ما جاء في افتتاحية يديعوت أحرنوت الخميس الماضي تحت عنوان "فك ارتباط: لنعِد الى الأردن المسؤولية" بقلم غي بخور هو إعلان حرب على الأردن، وخطورته أنه يعبر عن مزاج رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو لا عن رأي كاتب متطرف أو سياسي على الهامش. وهو لا يتطلب "هبة إعلامية" للرد على "الأسطوانات المشروخة" بل يستدعي النفير العام للدفاع عن البلاد.
فالضفة ليست غزة والأردن ليس مصر، أبناء قطاع غزة يذوبون في حي شبرا، ولا يعنون شيئا في التركيبة السياسية المصرية، أما تهجير أبناء الضفة الغربية إلى الأردن فهو تطبيق واقعي لنظرية الوطن البديل، وسيصبح الأردن الوطن الطبيعي للفلسطينيين.
بندم يتحدث الكاتب عن الماضي والحاضر في علاقة الضفتين ويدعو إلى "فتح المعبر أمام علاقة أردنية – فلسطينية حرة ما يخلق تفاعلا منعناه حتى اليوم خطأ. اليوم، في معبر اللنبي يوجد الجيش الاسرائيلي، الذي يغلق، يحرس، يحقق ويفحص. كل فلسطيني يعود يخضع للرقابة الاسرائيلية الشديدة. بعد الخطوة المقترحة هنا لن يكون هناك رقابة اسرائيلية على الاطلاق، الأمر الذي لا بد سيفرح الاردنيون والفلسطينيون برؤيته، والعبء الامني، وكذا المسؤولية الدولية، ستلقى على عاتق الاردن". لن يكون للأردن دبابة في الضفة فهذا قد يهدد المحتلين مستقبلا، حضور أمني، وتحت إشراف جنرال دايتون أو من يخلفه!
بصفاقة يفصّل الكاتب في السيناريو المستقبلي: "كيف يمكن لاسرائيل أن تنفذ هذا؟ بفتح معبر اللنبي لعلاقة أردنية – فلسطينية مباشرة، من دون تدخل اسرائيلي. في اللحظة التي يحصل فيها هذا، فان المسؤولية الامنية والسياسية ستقع بأسرها على كاهل الأردنيين، الامر الذي اعفيناهم منه على مدى ثلاثة عقود ونصف. صحيح، من شأن الأمر أن يجلب الإرهاب، ولكن نحن نعرف كيف نعالج الإرهاب، مثلما أثبت الجيش الاسرائيلي قبل سنة في رصاص مصبوب حين حطم حماس وبنى ردعا لعشرات السنين. يوجد اليوم ايضا جدار الفصل".
حسنا لنبدأ بطرح عطاء لجدار فولاذي بطول 500 كيلومتر يمر بالبحرين الميت والأحمر، ولننزع الجنسيات عن كل من هو من أصل فلسطيني، ولنحول مخيمات الأردن كمخيمات لبنان خصوصا أن الكاتب يتحدث عن "دولة فلسطينية صغيرة لن تكون قابلة للحياة، الا اذا كان لها اتصال مباشر وواضح مع الاردن، الذي يوجد فيه على أي حال، أغلبية فلسطينية متماسكة".
يوجد عندنا مجانين يفكرون هكذا، والحرب الإسرائيلية القائمة والقادمة تتطلب تعقلا وحكمة كأي حرب مثلما تتطلب شجاعة وشدة. بمعزل عن الكلام الرسمي لا يوجد سلام مع دولة العدوان، توجد حرب باردة، لا تقل خطورة عن الحرب الساخنة. تستهدف الوجود لا الحدود. ولا توجد دولة في العالم تقبل أن تظل تحت التهديد.
الإسرائيليون يريدون أن يحاربوا الأردن بالفلسطينيين. والحل أن نحاربهم نحن والفلسطينيون. والأميركيون لن يهبوا للدفاع عنا على أهمية التحالف الاستراتيجي معهم. ومدى نفوذهم على الإسرائيليين محدود جدا. والعكس هو الصحيح، لكن لا بد أن يتحملوا مسؤولياتهم كحلفاء. ولنا أن نسأل عن تحرك وزارة خارجيتنا وسفارتنا في واشنطن في ظل هذه التهديدات؟
من أبسط الردود وأولها استقبال قادة حماس، الذين لم يملّوا من إرسال رسائل الغزل سواء من غزة أو دمشق، مقابل الصد التام على جميع المستويات. لا يعني هذا الانقلاب على السلطة وأبو مازن بل توسيع الشراكة مع الفلسطينيين.
بمنطق نتنياهو نفسه، ليفتح جسر الشيخ حسين لعودة اللاجئين إلى قراهم ومدنهم، وليتعاملوا مباشرة مع العصابات التي شردتهم، ولا داعي أن يتحمل الأردن عبء التعامل مع قضيتهم .
من دون مبالغة؛ يستطيع الأردن أن يفتح أبواب جهنم على الإسرائيليين إن فتح الجسر. وهم يعرفون جيدا أن الآلاف الذين وصلوا العراق وأفغانستان والشيشان يتوقون إلى يوم تراق فيه الدماء دون أولى القبلتين. فالجسر يفتح باتجاهين لا باتجاه واحد.