وزارة البيئة الأردنية: هنا برقش
د. عبدالناصر هياجنه
=====
برقش ليست قرية في موزامبيق أو الاكوادور أو تيمور الشرقية، بل هي أراضٍ أردنية، وحماية غاباتها قضية وطنية لا يحُرم على وزارة البيئة الأردنية مقاربتها، بل يجب على الوزارة أن يكون لها موقفٌ واضحٌ ومحدد منها، فمنذ أسابيع تتفاعل على الساحة المحلية قضية الكلية العسكرية المزمع إقامتها في غابات برقش رغم المخالفات القانونية المتعددة في المسألة.
القضية شغلت وما زالت اهتمام الصحافة المطبوعة والإلكترونية، وتداعى الناشطون البيئيون في الأردن وخارجه لتوضيح هذه المخالفات القانونية، والتصدي لها، منهم من كتب، ومنهم من رسم، ومنهم من اعتصم، ومنهم من ينتظر، لكنهم – جميعاً- يقفون صفاً واحداً دفاعاً عن القانون وحمايةً للبيئة وإنقاذاً لبرقش.
الغائب الوحيد عن هذا العرس الوطني القانوني البيئي، هي أم العريس، وأقصد بأم العريس هنا وزارة البيئة الأردنية، المنوط بها تنفيذ قانون حماية البيئة والأنظمة الصادرة بموجبه بالتعاون والتنسيق مع الجهات الرسمية والأهلية.
فأين هي أم العريس وزارة البيئة الأردنية مما يجري على الساحة البيئية الأردنية، وهل تدري الوزارة أنها صاحبة اختصاص في هذه المسألة، أم انها زاهدةٌ باختصاصها، ولا تُريدُ ممارسة صلاحياتها بموجب المادة الثالثة من قانون حماية البيئة التي تجعل من وزارة البيئة \"الجهة المختصة بحماية البيئة في المملكة...\"، كما \"تعتبر الوزارة المرجع المختص على المستوى الوطني والاقليمي والدولي فيما يتعلق بجميع القضايا والشؤون البيئية...\".
وزارة البيئة هي وزارة ميدان، وليست وزارة مكاتب مُكيّفة في عمّان، وهي وزارة شابّة لم تهرم بعد، وعليها مسؤوليات كبيرة لانقاذ وتحيسن الواقع البيئي في الأردن من شماله إلى جنوبه ومن شرقة إلى غربة، فأين هي الحدائق البيئة؟ وأين هي مشاريع إعادة التدوير؟ وما هي الحلول التي قدمتها الوزارة لمواجهة المشاكل البيئية في الأردن؟ لدينا مأساة بيئية في أرميمين، ومأساة أكبر في دبين، وكارثة بيئية في الزرقاء، وزحف صحرواي في كل مكان، واجتياح اسمنتي كاسح ومبرمج للأراضي الزراعية. وننشغل – منذ فترة- بمفاعل نووي لا ندري شيئاً عن جداوه الاقتصادية والبيئية ، واحة الأزرق شارفت على الهلاك، وآخر خطوطنا الخضراء – برقش- تنتظر المصير ذاته، والوزارة مشغولة بإعداد استراتيجات ورسم سياساتٍ بيئيةٍ حظُها من التنفيذ قليل!
أُذكّر من جديد، برقش أرض أردنية بشهادة التاريخ والجغرافيا وسجلات وزارة الداخلية، ولا توجد جهة مختصة ومسؤولة عن حماية غابات برقش غير وزارة البيئة بالتنسيق والتعاون مع وزارة الزراعة والجهات المعنية بالمشروع المراد إقامته في غاباتها خلافاً لأحكام القوانين الأردنية، وهي تُمارس واجبها القانوني بموجب قانونٍ أردنيّ نافذ يُعطي لها صلاحيات واسعةٍ في هذا المجال، أما معالي وزير البيئة الأكرم، فقد أقسمَ بالله العظيم أن يقوم بالوجبات الموكولة إليه بأمانة، ومن الأمانة أن يقوم بواجباته تلك تحت رقابة السُلطة التشريعية، ووسائل الإعلام، والرأي العام الأردني الذي بدأ بتنظيم نفسه للحلول محل وزارة البيئة طالما أنها اختارت أن تعلب دور أم العريس.