أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
شمال غزة: 70 شهيداً في مجزرتين ارتكبها الاحتلال ابو عمارة: سوء التخطيط وراء نتائج الفيصلي الشاب الأردني الذي طلب الرخصة من الملكة يرسب مرة أخرى والا: "جنون العظمة" يقود نتنياهو لإعادة الاستيطان في غزة استهداف قوات إسرائيلية بالخليل وبيت لحم والاحتلال يقتحم بلدات بالضفة بوتين : يجب اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية انخفاض الرقم القياسي العام لأسعار أسهم بورصة عمان المومني: لا ملف يعلو على ملف القضية الفلسطينية بالنسبة للأردن الخارجية التركية تعلق على تطورات المعارك شمال سوريا ماكرون يدعو لوقف فوري لانتهاكات وقف إطلاق النار بلبنان مسؤولة أممية: الطقس عنصر آخر لقتل الناس في قطاع غزة الجيش السوري: استعدنا السيطرة على نقاط شهدت خروقات في ريفي حلب وإدلب جيش الاحتلال ينفذ غارة جوية في جنوب لبنان الأردن .. جاهة إثر مقتل شاب بيد قاتل مأجور نعيم قاسم: وافقنا على الانتصار ورؤوسنا مرفوعة تايوان ترصد 41 طائرة عسكرية وسفينة صينية قبل وصول لاي إلى الولايات المتحدة مكرمون يشيدون بحرص الملك على تلمس هموم المواطنين إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي جنوبي نابلس الفيصلي يتعادل مع الصريح تحذير لسالكي طريق رأس منيف في عجلون : الرؤية منعدمة حاليا
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام دماء .. على أرض الكرامة

دماء .. على أرض الكرامة

19-05-2011 02:08 AM

عزيزة علينا جميعا كل قطرة دم أردنية تسيل في أي مكان من الدنيا، فكيف بها إذا سالت على أرض الكرامة؟! هذه الأرض التي سطرت تاريخ الأردن وأمجاده بدماء شهدائه، من أجناد الجيش العربي وإخوانهم من الفدائيين الفلسطينيين والمتطوعين العرب، فأعادت للأمة بعضا من كرامتها المهدورة وهزت أسطورة الجيش الصهيوني الذي ظن أنه لا يقهر.
قبل ثلاثة وأربعين عاما تعانقت البنادق وتلاقت الخنادق وتوجهت الفوهات نحو هدف واضح لا لبس فيه، وسال الدم الطاهر غزيرا ليتمازج في بوتقة التضحية والفداء، دفاعا عن ثرى الأردن، ودفاعا عن حق الفلسطينيين في وطنهم، والعرب في قدسهم، والأهل في عودتهم لديارهم وبيوتهم وبياراتهم وأرضهم.
واليوم .. ماذا حدث؟! هل تاهت فوهات البنادق وفقدت بوصلتها؟! أليس الأردن مع "حق العودة" وأول المطالبين به؟! أليس الأردن جمل المحامل الذي تحمل أشد الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والسياسية نتيجة تهجير ملايين اللاجئين والنازحين وبقائهم واستمرار معاناتهم على أرضه على مدى ستة عقود؟!
كنا نتوقع أن تسيّر الحكومة جنودها وأجهزتها وموظفيها وتحشد حافلاتها وإمكاناتها وإعلامها بكل طاقاتها لتشارك في مسيرة العودة، وليكون العدد مئات الألوف بدلا من بضع مئات! فالأردن ؛الدولة والشعب بكل منابته وأصوله وطبقاته وفئاته والموظفون الحكوميون والأمنيون والشرطة والدرك هم أول المستفيدين من إحياء "حق العودة" والضغط على دولة الاحتلال والعالم المنافق الذي يقف خلفها لتعويض الأردن عن معاناته الاقتصادية القاتلة ستين عاما! ومسيرة العودة - كما وصفها وزير الإعلام السيد طاهر العدوان- "تمثل حراكاً وطنياً يُجمع على أهدافه جميع الأردنيين؛ الدولة والشعب".
أتفهم –كما يتفهم وزير الإعلام- مشروعية استخدام رجال الأمن والدرك الحد الأدنى من الوسائل المتاحة لمنع وصول المتظاهرين إلى الحدود مع العدو الصهيوني "خوفا على أرواحهم بعد الأحداث الدامية التي وقعت على الحدود اللبنانية والسورية وفي بيت حانون في غزة وقلنديا في رام الله"، أو فلنقل التزاما منا بنصوص معاهدة سلام وادي عربة التي تقتضي الحفاظ على الحدود من أية اختراقات، لكن الذي لا يتفهمه أحد هو استخدام الرصاص الحي الذي أوقع جريحين، أحدهما استقرت الرصاصة في عموده الفقري ويرقد الآن تحت العناية المركزة في المدينة الطبية، والآخر من سكان مخيم البقعة اخترقت الرصاصة بطنه وظهره وخرجت من جسده وعولج من جراحه في المستشفى الإسلامي.

