رائد علي العمايرة
يبحث بعض الموهومين من الكتـَّاب المغمورين ،وبعض العلمانيين ، دائما عن شيئ يتسلقون بين الناس من خلاله ،وهم لا يصرحون ببغضهم للدين وكراهيتهم لمنظومة الأخلاق التي تبثق منه ، فيلبسون لبوس المصلحين ،ويظهرون للناس على أنهم من المجددين ،ويعمدون الى تقريب أفكارهم الى الناس بادعائهم أن الدين قد وضع في قوالب جامدة ،وأنه لابد من تحريره من هذه القوالب وأنهم سيقدمون قراءة جديدة للنصوص الشرعية بعيدا عن فهم العلماء الأعلام المتفق على صدارتهم في العلم والفتوى ،مدَّعين أن فهم النصوص لا يحتاج الى الرجوع للمختصين من أهل العلم ،ويستغلون بعض فذلكاتهم اللفظية التي توهم الناس بسعة ثقافتهم واطلاعهم ، ويلوكون الكلام ويضربون النصوص ببعضها ،ليحدثوا الاضطراب في أذهان الناس
ثم يلقون تلك الأفكار الجديدة أفعىً تنفث الفتنة كي يردوا الناس عن دينهم ،لأنهم يجدون الدين حائلا بينهم وبين رغباتهم ،أو لمجرد الكراهية له فقط ، فيطعنون في الدين ،من خلال تزيينهم الفواحش بطرحها في قوالب جديدة مدعين أن السابقين لم يفهموا مراد الله تعالى ولا مراد رسوله صلى الله عليه وسلم وبالتالي فان العلماء على ظنهم قد تشددوا في التفريق بين المباح والمحرم لهذا يسلطون اهوائهم على تفسير النصوص من غير علم لعلهم يسوقون الدهماء الى الاباحية من طريق الشرع .
أحد هؤلاء كان قد طرح في مقال له موضوع الحجاب والاختلاط ، فنسف التحريم الوارد بشأن سفور المرأة وإظهارها لزينتها ،واختلاطها بالرجال ،وقدم هو من خلال شيطانه الواعي ،قراءة جديدة لقول الله تعالى (ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها )فقرر ذلك العلماني المدعي أن الزينة الظاهرة معناها أن تخرج المرأة مظهرة مفاتنها وكاشفة شعرها ،وأن الزينة الظاهرة تشمل جميع جسدها ما عدى العورات المغلظه ، كما وأباح لها الاختلاط والخروج بكل حرية ، ملقيا وراء ظهر بكل النصوص الأخرى التي تخصص هذا الإطلاق في الزينة الظاهرة ومأولا بعض النصوص ، كقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة (لا يظهر منك الا هذا وهذا ) مشيرا الى يديها ووجهها ، فيرد الحديث ويطلق فهمه السقيم على أن الزينة الظاهرة بأنها تشمل كل مفاتن المرأة ،ويقول بأن الحجاب والعبودية كلمتان لمعنى واحد ،وأنه لايمكن تحرير المرأة ما يتحرر جسمها ،وكأن كل ما يراه هذا الداعي الى الفحشاء لايعجبه مما تزدحم به الاسواق ووسائل الإعلام من العري والتكسر والاختلاط والفساد ،فعَمََََدَ الى المتحجبات الطاهرات يريد أن يجرًّدُهُنَّ من لباس عفافهن ،وكأن من يقرأ غثاءه يظن بأن المرأة تجبر على الحجاب جبرا ويصم هو وأمثاله آذانهم ويستغشون ثيابهم عندما تقول الملايين من النساء أنهن اخترن الحجاب بملء إرادتهن ، والعجيب أن هؤلاء العلمانيون يصرخون دوما ويطالبون بحرية التعبد ولا تجدهم يطعنون الا في عبادة المسلمين ، ويعتبرون اختيار اللباس حرية شخصية ولو كان ورقة من التوت ، ثم يهاجمون الحجاب ،وينكرون على الناس تعدد الزوجات ويشنعون على من يفعله وإن كان متنفسا للأرملة والمطلقة وحلا للعنوسة وأنه على كل حال زواج شرعي ومستقر ان توفر العدل عند الرجل والصلاح عند المرأة ،ويسكتون بل يبيحون تعدد الخليلات والاختلاط بين النساء والرجال ، بل ينكرون على من أنكر ذلك ،يريدون الحرية كما يريدون ووفق ما يريدون ،ولمن يريدون ، ولا تراهم يطعنون في دين شركي أبدا ،بل يدافعون عن خزعبلات الاديان الاخرى وشركياتها ومناقضتها للمعقول بحجة حرية الاعتقاد واحترام الآخر ،ولا يفعلون ذلك أبدا عندما يتعلق الأمر بالاسلام دين الحق الوحيد الموافق للعقل على وجه الارض ،
وهم لو كانوا يطرحون ما يطرحونه بعد أن حصلوا على العوم الشرعية من مظانـِّها لهان الأمر ،ولكنهم يقرؤون النصوص من الكتاب والسنة ثم يطلقون عليها أفهامهم المنحرفة ،لمجرد الطعن في الدين ، فهذا أحدهم يستغرب من قوله تعالى ( ما فرطنا في الكتاب من شيئ) فيهدم القرآن بقوله كيف للقرآن أن يحتوي على كل جزئيات الحياة والعلوم ، وما درى هذا الطاعن المتفذلك أن لفظ الكتاب المذكور في الآية هو (اللوح المحفوظ) وليس القرآن الذي بين أيدينا ،ولو أنه كان من أهل العلم لما اضطرب في فهم الآية لما لم يستوعبها عقله ولأعتقد أن هناك معنى اوسع من الذي فهمه ولعاد الى كتب التفسير ليجد ان ليجد في تفسير البغوي مثلا تفسير الآية بأن الكتاب هو اللوح المحفوظ ،ولكن إرادة هذا المتسلق وأمثاله هي الطعن وليس الحق ،لهذا انصرف ذهنه الى الباطل الذي يعتقده ،ويريد أن يسوق الناس اليه ، (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )