونسحب ونصوب اوضاع الذين استجاروا ببني هاشم الاطهار الاشراف،لا اعلم كيف تريد منا الحكومة ان نصدقها وهي بعينها لا تصدق ذاتها،لا اعلم كيف تريد منا الحكومة ان نتخلى عن وطن المهاجرين والانصار مقابل ارقام،لا اعلم كيف تريد منا الحكومة ان نسير الى جنبها وهي في تخبط دائم....حقا لا اعلم.
لا اعلم أين اختفي من افكاري،من احلامي،من هواجسي،من خوفي،لا من اعدائي ،بل من اقربائي،أصدقائي،اهلي،من دولة ومعالي وسعادة وعطوفة حكومتي فــــ\"عدو تعرفه خيراً من صديق تجهله\"الحكومة اليوم في خطواتها ينطبق عليها هذا المثل،أه وجدتها\"يوريكا\"على ان اذهب الى السينما كي اشاهد فلم \"AVATAR\"على أجد درباً،فكرة،سيناريو، أقدمه للحكومة لتستعين به على المضي قدما في اسعاد شعب لا إتعاسه لتوفير له سبل العيش الكريم لا افقاره،في منحة الحياة لا تشريده.
خالد عياصرة
Khaledayasrh.2000@yahoo.com