كنا نلعب الاستغماية ، ونحن في سن الطفولة ، وكبرنا قبل وقتنا ، من كثرة مارأينا ، وغطى الشيب رؤوسنا ، ومازالت الاستغماية اللعبة الوحيدة المتاحة ، مع فرق بسيط.كانت مجانية ، وامست اليوم مُكلفة جدا.
لاتفهم هذه الاستغماية.رئيس الحكومة ينفي قبل ايام ان النية تتجه لرفع ثمن اسطوانة الغاز او فرض ضريبة على البنزين ، ويقول انهما وردا في موازنة الحكومة السابقة ، وان الحكومة ستبحث عن حل اخر ، ولن تعتمد هذا الحل ، فيما يخرج مسؤولون حكوميون ، ليُسربوا بعد كلامه معلومات حول ان الرفع قد يكون احد الخيارات المطروحة ، باعتبار ان هذا تم اقراره في موازنة الحكومة السابقة.
يأتي هذا بعد ايام من فرض ضريبة اضافية على المكالمات الخلوية ، تحت عنوان مثير يشي بالرغبة بتخفيف الاستهلاك الالكتروني ، والحكومة تعرف اننا لن نتوقف عن الثرثرة ، وبالتالي فإن الضريبة ستزيد واردات الحكومة على الثرثرة ، كما ان حزمة "الكيف" التي تُمثلها السجائر والمشروبات الكحولية ، لحقتها ضرائب اضافية ، خلال جلسة مجلس الوزراء الاخيرة ، التي اقرت هذه الضرائب ، في جلسة الثلاثاء التي باتت تقطع الانفاس ، انفاس الموظفين ، وانفاس المراقبين ، على حد سواء.
عجز الموازنة المرتفع جدا ، سيتم جمعه من جيوب الناس ، ودور الجباية الذي يطغى اليوم على دور الرعاية الحكومية ، دور سلبي جدا ، وهو اسهل الحلول.خبراء حكوميون يقولون اننا نُثرثر بمليار دولار سنويا ، وعلينا ان ندفع قليلا للحكومة بدلا عن هذه الهوايات ، ويقول ذات هؤلاء ان فاتورة التدخين قد تصل مع علاج امراضه الى مايتجاوز المليار دولار ايضا ، اما المشروبات الكحولية والعياذ بالله ، فلا اعرف كُلفة فاتورتها السنوية ، غير ان المؤكد ان نسبة الذين يقدحون ويشربون ويترنحون ارتفعت بشكل مذهل خلال السنوات الاخيرة الماضية ، والحكومة رعاها الله زادت الضريبة حتى على "الجعة" منزوعة الكحول باعتبار ان شُبهة اللون والرائحة ، كفيلة بضمها الى الكحوليات الملعونة.
دعونا نتحدث بشكل واضح.هذه معالجات اسوأ لوضع سيىء.اللجوء الى جيب المواطن ليس هو الحل.ولملمة العجز بالدينار والالف وضريبة هنا وضريبة هناك ، امر غير مقبول ابدا ، خصوصا ، اذا ثبت ان الحكومة تنوي رفع الغاز وفرض ضريبة على البنزين قريبا ، من اجل جمع العجز ، ولايقول لك احد اساسا ، لماذا باتت المشتقات النفطية طيّارة وسريعة الاحتراق ، ويُلاحظ الناس ، ان البنزين والديزل وغير ذلك ، يختفي بسرعة غير طبيعية ، وكأن المزيج جرى العبث به ، لاجبار المواطن على مزيد من الاستهلاك ، وبحيث لايشتري المواطن لترا بسعر اللتر المعلن ، بل اقل من ذلك ، واذا كان هذا الاستنتاج صحيحا ، فأين تذهب هذه الاموال ، ولماذا لاتُعلن الحقائق بشكل واضح ، وتتم المكاشفة حول كل اسرار الملف المالي لموازنة الحكومة.
القصة لاتقف عند هذا الحد.تذكروا فقط اننا نقول اليوم مُبكرا ان سعر الماء والكهرباء في طريقهما الى الرفع ايضا.فاتورة الماء مكتوب عليها قيمة الدعم الحكومي المفترض في تمهيد ذكي ومُسبق لرفع الدعم ، وفاتورة الكهرباء سيتم وضع ذات البند عليها ، والغنج الحكومي بدأ يتحدث عن الفروقات بين استعمال الغاز المصري او الوقود الثقيل في توليد الطاقة الكهربائية.كل هذا تكتيك لخطوة مُقبلة على الطريق ، اي رفع سعر الكهرباء ، بعد التوطئة لذلك بمزيد من العصف الديمقراطي ، فنقول رأينا ، وتأخذ الحكومة قرارها ، بقلب بارد ، لان عنوانهاعدم الوقوف عند حسابات الشعبية ، ومُهمتها تحرير كل القطاعات ، وحل مشكلة الدين والعجز.
كان الاولى ان تبحث الحكومة عن حلول اخرى ابسطها جمع مئات الملايين من المتنفذين الذين يرفضون سداد التزاماتهم للحكومة ، وابسطها ايضا ، مساءلة الفاسدين عن اموالهم ومصادرتها لصالح الخزينة ، بالاضافة الى بقية الحلول ، التي تعرفها الحكومة جيدا.
mtair@addustour.com.jo