إن استخدام الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين العزل ليس له أي مبرر منطقي على الإطلاق، ويعد تصعيدا خطيرا في سجل العلاقة المتوترة أصلا بين السلطة والمعارضة، ولا مجال لمحاولة استغفال الرأي العام بادعاء النفي لحدوث إطلاق الرصاص، فأشرطة الفيديو موثقة، والشهود زادوا عن ألفي مواطن، معهم عشرات العرب والمسلمين والأجانب من المتضامنين المشاركين في الحدث، وفوق كل هذا وذاك الجرحى في المستشفيات، وجراحهم تثعب دما، والدم الأردني لم ولن يكون رخيصا في يوم من الأيام.
إن النظام الملكي الهاشمي في الأردن عبر ستين عاما هي عمر هذه النكبة التاريخية، لم يكن يوما نظاما دمويا ثأريا، بل كان على الدوام متسامحا رحيما استيعابيا، أحسن إلى أكثر المسيئين إليه، بل رفعهم وأمدهم واستأمنهم وصنع منهم أخلص المخلصين بعد أن كانوا أشد المعارضين، هذه السياسة الحكيمة التي افتقرت إليها معظم الأنظمة الحاكمة في العالم العربي ودول العالم الثالث، فلم نسمع يوما عن إعدام معارض أو انقلابي، ولم يستخدم الرصاص يوما في مواجهة متظاهرين عزل.
لقد خرجت من وزير الإعلام عبارة شديدة الصراحة وشديدة الأهمية في آن واحد وهي قوله: "لقد أظهرت أحداث أمس عند نصب الشهداء غياب التواصل والتنسيق بين الحكومة وأجهزتها من جهة وبين ما يجري على الأرض من نشاطات وفعاليات شعبية"، وليسمح لي معاليه أن أصحح تصحيحا بسيطا على عبارته فأؤكد أن عبارته هذه واعتذاره برمته يدل على غياب التواصل والتنسيق بين حكومته من جهة وأجهزتها الأمنية من جهة أخرى، مما يدل دلالة واضحة على أن هذه الأجهزة تتخذ قراراتها في كثير من الأحيان بناء على عقلية أمنية عرفية بعيدا عن التوجيهات الحكومية، وبأسلوب قمعي عنفي غير محسوب العواقب السياسية والاجتماعية.
ويكمل معاليه بقوله: "وكان يمكن تنظيم هذه المسيرة بين أجهزة الأمن وبين هذه الفعاليات بحيث تبدأ وتنتهي سلمياً"، وهذا عين الصواب، والسؤال هنا لماذا لم تترجم هذه الإمكانية على أرض الواقع كما ترجمت يوم الجمعة في المهرجان الذي عقد في نفس المكان وبأعداد تفوق عدد المشاركين بمسيرة العودة بأكثر من عشرة أضعاف؟! هل هو عجز الأجهزة الأمنية عن القيام بدورها في حماية المشاركين والإحاطة بالحدث نتيجة ضعف في القدرات الإدارية أو التجهيزات المادية؟!
أما عن الظاهرة المتكررة بتواجد أشخاص بلباس مدني يضطلعون بدور محوري في قمع المتظاهرين وضربهم بالأحزمة والعصي والحجارة وتكسير سياراتهم والاعتداء على الصحفيين وتحطيم كاميراتهم -لا أقول على مرأى من رجال الأمن ومسمع بل أقول بمشاركة متكاملة من الطرفين- ثم الادعاء بأن هؤلاء مواطنون من أهل المنطقة التي جرى فيها الحدث، فأظن أن في هذا إساءة بالغة لأهل الكرامة الكرام الذين يمثلهم رجالات من أمثال الأستاذ طاهر العدوان رجل الكلمة الصادقة والموقف الجريء، ويمثلهم شهداؤهم في معركة الكرامة وعلى أسوار القدس، ويمثلهم أسلافهم الذين كانوا ينبركون بدفنهم بجوار مقام النبي موسى عليه السلام على الطريق بين أريحا وبيت المقدس، والذين ظلوا دوما سندا لإخوانهم من عشائر التعامرة غربا، كما كانوا سندا وعونا لعشائر السلطية شرقا.
"دمنا ليس رخيصا" و"حارتنا ضيقة" و"نخشى تكرار أيلول جديد" .. عبارات مؤلمة وخطيرة ويائسة وقاتلة سمعتها بأذني ممن شاركوا في مسيرة العودة وعادوا مقهورين محبطين ناقمين حاملين، وسؤالي الذي يجب أن نفكر فيه جميعا: من الذي يدفعنا نحو هذا النفق المظلم؟ ولمصلحة من؟ ولأجل ماذا؟ ومن المستفيد؟ هل في هذا مصلحة الوطن؟ هل ما حدث يرضي جلالة الملك رائد المسيرة؟ هل ما حدث يحقق سياسة الحكومة أو الأهداف المعلنة لأي من أجهزتها التنفيذية والأمنية؟!
أما عن صورة الأردن أمام الرأي العام العربي والعالمي فقد رسمتها عدسات الكاميرات المحطمة والمهشمة على رؤوس الصحفيين وجراحات الأتراك والأوروبيين والمتضامنين الأجانب.
عبارات وشتائم عنصرية بغيضة –يعاقب عليها القانون- صدرت من أفواه رجال الأمن وأصدقائهم من رماة الحجارة وحملة الأحزمة والقناوي، على وزن "احمل ملوخياتك" و"على الجسر" و"شتيمة .. فلسطين اللي جابتك" وغيرها من الخطايا، وصفها الناطق الإعلامي باسم الأمن العام بأنها "تجاوزات وأخطاء بسيطة"، ولكن الخطيئة الكبرى التي لا تنسى على مر الأيام هي الرصاصات الآثمة التي سفكت "دماء .. على أرض الكرامة".

المهندس هشام عبد الفتاح الخريسات
hishamkhraisat@gmail.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع