زاد الاردن الاخباري -
مقال مارتن تشولوف – محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة الجارديان البريطانية :
قد تكون هناك خطة واسعة لتغيير ملامح الشرق الأوسط تكون وراء حادثة الفتنة داخل العائلة المالكة.
دارت المكالمة الهاتفية التي صدمت الحكومة الأردنية خلال الأسبوع الثاني من شهر آذار لهذا العام بين دائرة المخابرات العامة من جهة، وبين السفارة الأميركية في عمّان، حيث طلبت الأخيرة عقد اجتماع طارئ لمناقشة مسألة ذات أهمية وطنية. تفاجأ أجهزة الدولة، حيث كان الخطر يكمن في الجبهة الداخلية، حسبما قيل لهم، وسرعان ما قد يهدد العرش.
خلال ساعات، وجهت دائرة المخابرات العامة كل مواردها باتجاه أحد أفراد العائلة المالكة، الأمير حمزة بن الحسين، وهو ولي العهد السابق والأخ غير الشقيق للملك. وبحلول بداية شهر نيسان، وضع المسؤولون الأمير حمزة تحت الإقامة الجبرية في منزله ووجهوا اتهامات علنية لولي العهد السابق واثنين ممن عاونوه في التخطيط للإطاحة بالملك عبدالله.
وبينما يقارب المخططون على المثول أمام القضاء في عمان، تتوضح الصورة أكثر بما يخص الأسابيع الثلاثة التي اشغلت العائلة المالكة. سيوجه المدعون العامون، استنادا إلى تسجيلات هاتفية ورسائل ومحادثات مسجلة، اتهامات في قضية الفتنة ضد باسم عوض الله، وهو رئيس سابق للديوان الملكي الهاشمي، والشريف حسن بن زيد، وهو رجل أعمال من أبناء عمومة الملك.
لكن بعيدا عن المحاكمة، هناك دلائل على أن الخلاف العائلي قد يكون نتيجة لمؤامرة قيد التشكل ذات نطاق أوسع. إذ يظهر بوضوح متزايد أن تصرفات الأمير حمزة ومعاونيه الاثنين ما هي إلا نتائج لمخطط أكبر باء بالفشل، وهو مدعوم من أقرب حلفاء الأردن ا إذا ما تم انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لفترة رئاسية ثانية. حيث أنه مع تراجع أثر فترة ترمب الرئاسية، بدأت ملامح محاولاته لإعادة رسم خريطة إسرائيل وفلسطين بالتبلور، والتي بات واضحا أنه كان مخططا لها أن تتم عبر لعبة فريدة في السياسة الخارجية، أسماها صفقة القرن. لكن المسؤولين في إدارة الرئيس بايدن، الذين استعادوا الدبلوماسية التقليدية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، يخشون أن مصالح الأردن كانت ستتبدد في حال تم انتخاب ترمب لفترة رئاسية ثانية.
يقول المسؤولون في المنطقة إنه قد يكون هناك روابط بين الأفعال المزعومة للأميرة حمزة، والتي يصفها مسؤولون في عمان على أنها فتنة وليس انقلاب، وبين طريقة تعامل الولايات المتحدة مع قضايا الشرق الأوسط بقيادة صهر الرئيس الأمريكي ومبعوثه للمنطقة جاريد كوشنر، بدعم من صديقه وحليفه ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان.
الاتهامات الموجهة للأمير حمزة تقوم على أنه حاول كسب الدعم الشعبي خلال ثلاثة أحداث: وفاة سبعة أشخاص في شهر آذار في مستشفى في مدينة السلط بسبب انقطاع الأكسجين بسبب الإهمال، وإحياء ذكرى معركة الكرامة التي قامت عام 1968 بين إسرائيل والفلسطينيين، ونشوء حراك شبابي أردني قبل نحو 10 سنوات. يعلق مسؤول رفيع قائلا: "اتجه حمزة إلى السلط، ونحن نعلم أنه كان يخطط مع مساعديه لخطف الأضواء". ويضيف: "وتحول بعد ذلك الأمر من مجرد فكرة إلى عمل متسق ومنظم. فقد شملت هذه التحركات التفوه بكلمات ذات دلالات، واستخدام أساليب تثير الفتنة مثل التركيز على عوامل الإحباط وتسليط الضوء على المصاعب التي تواجه الشعب".
منذ الأشهر الأولى لرئاسة ترمب، فرض كوشنر والأمير محمد حضورهما عبر المشهد الإقليمي، الذي رسمه كل منهما بناء على نظرتهما للعالم المبنية على مبدأ المعاملات التجارية، واستعدادهما لمزج السلطة السياسية ومصالح الأعمال التجارية.
رأى كل منهما نفسه وكأنه صانع للتغيير، يكسران الحواجز بالإكراه والتخويف، ونبذا الحلفاء الذين رفضوا الخضوع لرغبتهم.
قال مسؤولون أردنيون إن العلاقة بين الأردن وواشنطن المبنية على ٥٠ عاما من التعاون الأمني وصلت مرحلة التأزيم خلال المرحلة الأولى من رئاسة ترمب، حيث استمر البيت الأبيض بمتابعة أجندته في الشرق الأوسط من خلال فريق من الموالين المخضرمين، مهمشين بذلك كل هياكل الدولة والمسؤولين الذين عادة ما تعامل الأردن معهم.
كانت أولى مخططات الإدارة هي محاولة لصنع السلام بين إسرائيل والفلسطينيين التي رمت بعرض الحائط بقواعد اللعبة التي حكمت عقود من المحادثات ، وحطمت التفاهمات التي كنا من الممكن بناء الاتفاق عليها. وعلى الرغم من تأثر الأردن المباشر بذلك، لم يكن على اطلاع على أي من عناصرها حتى إعلانها في بدايات عام 2019.
عندما تم الكشف عن الخطة، شعر القادة الأردنيين بخطر بالغ بسبب احتمال مشاركة الوصاية على الحرم الشريف في القدس، والتي حافظت السلالة الهاشمية عليها منذ عام 1924. عدا عن ذلك، رفضت الخطة عدة بوادر للخوض في محادثات للسلام من خلال ضم 30% من أراضي الضفة الغربية وغور الأردن، ونبذ المطلب الفلسطيني الأهم لعاصمة في القدس الشرقية. وكان هذا العرض مرفوضا لدى الأردن لدرجة أن رئيس الوزراء آنذاك عمر الرزاز حذر من أن اتفاقية السلام مع إسرائيل باتت مهددة.
الوصاية على الحرم الشريف، والذي يضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، جزء أساسي من شرعية الهاشميين، حيث أنها تسبق تأسيس كل من الأردن وإسرائيل.