يقال أن لجنة الحوار الوطني الاقتصادي التي تعمل مند أسابيع للوصول إلى اقتراحات من شأنها معالجة التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني والتي تضم ممثلين عن القطاعين العام والخاص ( بالرغم من الملاحظات العديدة على بعض الأسماء المشاركة التي تتراوح تهمهم ما بين التهرب الضريبي وشبهات فساد وأصحاب مشاريع وتوصيات اقتصادية تم الأخذ بها وحدث ما حدث من انتكاسات وهدر للمال العام) حيث خرجت اللجان الاقتصادية بصورة استطاعت فيها تشخيص دقيق للوضع الاقتصادي انبثقت عنه أهداف واضحة من خلال اقتراح عدد من الإجراءات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد اقترحها ممثلو القطاع الخاص فقط فيما أقتصر دور ممثلي الحكومة على أعضاء يعملون على توفير المعلومة للمشاركين في جلسات الحوار !!!!!!
يبدو أن بعض ما جاء بالتوصيات قد طرح على المدى المتوسط ( خلال عامين ) ومنها رفع كفاءة التحصيل الضريبي وأهمية الثبات واستقرار القيادات الإدارية الاقتصادية في القطاع العام ، وهذا أمر غريب ، اذ تمنح تلك التوصية مزيدا من الوقت للفارين والهاربين من استحقاقهم الوطني وكان لا بد من معالجة مسألة التهرب الضريبي بفترة لا تزيد على 3 أشهر إن أرادوا تحقيق تلك الكفاءة وخاصة في ضل وجود بعض أعضاء اللجنة ممن كانوا من رواد التهرب الضريبي والناس تتساءل عن جدوى وأسباب إشراكهم في اللجان ! وكذلك فأن ما بتعلق باستقرار القيادات الإدارية فأن الشللية والفساد لن يسمحا بتلك التوصية لأنها تتنافى كليا مع نهج النظام في اختيار القيادات والكفاءات المستند على الشللية والمحسوبية وحكم العائلات وتلك مفسدة يرفض النظام حتى ألان الاعتراف بما اودته من نتائج سلبية على أداء وعمل المؤسسات ، ولم تأتي حتى اللجان الاقتصادية على ذكرها في مسودة تقرير التشخيص الذي ستقدمه للحكومة !وكأن البلاد تخلو من تلك الآفة !
كذلك أشارت التوصيات إلى ضرورة دعم الشركات المتعثرة بأسباب السيولة من صندوق تعثر الشركات المقترح إنشاؤه بما يعزز استقرار السوق المالي ! !! وهذا أمر قد يفتح الباب واسعا أمام سياسة انتقائية دعم الشركات المتعثرة لأفراد وعائلات دون غيرهم وحسبما تقتضيه حاجة تلك المؤسسات التي ستبدو أنها متعثرة حيال السيولة المالية فيما قد تشهد وهذا مؤكد أصلا أنها ستتلقى دعما ماليا لسبب أو لأخر لا تتعلق أزمتها بالسيولة المالية فقط ! كذلك دعت التوصية الى ضرورة إنشاء بنك التنمية الأردني برأسمال (400-500 مليون دينار) بمشاركة القطاعين العام والخاص لتوفير التمويل للمشاريع الكبرى ! ولا ادري كيف يمكن تكرار تجربة إنشاء بنوك شبه حكومية على غرار بنك الإنماء الصناعي أو غيره ممن أثبتت التجربة فشلها وعدم جدواها وما شكلته من استنزاف لميزانية البلاد ومرتعا خصبا لنشاط ورغبات الفاسدين لن تؤدي الغرض أبدا في ضل طبيعة إدارة المؤسسات وقيادتها !
وعلى صعيد محاربة بؤر الفقر كما يسمونها هنا ، فأن اللجنة لم تقترح رؤى او إستراتيجية محددة لمحاربة الفقر واكتفت بتوصية تتحدث عن ضرورة تحديث إستراتيجية الفقر ! ولا ادري ما هي الإستراتيجية أصلا التي تحتاج إلى تحديث وتطوير وما هي أدواتها ، إذ أن الفقر أصلا ليس بؤر بقدر ما بات قاعدة رئيسة يعاني منه اكثر من 70 % من مواطنينا ، ويبدو انه لا يشكل هما أو تحديا بالنسبة للأعضاء المشاركين بحيث لم تشغل تلك المعضلة بالهم طويلا !، لكنها وحرصا على مصالحها كطبقة اقتصادية مترفة تسعى للحصول على المزيد من الغنائم فقد طالبت اللجنة بالمزيد من الإعفاءات الضريبية وبصورة مستعجلة على قاعدة السلع والمنتجات الغذائية دون ذكر ضرورة مراقبة الأسعار وبيان مدى استفادة المواطن من تلك الإعفاءات الحكومية التي تقدم للقطاع الخاص المحتكر لأغلبية السلع الرئيسة التي تهم المواطن والتي تباع بأضعاف ما تباع في دول أخرى مجاوره ! ناهيك عن رفضهم التوصية بضرورة وقف الاحتكار الذي يسود بعض أنواع السلع الرئيسة الهامة للمواطن وبقاءها حكرا على أفراد دون غيرهم بسبب ما يتلقوه من دعم ومشاركة أحيانا من قبل الكبار بتلك الصفقات مقابل استمرار الاحتكار الذي أنهك المواطن وضرب اقتصادنا بسب التهرب الضريبي المعلن من قبل أولئك المحتكرين !!!
إن المطالع للتوصيات التي سماها رئيس الوزراء بالتشخيص الدقيق والتوصيات الهائلة لإنعاش الاقتصاد الأردني وإخراجه من مشاكله لم يأت على ذكر الأسباب المتعلقة بدور الفساد وضرورة والترهل والمحسوبية والاعتداء على المال العام وسياسات انتقاء الكفاءات وأصحاب الخبرات من أفراد وعائلات دون غيرهم لإدارة مؤسسات الوطن وكيفية معالجتها ، كما لم يأت على ذكر جدوى سياسات الليبراليين الاقتصاديين الذين باعوا مقدرات البلاد وثرواتها بأثمان بخسة ذهبت ما بين سمسرة وتسويق وتخفيضات هائلة لم تدفع حتى ربع قيمتها الأصلية المعروفة وطرق معالجة تلك السياسات التدميرية فيما لا زالت دول مثل فرنسا وايطاليا تحرص على احتفاظ الدولة بملكيتها لمثل تلك الثروات .
لسنا متفائلون من توصيات لجان " القطاع الخاص " التي حرصت على ما يبدو على توسعة أفاق عملها والحصول على المزيد من الإعفاءات وإشراكها في إدارة المؤسسات المالية التي يخطط لها لتأسيسها والاستفادة منها على حساب ميزانية المواطنين والخاسر الأكبر دوما هو المواطن الذي سيدفع ثمن تلك الإخفاقات المتوقعة ضرائب ورسوم وأسعار إضافية لمعالجة الخلل كعادته منذ عشرات السنين !!!!.