زاد الاردن الاخباري -
زيد النابلسي - دولة الأخ بشر الخصاونة رئيس الوزراء الأكرم،،،
أجد نفسي مضطراً أن أخاطبك مباشرةً وأنت الصديق الأصيل والأخ الكريم ابن الكرام الذي ما عرفته إلا مدافعاً عن الحق وعاشقاً لهذا الوطن الذي نفتديه بأرواحنا، إلا أن الموضوع قد خرج عن حده وأصبح لا يحتمل السكوت...
أمانة عمّان يا دولة الرئيس أعلنت في الصحف بأن عبارة مقتبسة من الكتاب المقدس للمسيحيين "تسيىء للأخلاق السائدة في المجتمع الأردني"، والعبارة هي:
"أمّا الوُدعاءُ فَيَرِثونَ الأّرضَ، ويَتَلَذَّذونَ في كَثرَةِ السَّلامَة"
ما هي الأخلاق يا سيدي الفاضل ويا صاحب الخلق التي تتنافى مع هذه العبارة الوادِعة المُسالِمة؟
كيف تسمح الدولة لموظف وكاتب بيانات في أمانة عاصمة هذه الدولة التي تأوي أقدم مسيحيي هذا العالم وعلى ترابها شيدت أول كنائسهم بأن يتفوّه بهذه الإهانة لكتاب يقدسه المواطنون الأردنيون المسيحيون كما يقدس المسلمون كتابهم؟
وأين هي الإساءة التي تحملها مقتبسات تمدح خلق الوداعة في الناس وتورث الأرض لمن يحملون صفة حب السلامة إلى حد التلذذ؟
نحن لسنا بحاجة اليوم للعودة للدستور أو القانون لبيان جريمة أن يصف أحدهم إنجيل المسيحيين بأنه يخالف أخلاق المجتمع الأردني، فهذا كلام جاهل ومعيب، والموضوع هنا مسألة أدب وتربية واحترام لأهلنا وإخوتنا وجيراننا وأحبائنا قبل أن يكون مسألة دستورية أو قانونية...
أما من يقول عهد قديم وعهد جديد، فهذا ليس موضوعنا، بل هو إهانة أخرى لمن تعتقد طائفته بالعهدين وتؤمن بهما، فهذا الجدال لا يعنينا ونحن لسنا مؤرخين كَنَسيين لكي نخوض في هذه المسألة التاريخية بين الطوائف المسيحية...
وحتى لا تكون ذاكرتنا سَمَكيّة، فهذه ليست المرة الأولى التي تسكت فيها الدولة عن مثل هذه السقطة الإقصائية البغيضة، فقبل خمس سنوات، وتحديداً في منتصف أيار 2016، قامت نفس جمعية دار الكتاب المقدس بنشر تهنئة مماثلة في عيد الاستقلال آنذاك، مُقتَبِسَةً عبارة أخرى من إنجيل المسيحيين تقول:
"بِبَرَكَةِ المُستَقيمينَ تَعلو المَدينَة"
ما شاء الله، دعوة إلى بركة الاستقامة وإلى عُلُوِّ مدينتِنا، فأين المشكلة بالله عليكم؟
(اليافطة القديمة من 2016 وما كتبته يومها على تلك الحادثة من صفحتي القديمة على فيسبوك في التعليق الأول)
يومها لم يتجرأ أحد على إهانة الإنجيل ووصفه بانه مسيء للأخلاق السائدة، وإنما كان الاحتجاج وإزالة اليافطة بذريعة أنها "عمل تبشيري"، وهذا كلامٌ مَعيبٌ أيضاً، فالعبارة تُبَجِّلُ خُلُقَ الاستقامة ولا تدعو أي مسلمٍ إلى تغييرِ دينِهِ أو اعتناق دينٍ آخر...
أما اليوم فقد خرج الموضوع عن نقاش عقيم حول التبشير من عدمه وانحدر إلى الإساءة المباشرة ووصف مشين لكتاب مقدس لدى أهلنا في هذا الوطن، ولذلك فإن صدور الاعتذار من قبل الدولة للمواطنين المسيحيين لا يحتمل الانتظار...
حمى الله الأردن بأهله الطيبين من كافة مشاربهم، بقرآنهم الكريم وبجميع كُتُبِهِم ونواميسهم ومزاميرهم، لا نُفَرِّقُ بين أحَدٍ مِنهُم...
وتقبل مني دولة الرئيس فائق الاحترام والتقدير...