كتب ماجد القرعان - لن ادخل في ما يجول باذهان المواطنين من قناعات حيال نظرتهم لمجلس النواب التاسع عشر بأنه أتى بفضل تدخل متنفذين أو باستخدام المال السحت كما يسميه البعض لكن وبالمحصلة بات مجلسا دستوريا رضينا به أم لم نرضى وبالتالي يتوجب حمايته والسعي الى معالجة ما يعتبره البعض خللا في التركيبة أو الأداء وهي بالعموم من مسؤوليات اعضاء المجلس الى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا .
وبالمقابل على الشعب افرادا ومؤسسات مجتمع مدني ان يتعاملوا مع هذا الواقع بصورة حضارية سواء نقدا أو اعتراضا على اداءه متبعين كافة الوسائل السلمية كقوة ضغط لتغيير الحال الى احسن حال سواء بسن قانون انتخابات جديد ينسجم مع رغبة الغالبية وحل المجلس لاجراء انتخابات مبكرة وفق قانون عصري .
واقع الحال ولعوامل تراكمية جراء اداء مجالس سابقة وتعامل المجلس الحالي مع العديد من القضايا الوطنية علينا الإعتراف ان الثقة باتت معدومة سواء بالسلطة التشريعية أم السلطة التنفيذية ولنا في رؤية جلالة الملك خير دليل وتاكيد على ذلك والتي أكدتها توجيهات جلالته لكافة السلطات للاسراع في بلورة افكار ومقترحات من اجل تطوير العديد من القوانين والتشريعات وخاصة ذات الصلة بالشؤون السياسية ومن ضمن ذلك قوانين الانتخابات النيابية والبلديات والمجالس المحلية والأحزاب .
المؤسف انه لم يتحرك لبلورة هذه التوجيهات سوى مبادرة شخصية اقدم عليها رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز الذي باشر باجراء لقاءات مع مختلف مكونات الشعب من احزاب ومؤسسات مجتمع مدني وقيادات مجتمعية ونقابية كعصف ذهني على أمل ان يخرج بتصورات يُمكن البناء عليها فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ويكفيه ما تحمله من قوى الشد العكسي الذي تعاني منه الدولة الأردنية بوجه عام .
وعودة على بدء بخصوص موقف مجلس النواب من زميلهم النائب اسامة العجارمة الذي تلفظ في ساعة غضب بمفردة من حرفين اعتبرها بعض النواب انها طالت هيبة المجلس وانتهى المشهد بموافقة المجلس بالأغلبية على توصية للجنة القانونية تقضي بتجميد عضويته لمدة عام خلال جلسة لم تستغرق اكثر من ثلاثة دقائق وبصورة قال قانونيون انها تخالف الأعراف الدستورية التي تقضي بمنح اعضاء المجلس حق مناقشة توصيات اللجان النيابية قبل التصويت عليها ما فسره مراقبون بأنه أمر دبر بليل .
في قراءة لما بين ثنايا المشهد ان نوعا من التحدى حصل في لحظات غضب وانفعال من طرفين سواء من طرف النائب العجارمة الذي صاغ اعتذارا بكلمات مؤثرة يختلف عن صورة الاعتذار الذي رغب به الطرف الآخر من مجموعة النواب والذين سارعوا الى تقديم مذكرة واحالته الى اللجنة القانونية .
واقع الحال ان انفعال الطرفين أوصل الى ما وصل اليه المجلس في قراره بتجميد عضوية زميلهم فيما الأراء القانونية وقبل ردود الفعل الشعبية التي حملت تاييدا واسعا للنائب العجارمة التي تؤكد على عدم دستورية ما قام به المجلس ابتداءاً تؤكد ايضا ان صاحب الولاية في العودة عن القرار هو المجلس .
خلاصة القول وكما جاء في الأمثال الشعبية ان "مصارين البطن تتعارك وان العاقل من اتعظ بغيره والجاهل من اتعظ بنفسه" وعليه فان المصلحة العامة تقتضي حراك من قبل مجموعة من الحكماء وما أكثرهم لطي هذا الملف في اسرع وقت فقضايا الوطن اكبر بكثير من من مفردة من حرفين معنها الملح ... والله من وراء القصد