يسري غباشنة
16/5/2011
فؤاد الهاشم المحترم... سلاما
لن أجادلك في كرهك المعهود للأردنيين ؛ فهذه مشاعرك الخاصة بك تحب وتكره من تشاء وكيفما تريد. ولكن اسمح لي عزيزي أن أجادلك في مبرراتك ومسوغاتك التي أوردتها في مقالك المعنون بــ( قشّة الأردن والمغرب) حيث تناولت فيه مجموعة من المغالطات التي تشي بعدم معرفتك بالأردن وجوهره.
أولى هذه المغالطات أنّ ( المملكة الأردنية مرهقة اقتصاديا وماليا وسياسيا منذ تأسيسها، فهي بلا نفط ولا غاز ولا موارد طبيعية) والردّ على هذا في أنّ الأردن على الرغم من ذلك كلّه الذي في معظمه صحيح، قد استطاع أن يحقّق بنى قوية في كافة المجالات التي لم يحقق من هم أغنى منا مالا بعضا منها ؛ فإذا أخذنا المجال الصّحيّ، فاعلم، ياعزيزي، أن التقدم فيه من المسلمات التي لا تحتاج منا إلى دلائل أو براهين، وأنّ صروحنا الطبية ملجأ الأخوة العرب من المحيط إلى الخليج. كما أنّ المستشفيات منتشرة في كافة أرجاء البلد، ففي مدينة إربد شمال الأردن على سبيل المثال لا الحصر هناك 3 مستشفيات حكومية كبرى تخدم المدنيين والعسكريين وباقي سكان هذه المدينة، إضافة إلى العديد من المستشفيات الخاصة، وزد على ذلك الكثير من المراكز الصحية الموزعة في أرجاء إربد. أما الألوية المحيطة بإربد فهناك مستشفى في كل لواء، إلى جانب وجود مركز صحي في كل تجمع سكاني قلّ عدده أم كثر. وهذه الخدمة مشهود لها كمّا ونوعا. وعلى مدينة إربد فقس . أما المجال التعليمي من رياض الأطفال وحتى الدراسات العليا والجامعية فلن أناقشك فيه كثيرا فلا أظنك تجهله يا عزيزي. ولا بدّ أنك قد زرت الأردن من قبل فهل تستطيع التغاضي عن شبكات الطرق والمياه والكهرباء التي تصل إلى ما بعد بعد المدن والأرياف. وغير ذلك من مجالات أخرى.
كلّ هذا عزيزي وأكثر على الرغم من شحّ الموارد التي ذكرتها ولاننكرها.
أمّا أننا مرهقون سياسيا، فهذا مردود استنادا إلى الاستقرار الذي ننعم به في كنف علاقة بيننا والهاشميين الذين لم يدون التاريخ قمعا أو تعسفا أو جورا علينا، فهذه السلالة الشريفة ليست بحاجة إلى أحد كي يبرز مناقبها. وهذه العلاقة سيدي لايعرفها حقّ المعرفة إلا من رضع من ثدى الحرائر وتربى على يدي النشامى. إضافة إلى وجود كافة المؤسسات التنفيذية والتشريعية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب من المشارب كلها وغير هذا وذاك كلّ يمارس نشاطه في حدود القانون. كما أنّ هذا الاستقرار مردّه إلى كفاءة الأجهزة الأمنية بكل فروعها التي لم تبخل في يوم ما على الآخرين من الأخوة والأشقاء بخبراتهم وطول باعهم. ولا أدلّ على ذلك من حجم الاستثمارات غير الأردنية التي تسعى إلى الاطمئنان على عملها في بلد مستقر سياسيا وأمنيا.
أما قولك( أرضها بركانية لاينبت فيها عود أخضر ...) فأقول لك: اتّقِ الله يارجل! ألم تسمع بأهوار روما؟ ألم تسمع بسهول حوران الممتدة من إربد والصريح والرمثا وصولا إلى درعا في سوريا؛ هذه السهول التي كانت تزود الامبراطورية الرومانية بالحبوب من حنطة وغيرها. هذه السهول ماتزال موجودة لم تتبخر بعد. زد على ذلك عزيزي أن صحراءنا قد حولناها إلى مزارع لإنتاج الخضراوات والفواكه، تستوي في هذا صحراء البادية الشمالية والوسطى والجنوبية. ولن أطيل الحديث عن جبال عجلون وروابي السلط وبيارات الغور.
ولكن أشد ما استغربته هو تلك النسبة التي حددتها إلى الأردنيين بقولك(عدد سكانها حوالي ستة ملايين، 10% فقط منهم من أهالي الأردن الأصليين)أين ذهب الآخرون!؟ هل عاصروا الديناصور فانقرضوا معه؟ يا رجل دعني من الخوارزميات والحساب والنسب والكسور العشرية وغير العشرية، ودعني أسألك: هل الأردنيون على وضعهم الاقتصادي الذي لا ينكرونه يستطيع الــ 10% منهم حمل 90% من الفلسطينيين، إلا إذا كان هؤلاء من الجبابرة ونحن لاندّعي ذلك. أين ذهبت بالأردنيين في المدن والأرياف والبوادي. يا رجل، خاف الله تعالى. وهناك نقطة جديرة بالاهتمام وهي أن الأردنيين والفلسطينيين في الأردن لايشغلون بالهم في مثل هذه النِسب العشوائية والارتجالية، فما بين الشعبين أسمى من النِسب، وخاصة بعد أن تلاحموا بالنَسب لا النِسب.
ومن ثم تقول(... فما الداعي-إذن- لكي نزيد الأحمال على ظهور أبلنا ونياقنا وبعاريننا السياسية و .....المزيد من أعواد القشّ) وفي هذه الجزئية لن أتحدث كثيرا لضحالة معلوماتي بالإبل والنوق والبعارين.
أما قنبلتك الصوتية الأخيرة فبقولك( ... الهدف هو حماية العرشين الملكيين في كلا البلدين ضد أي ثورات بو عزيزية محتملة..) فاعلم- رعاك الله- أنّ مليارات المليارات من الريالات والدراهم تقف عاجزة عن حماية العروش والأوطان. واعلم- سامحك الله- أن من يحمي العروش هو الله تعالى أولا، وعدلها ثانيا، والشعب الأردني ثالثا لديه كل الثقة بالله وبنفسه في قدرته على صون العرش الهاشمي والبلد الذي لايختلف عليه أردنيان اثنان. ولن أتكلم عن دورنا ودور جيشنا في أكثر من جبهة وموقف عربي حتى لا أواقع حمى المنّ والأذى لا سمح الله أن نكون هكذا.
وأخيرا عزيزي فؤاد الهاشم لايسعني إلا أن أقول لك: سلاما!